القاهرة | يستعدّ جهاز المخابرات العامة المصري لإجراء تغييرات واسعة في مجال الإعلام، ستطيح قيادات وتصعّد أخرى لتولي مناصب قيادية. وفيما يلفّ الغموض مصير عشرات العاملين المتوقع الاستغناء عنهم خلال الفترة المقبلة ضمن سياسة ترشيد النفقات، تواجه خطط تطوير عديدة تعثراً سبّب تعجيل حركة التغييرات. كان يفترض أن تنطلق الشهر الماضي خطة جديدة لتطوير شاشات التلفزيون المصري الأرضية، تشارك فيها المخابرات والرقابة الإدارية. وقد نُفِّذَت بالفعل «بروفات» عديدة على ذلك، واستُعين بمذيعين للتدريب في الاستوديوهات، من بينهم عاملون ضمن القناة الإخبارية لمجموعة «DMC»، التي لم تنطلق بعد، وتبدو شبه متوقفة، على رغم الاستعدادات الجارية لها منذ أكثر من عامين.وكان قد أُعلن رسمياً، قبل عدة شهور، دمج شبكة «DMC»، التي أدارتها المخابرات الحربية سابقاً، مع باقي الشبكات، لتكون تابعة للمخابرات العامة، تمهيداً لفرض السيطرة على جميع الشبكات المهمة الموجودة في مصر من خلال شركة «سينرجي» التي يترأسها تامر مرسي، لكن المفاجأة الكبرى أن تامر نفسه بات على وشك مغادرة منصبه في الشركة خلال الأيام المقبلة، حيث سيُعيَّن شخص آخر مكانه بإعلان رسمي. ومن ضمن الأسباب المتداولة للغضب على تامر مرسي، تعثر إطلاق القناة الإخبارية لـ«DMC»، التي كان يفترض تخصيصها للأخبار المحلية، مقابل بقاء قناة أخرى مرتبطة بتغطية الأخبار الدولية، فضلاً عن استمرار عملية الإنفاق على رواتب عمالة زائدة من دون الاستفادة منها.
حركة التغييرات المرتقبة هي السبب الرئيس في إرجاء المشاريع الدرامية


هكذا، يجري الإعداد لإعلان سلسلة خطوات للرأي العام، ترتبط بتطوير شبكة القنوات الخاصة أولاً، ومراجعة حسابات المكسب والخسارة في الفترة الماضية، ليس في ما يتصل بالمذيعين وبرامجهم فقط، بل أيضاً بجدوى استمرار الشبكات بالشكل الحالي، ما يرجّح إمكانية حدوث عمليات دمج وتقليص تستبق نهاية العام. حتى قبل أسابيع قليلة، كان تامر مرسي يحظى بدعم كبير من جهات مختلفة، من بينها المخابرات، لكن الغضبة عليه تصاعدت ليكون قاب قوسين أو أدنى من الرحيل، ما لم تحدث معجزة تبقيه في منصبه، في ظلّ تواصل مسؤولين في الجهاز مع الإعلاميين مباشرة، واتخاذ قرارات عديدة من دون الرجوع إليه.
وقبيل عيد الأضحى بأيام قليلة، أقصت شبكة «DMC» الإعلامي أسامة كمال من برنامج «مساء DMC» الذي تُقدَّم أربع حلقات منه أسبوعياً. إقصاءٌ جاء للدفع بالإعلامي رامي رضوان، الذي حصد إشادة من السيسي خلال إدارته جلسة «اسأل الرئيس» في «المؤتمر الوطني للشباب» بنسخته الأخيرة. ويأتي إقصاء أسامة، وهو رجل أعمال بالأساس ويمتلك شركات عدة، بسبب سخط المخابرات عليه، على رغم أنه معروف بولائه للنظام، لكن أحياناً يخرج عن النص ويتطرق إلى بعض الأمور التي لا تعجب ضباطاً كباراً في الجهاز، الأمر الذي دفع إلى إطاحته فجأةً، وبرفقته فريق الإعداد الذي عمل معه منذ انطلاق القناة قبل نحو 30 شهراً.
حركة التغييرات المرتقبة هي السبب الرئيس في إرجاء المشاريع الدرامية التي كان يفترض أن تنفّذها شركة «سينرجي» لرمضان المقبل. فعلى عكس العام الماضي، لم تعلن الشركة مبكراً التعاقدات مع نجوم الفن، في ظلّ سعي المخابرات إلى تنفيذ توجيهات الرئيس في مجال المضامين المُقدَّمة فنياً وإعلامياً. ذلك أن السيسي لم يعد قادراً على تقبّل ولو القليل من النقد، بل يريد أن يشاهد الإعلام الذي يتمناه، إعلاماً داعماً للدولة لا يعارض ولا يناقش، ويكتفي بتأييد كل ما يقال من دون حتى شرح التفاصيل أو السؤال عن أمور قد تبدو مثار جدل. أما الدراما والسينما، فيرغب في حصرهما في «نماذج وطنية» و«قصص كفاح»، كالتي يكرّم أصحابها في «مؤتمرات الشباب».