القاهرة | على رغم إعلان الداخلية المصرية كشف هوية الانتحاري الذي انفجرت سيارته أمام معهد الأورام على كورنيش القاهرة، الأسبوع الماضي، فإن الأجهزة الأمنية لم تكشف عن هوية الجهة التي كان يفترض أن السيارة تستهدفها قبل أن تنفجر بالخطأ نتيجة حادث تصادم مع سيارة أجرة كانت ضمن احتفالات عروسين بخطبتهما. وفق البيان الرسمي، السيارة قادها «عبد الرحمن خالد محمود عبد الرحمن، من طلائع حركة حسم التابعة لجماعة الإخوان المسلمون والمطلوب ضبطه وإحضاره على ذمة إحدى القضايا الإرهابية». ونُشرت تفاصيل كاملة عن تحركاته في آخر يومين قبل الانفجار، ومن بينها لقاء لتوديع أسرته، وتحركاته بالسيارة الملغومة في شوارع العاصمة ليلاً بالإضافة إلى بعض الطرق التي سار فيها قبل الانفجار. أما السيارة التي قادها، فهي مُبلّغ عن سرقتها من محافظة المنوفية بدلتا مصر منذ أشهر، ولم يتمكن صاحبها من العثور عليها، ما جعل الأجهزة الأمنية تبدأ التحري عن المشتبه فيهم بسرقات السيارات ومدى علاقاتهم بأعضاء «حسم»، وكذلك عن أسر على علاقة بعائلة المنفذ.ورغم أن الأمن لم يكشف تفاصيل عمليات الدهم والملاحقة، فإنه أعلن استهداف 17 شخصاً في مواجهات مع الشرطة، ما أسفر عن مقتلهم جميعاً، في وقت أظهرت فيه اعترافات لمتهم تلقيهم تدريبات على تنفيذ عمليات من أشخاص في الخارج. مقتل 17 شخصاً، من دون إعلان وجود مصابين للشرطة أو الأسلحة المضبوطة التي يجب أن تتلاءم مع مقتلهم جميعاً، جدّد الحديث عن عمليات التصفية والقتل خارج نطاق القانون التي تقوم بها أجهزة الأمن بعد وقوع عمليات إرهابية، وهي سياسة متبعة منذ أكثر من ثلاث سنوات. ومع أن «حسم» أعلنت تعازيها لأسر ضحايا تفجير «الأورام» ونفت مسؤوليتها عن الحادث، لأنها لا تستهدف إلا ضباط الجيش و«الداخلية» وفق سياستها منذ ظهورها بعد الإطاحة بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي، فإن الوزارة قالت إن التنظيم هو المسؤول.
أعلن الأمن هوية الانتحاري لكنه لم يعلن المكان الأساسي الذي كان يقصده


الرواية الرسمية تعني أن «الأمن الوطني» («أمن الدولة» سابقاً») له نشاط فعال في الوصول إلى معلومات مهمة عن التنظيمات المسلحة في البلاد خاصة بعد ظهور «حسم» و«لواء الثورة» المحسوبَين على «الإخوان»، وأن الجهاز الأمني استطاع الوصول إلى أكثر من 80% من أفراد هذين التنظيمين الذين كشفوا بدورهم عن المزيد من المعلومات التي تخص نشاط التنظيمين وأفرادهما، ما سهّل تتبع حركة الجماعات، كما يجزم بصحة جزء من بيان «الداخلية» الخاص بتتبع سير السيارة من المنوفية، وظهور المتهم الرئيسي في مقطع فيديو مصور نُشر لوسائل الإعلام والرأي العام. كذلك، حديث «الداخلية» عن المنوفية كمكان سرقة السيارة المستخدمة في الحادث له حيثياته، وهي أن هذه المدينة تتمتع بظهر صحراوي استطاع عناصر «لواء الثورة» ثم «حسم» التدريب فيه وتنفيذ بعض العمليات ضد عناصر الشرطة هناك، بالإضافة إلى تمركز عناصر من «حسم» أيضاً في صحراء مدينة كرداسة بمحافظة الجيزة، حيث يتدربون بعيداً عن أعين الأمن.
مصدر أمني تحدث إلى «الأخبار» عن سيناريوهات تبحثها «الداخلية» حالياً على أن تعلنها لاحقاً، مشيراً إلى أن الشاب قائد السيارة لم يكن من القاهرة في الأساس، وربما لم يدرك جيداً طبيعة الشوارع ذات الاتجاه الواحد والاتجاهين، ما تسبب في دخوله بالخطأ إلى أحدها أثناء وجود المتفجرات في سيارته ثم اصطدامه بحافلة صغيرة هناك. وأضاف المصدر أن تقديراتهم النهائية أن الحادث وقع في المكان الخطأ، وعلى الأرجح «الجهة المقصودة كانت هيئة دبلوماسية أو مركز شرطي، لكن التصادم تسبب في الانفجار... يجري حالياً مراجعة مواكب تأمين المسؤولين لمعرفة هل كانت السيارة تستهدف موكباً سيمر أو اعتاد المرور من ذلك المكان أو قريباً منه». وتابع: «الضربات الاستباقية نجحت في إحباط عدد كبير من العمليات لكن العمليات الانتحارية لا يمكن إحباطها إذ تحركت بالفعل»، مشيراً إلى أن تبرؤ «حسم» من التفجير «لا يعني عدم مسؤوليتها عن الحادث الذي أصاب المدنيين وليس العسكريين، كما كانت عملياتها في السابق».