القاهرة | في زيارته الأخيرة لتفقد سير العمل في العاصمة الإدارية الجديدة والمرور على بعض الطرق والمحاور السريعة بموكبه الضخم، أوقف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، سيارته وترجّل منها قاصداً سيارة سيدة وجدها تعمل سائقة أجرة على «ميكروباص»، في خطوة صورتها كاميرات الرئاسة التي رافقت السيسي في جولته. خرج «الجنرال» من سيارته المصفحة ليتناقش مع السيدة التي طلبت منه تسهيلات لتملّك سيارة أجرة بالتقسيط من أموالها، لكنه قرر منحها سيارة أجرة مرخصة وصالحة للعمل من أموال صندوق «تحيا مصر»، من دون النظر في مدى احتياج السيدة فعلياً أو فكرة توفير السيارة من مال الصندوق.تقول مصادر مرافقة للرئيس إن هذه المرأة مطلقة ولديها 4 أبناء، وهي سائقة أجرة على سيارة لأحد جيرانها، وإنها فعلياً كانت تسير بالمصادفة عندما قابلها موكب الرئيس عكس الاتجاه، ولم يكن معها رخصة بعدما سحبها منها أحد الضباط قبل أيام لمخالفتها شروط الترخيص لأنه «الميكرو» خاص ويمنع تشغيله سيارة أجرة. أياً يكن، حقق السيسي في ساعات حلمها بتملك السيارة، ووصلت إلى منزلها في المساء قبل أن تطل تلفزيونياً في وقت متأخر ويجري الرئيس مداخلة هاتفية معها يؤكد فيها أنها نموذج للمرأة المصرية، وأنه أراد تحقيق ما تتمناه من دون أن تفكر في سداد الأقساط. لكنه قال إنه إن كان لديها أموال كانت ترغب بها في شراء «الميكروباص»، فعليها أن تتبرع بها للصندوق.
السيسي وجّه خلال المداخلة لوماً إلى الإعلام لأن زياراته ولقاءته مع العمال لا يسمع فيها شكاوى من زيادة الأسعار أو صعوبة الحياة، لكنه بدا متغافلاً عن الأرقام الرسمية التي تعلنها أجهزة الدولة حول ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم خلال الشهور الماضية. تكتيك الرئيس واضح أنه مقصود مع ترقب موجة جديدة من ارتفاع الأسعار خلال الشهور المقبلة جراء تطبيق الدفعة الجديدة من الإجراءات الاقتصادية التي سترفع الدعم بصورة شبه كلية.
موقف السيسي مع هذه السائقة، التي انتشرت لها فيديوات في أوقات سابقة وهي تنتقد وزارة الداخلية وضباط بالمرور، لم يكن الأول من نوعه، فقد سبق أن استدعى فتاة من الأقصر تعمل على «تريسكل» في قصر الاتحادية ومنحها سيارة لتعمل عليها في إيصال الطلاب إلى المدارس بالإضافة إلى شقة لكي تتزوج فيها، وهو ما تكرر قبل أشهر أيضاً مع فتاة ظهرت وهي تجرّ عربة في الإسكندرية وتم تداول صورتها على نطاق واسع.
الواقع يؤكد أن الرئيس يتصرف في صندوق «تحيا مصر» كأنّه أموال خاصة به ينفق منها كما يشاء من دون معايير سوى مصادفة اللقاء أو مشاهدة صورة أو فيديو في برنامج أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي!
وصحيح أن السيسي أطلق هذا الصندوق في ولايته الأولى من أجل تنفيذ أنشطة متنوعة في المجتمع، كما أعلن أنه تبرع بنصف ممتلكاته الشخصية للصندوق، لكن هذا الأمر لا يعطيه الحق بالتصرف بالأموال من وجهة نظره، كما يقول اختصاصيون، وبعيداً من الإجراءات الرسمية التي يفترض أن تتم في مثل هذه الحالات عبر وزارة التضامن الاجتماعي أو الجهات المعنية. أكثر من ذلك، ينفق الرئيس من الصندوق، الذي استقبل تبرعات رجال أعمال وشركات، على بناء وحدات سكنية بديلة لسكان العشوائيات بدلاً من تحميلها على ميزانية الدولة، علماً أن فكرة الصندوق هو الدور الاجتماعي لا أن يكون بديلاً عن الحكومة.