القاهرة | انتهت حالة الترقّب بين مصر وقطر منذ توقيع «بيان العلا» لإنهاء المقاطعة بين الأخيرة و«الرباعي العربي». أمس، قرّرت القاهرة الدخول في مواجهة مع الدوحة، سواء بانفراد أو بتنسيق غير واضح المعالم مع أبو ظبي. ويُتوقّع أن تعود السجالات على المستوى الرسمي خلال الأيام القليلة المقبلة، على نحو يُنذر بمقاطعة مصرية تعيد تأزيم العلاقات التي لم تشهد تحسّناً، منذ الإطاحة بنظام «الإخوان المسلمين» في منتصف 2013، إلّا لأسابيع قليلة فقط.حالة الهدنة وحتى المغازلة انتهت رسمياً، والحرب الإعلامية ستزداد، خاصة مع تحفّظ القاهرة على التصرّفات القطرية وما تراه «تجاوزاً» بحق النظام المصري، فضلاً عن أنه لم يتمّ الوصول إلى اتّفاقات أو تسويات في عدد من القضايا المُعلّقة. والغضب ليس بسبب سعي قطر إلى إنهاء مشكلاتها مع السعودية أولاً، وتأجيل مصر إلى نهاية المطاف، بل هو، كما تنقل مصادر مطّلعة، «نتيجة التمادي في التجاوزات والتجاهل سواء عبر قناة الجزيرة وطريقة تعاملها مع تطوّرات أزمة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني وليس أخيراً ذكرى ثورة يناير، أو على المستوى الدبلوماسي مع وجود كثير من القضايا العالقة بين البلدين على رغم إعلان إعادة افتتاح السفارة المصرية لدى الدوحة وفتح المجال الجوي أمام الطيران القطري».
عادت الاتّهامات المصرية للدوحة مجدّداً بوصفها «راعياً للإرهاب وجماعة الإخوان»


في التفاصيل، جرت خلال الأيام الأخيرة اتّصالات مكثفة بين الخارجية المصرية وأجهزة أمنية في الدولة من جهة، والإمارات والبحرين من جهة أخرى، لبحث التطوّرات التي كانت السعودية على اطّلاع وعلم بها مباشرة. وشهدت الاتّصالات انتقاداً لما وُصف بأنه «بطء متعمّد، وتلكّؤ غير مبرر» من المسؤولين القطريين في حسم عدد من البنود التي كان يُفترض أن تكون أولوية. لكن التحرّك الأول جاء من القاهرة أمس، بعد تقارير وتقديرات وصلت الرئاسة، وبناءً على اتصالات أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الأيام الماضية لكنها لم تُعلَن. تكشف مصادر أنه في الساعات الماضية رفض أمير قطر، تميم بن حمد، زيارة القاهرة لفتح صفحة جديدة، على رغم أن هذا كان طلباً مصرياً منذ انعقاد «العلا»، ولا سيما إثر تَحفّظ السيسي على حضور القمة في السعودية، وتفضيله إنابة وزير الخارجية، سامح شكري، للتعبير عن أن الموافقة المصرية جاءت على مضض بعدما لم تُفرض «شروط حقيقية» من الرزمة التي أُعدّت وقت قرار المقاطعة.
هكذا، عادت الاتهامات المصرية للدوحة مجدّداً بوصفها «راعياً للإرهاب وجماعة الإخوان»، فيما نشطت اللجان الإلكترونية التي تديرها المخابرات لانتقاد النظام القطري مباشرة. كذلك، تُدرس إجراءات تصعيدية بينها إغلاق الأجواء أمام الطيران القطري، إلى جانب التضييق على الاستثمارات القطرية. كما استقبل مكتب السيسي، أمس، سيناريوات مقترحة للتصعيد خلال الأيام المقبلة، وفق تقديرات تشرح الخطوات وتُفنّدها، وتدرس الاحتمالات كافة قبالة ما وصفته التقارير بـ«التوجّهات العدائية المحتملة من النظام القطري». أمّا الإمارات التي كان لديها تحفّظ من البداية على المصالحة، فتُتابع الخطوات المصرية، علماً أنها كانت شريكاً في بعض النقاشات خلال الأيام الماضية، على رغم أن المصادر تشدّد على أن مصر «لا تنتظر موافقة مسبقة من أبو ظبي... مع سقف محدّد للقرارات المنفردة التي دخل بعضها حيّز التنفيذ بالفعل خلال الساعات الأخيرة». وسط ذلك، بدأت الكويت، وسيط الاتفاق، فتح قنوات للتواصل مع القاهرة على رغم انشغال الديوان الأميري بالأزمة بين الحكومة والبرلمان، لكن المسؤولين المصريين يطالبون بالضغط على قطر لتقديم بعض التنازلات العلنية وليس أقلّها ما يتعلّق بخطاب «الجزيرة».