القاهرة | على الرغم من تطبيق النظام المصري عقوبات صارمة على الموظفين المنتمين إلى جماعة "الإخوان المسلمون" في الجهاز الإداري للدولة خلال السنوات الماضية، ولا سيما بعد تصنيف الجماعة "إرهابية" بحكم قضائي وبقرار من مجلس الوزراء، إلا أن تلك العقوبات لم تكن كافية برأي المخابرات، التي تسعى إلى تمرير قانون أكثر تشدّداً عبر حزب الأغلبية البرلمانية "مستقبل وطن". وينصّ مشروع القانون الجديد على فصل العاملين في مؤسسات الدولة الذين يَثبت انتماؤهم إلى "الإخوان"، على أن يتمّ استبعادهم من العمل بشكل مؤقّت، وفي حال ثبوت الانتماء بعد التحرّي، يتمّ فصلهم نهائياً مع أحقّيتهم في المعاش الذي يشكّل عادة نحو ربع الأجر الذي يتقاضونه، وربّما أقلّ في بعض الحالات.وجاء طرح المشروع الجديد بعد اتهام وزير النقل، كامل الوزير، قبل أيّام أمام البرلمان، "الإخوان"، بالمسؤولية عن التسبُّب في حوادث القطارات الأخيرة، متحدّثاً عن غياب المجيز القانوني لمنع الموظّفين المنتمين إلى الجماعة من العمل، ولافتاً إلى اكتفائه بنقلهم من مواقع حيوية إلى مواقع روتينية، حتى لا يكونوا أصحاب قرار أو ذوي مسؤولية في أيّ أعمال. وبعدما كان القانون يقيّد، بالفعل، بشكل كبير، قدرة الحكومة على الاستغناء عن العاملين في الجهاز الإداري من دون أسباب أو أحكام قضائية نهائية، فإن التشريع الجديد، المقرّر مناقشته وإقراره من البرلمان بعد إجازة عيد الفطر، سيُمكّن الدولة، ليس فقط من الاستغناء عن المتعاطفين مع "الإخوان"، بل عن جميع المعارضين للسياسات القائمة.
ويدمج مشروع القانون، المُقدَّم من حزب "الأغلبية"، بين التعاطف والانتماء إلى "الإخوان" وبين "المحرّضين على الدولة من خلال صفحات مواقع التواصل الاجتماعي"، وهي عبارة فضفاضة للغاية تتضمّن أيّ انتقاد مرتبط بالمشاريع التي تنفّذها الدولة، أو حتى القرارات التي تتّخذها الحكومة، بما فيها قرارات رفع الأسعار وتخفيض الدعم التي تُتّخذ في بداية تموز/ يوليو من كلّ عام، ضمن خطّة "برنامج الإصلاح الاقتصادي". وعليه، يتمثّل الهدف الرئيس من القانون في تقليص دائرة المنتقدين عبر مواقع التواصل الاجتماعي للنظام، وهو واحد من سلسلة إجراءات بدأ العمل عليها بالفعل للحدّ من حملات السخرية من الرئيس وقراراته، بحيث لا يبقى من الانتقادات إلا تلك العائدة إلى المقيمين في الخارج، أو الحسابات الوهمية التي يجري تتبّعها خلال الفترة الحالية عبر تقنيات متطوّرة تستخدمها وزارة الداخلية.
وعلى رغم عدم وجود بند قانوني يمنع استخدام الموظفين حساباتهم الخاصة في التعبير عن آرائهم، إلا أن القانون الجديد المتوقّع أن يدخل حيّز التنفيذ قبل نهاية العام الجاري، سيكون مقيِّداً لكثير من الانتقادات، في وقت بدأت فيه شركات القطاع الخاص تطبيق البنود نفسها استجابة لتعليمات أمنية، ولتجنُّب التعرّض لمضايقات حدثت للبعض بالفعل، ووصلت إلى درجة إلغاء تعاقدات مع جهات شبه حكومية. ويمنح مشروع القانون النيابة الإدارية، وهي جهة قضائية تسيطر الحكومة على تفاصيل قراراتها عادة، حق تقرير مصير المتهمين بالانتماء إلى "الإخوان" والتحقيق معهم مع إمكانية فصلهم، مع الاعتماد على تحرّيات زملائهم في العمل وشهاداتهم، بما يُحوّل الموظفين في مختلف الجهات الحكومية إلى مخبرين بعضهم على بعض.
يذكر أن مشروع القانون لا يزال تنقصه بعض التفاصيل التي ستتمّ إضافتها لاحقاً، ومن بينها طبيعة الأجر الذي سيحصل عليه العامل خلال فترة التحقيق، وضوابط الإحالة إلى التحقيق، وإذا ما كانت ستقتصر على شهادات المديرين فقط أو على اعتبارات أخرى، فضلاً عن آلية استبدالهم بآخرين في ظلّ إغلاق باب التعيينات الحكومية بشكل كامل من جانب الحكومة منذ ثلاث سنوات.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا