القاهرة | جاءت زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للقاهرة، لتكسر الجليد في العلاقة بين مصر والجزائر، بعد تأجيل جزائري متكرّر لتلبية الدعوة المصرية. حفاوة الاستقبال المبالغ فيها، ساهمت في حسم مواقف سياسية على مستوى رئاسة البلدين، بدلاً من اللقاءات الثنائية التي تُعقد بشكل شبه دوري بين وزيري الخارجية. إلّا أنّ اجتماعات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع عبد المجيد تبون، على مدى يومين في القاهرة، لم تخلُ من نقاط خلاف، وتنازلات قدّمها الطرفان لبعضهما البعض، سواء في اللقاءات الثنائية أو اللقاءات الموسّعة. وقد ارتبطت هذه التنازلات ببراغماتية الطرفين، ورغبتهما في العمل معاً، حتى في ذروة الخلاف بالرأي والمواقف، خصوصاً في الملف الليبي.
وفيما يرغب الرئيس الجزائري في إنجاح القمة العربية المقرّر أن تستضيفها بلاده، في شهر آذار المقبل، وتمسّكه بإعادة طرح مسألة تدوير منصب الأمين العام، إلا أنّ هذا الأمر لم يلقَ استحساناً مصرياً، وعُلّق الحديث فيه بشكل شبه كامل، إضافة إلى مواضيع أخرى، مثل تفاهمات بشأن عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، في القمة المقبلة، والتأكيد على ضرورة أن يكون الأمر بتوافق عربي.
رغبة تبون التي تتوافق مع رغبة السيسي، سيتمّ دعمها والترويج لها بشكل مكثّف عربياً، خلال الفترة المقبلة، ليس فقط في الأوساط الخليجية، التي لا يزال لدى بعضها ممانعة لعودة سوريا، انطلاقاً من رغبتها في الحصول على تنازلات من النظام السوري، في مقابل هذه الخطوة، وأيضاً في مقابل العمل على إعادة تقديم هذا النظام للمجتمع الدولي كجزء من الأنظمة السياسية العربية، فضلاً عن المساهمة في عملية إعادة الإعمار.
يرغب تبون في إنجاح القمة العربية عبر ضمان حضور تمثيل خليجي ومصري قوي


وكان هذا الأمر أحد محاور النقاشات بين السيسي وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، في أبو ظبي، التي وصلها الرئيس المصري، أمس، في زيارة لم تكن مُعلنة، لكنّها جُدولت في إطار التحرّكات العربية ومناقشة القضايا الخلافية قبل القمة.
وبالعودة إلى اللقاء مع تبون، فقد جرت مناقشة الوساطة الجزائرية في ملف سدّ النهضة، والتي أبدت القاهرة تحفّظاً عليها، في وقت سابق. إلّا أنّ السيسي أبدى، خلال اللقاء، ترحيباً بأيّ دور يمكن أن يلعبه الرئيس الجزائري، في تقريب وجهات النظر مع الجانب الإثيوبي، في إطار التأكيد على ضرورة الوصول إلى اتفاق ملزم بشأن السد، وعدم المماطلة في دائرة المفاوضات العقيمة، التي تنتهي من دون التوصّل إلى أي نتائج حقيقية.
في المحصّلة، يرغب تبون في إنجاح القمة العربية، قبل الإعلان عن موعدها، عبر ضمان حضور تمثيلٍ خليجي ومصري قوي، والعمل على أنّ تكون هذه القمة الأولى، منذ عامين، التي تشكّل فرصة لإعلان قرارات حاسمة. وقد عكست التحرّكات الجزائرية هذا الأمر، في عدّة دول خليجية، سواء على مستوى وزارة الخارجية، أو حتى الاتصالات التي أجراها تبون.