وبصورة عامة، تتطلّب إقامة هذه النشاطات في مصر موافقة المخابرات حتى على التفاصيل، فيما تتابع باقي الأجهزة الأمنية الحضور وأنشطتهم. ويأتي انعقاد «منتدى مسك» قبل أسبوع واحد من «منتدى إعلام مصر» الذي ينظّمه «المعهد الدنماركي»، بدعم واضح أيضاً من المخابرات، التي تسمح بإقامته للعام الثاني على التوالي داخل فندق «الماريوت» المملوك للدولة، على رغم نية المعهد استضافة معارضين. وهذا المنتدى، الذي تشرف على تنفيذه نهى النحاس، المسؤولة عن تنظيم فعاليات «منتدى شباب العالم» مع المخابرات، سيكرّر سيناريوات العام الماضي، بإتاحة مساحة كبيرة للحوار عن الحريات والعلاقة مع السلطة، واستضافة شخصيات بارزة غير مسموح لها بالظهور التلفزيوني أو حتى كتابة مقالات في الصحف المصرية، لكن بشرط ألّا يُنشر ما يقولونه داخل قاعات المنتدى. وفي العام الماضي، جلس معارضون بارزون على المنصة في الجلسة الرئيسة، متحدثين عن الصعوبات التي تواجه الإعلام وتضييق الحريات. وكان من بين المتحدثين وكيل «المجلس الأعلى للإعلام»، عبد الفتاح الجبالي، الذي دافع عن أحقية السلطة في اتخاذ قرارات بحجب المواقع والصحف، فيما جلس إلى جواره آخرون ينتقدون ما يحدث من تضييق وسط آمال بانفراجة. لكن بعد مرور عام، لا يبدو أن أمراً مهماً سيحدث، بل سيتكرر الموقف إنما مع أشخاص آخرين.
ينظّم جهاز المخابرات ملتقى إعلامياً آخر بعد أسبوع يجمع المعارضين
يقول البعض إن النسخة الثانية من «منتدى إعلام مصر» ستكون وثيقة لتسجيل الآراء المعارضة ومحاسبة أصحابها في ما بعد، أو على الأقلّ فهم توجهاتهم خلال اشتراكهم في النقاشات التي ترفع شعار الحرية. لكن آخرين يرون بتفاؤل أن هذه المعارضة تريد من السلطة الاستماع إليها إنما على استحياء، وحتى يكون هناك متنفّس «شرعي» في الداخل، وهو ما يراه كثيرون غير دقيق، وخاصة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سبق أن عبّر عن ضيقه من الإعلام وما يُبثّ فيه من محتوى «لا يجعل المواطن يشعر بالإنجازات التي يقدمها النظام»! مثلاً، على رغم أن «هيئة الاستعلامات»، المسؤولة عن الإعلاميين الأجانب، هاجمت قناة «بي بي سي عربي» على خلفية إجراء مذيعتها رشا قنديل مقابلة مع المقاول والفنان الهارب محمد علي، فإن المنتدى يستضيف مديرة مكتب القناة في القاهرة صفاء فيصل، لتتحدث عن «الفرق بين التجارب الغربية والتجارب المصرية» في الإعلام. على أيّ حال، تحاول النحاس تجميل صورة النظام الذي تتعاون معه، إذ إنها وجّهت الدعوة إلى عدد كبير من وسائل الإعلام الأجنبية، ليتكرر في النهاية السؤال عن جدوى المنتدى الذي يكلّف عشرات الآلاف من الدولارات التي يدفعها مموّلو الضرائب في الدنمارك.