القاهرة | لم تكن المصافحة بين الرئيسَين المصري عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب إردوغان، على هامش حضورهما حفل افتتاح كأس العالم في قطر، الأحد الماضي، سوى جزء من مشهد جرى ترتيبه مسبقاً بوساطة من أمير قطر، تميم بن حمد، لتنقية الأجواء، والمساعدة في استئناف العلاقات بين القاهرة وأنقرة، بعد قطيعة مستمرّة منذ إطاحة الرئيس المصري الراحل، محمد مرسي، قبل تسع سنوات. وهذه المصافحة هي الأولى بينهما أمام عدسات الكاميرا، بعد تجنُّبهما اللقاء المباشر خلال اللقاءات الدولية التي جمعتهما في السنوات الماضية، إلّا أن لقاءً ثنائيّاً مغلقاً لم يعلن عنه انعقد بينهما، من دون أن تُعرف تفاصيل ما جرى التطرّق إليه خلاله. وفيه، أكد الجانبان ضرورة العمل المشترك والتنسيق في عدّة قضايا، في ما من شأنه أن يسرّع مسار المصالحة بين البلدين، وخاصّة أن مباحثاتهما الاستكشافية، على مدى أكثر من 18 شهراً، لم تُسفر عن نتائج إيجابية جوهرية.وكشف مصدر رئاسي مصري، لـ«الأخبار»، أن «اللقاء لم يكن مصالحة كاملة، لأن هناك بعض الأمور التي تناقش على مستويات أدنى، وإلّا لكان أُعلن عن تبادل السفراء بين البلدين مجدّداً»، مستدركاً بأن هذه الخطوة «اقتربت كثيراً، وباتت مسألة وقت». ولفت المصدر إلى أن «مصر قدّرت لتركيا تحرّكاتها للحدّ من التحريض على النظام قبيل دعوات التظاهر في 11 تشرين الثاني، وتقليم دور عدد كبير من قيادات الإخوان الموجودين على أراضيها، وهو أمر تتابعه القاهرة عن كثب». ويرتبط جزء من التفاهمات التي ستسرّع مسار استئناف العلاقات بين البلدَين، بالتعامل مع ملفَّين رئيسَين: الأوّل هو الملفّ الليبي، إذ تدعم تركيا حكومة عبد الحميد الدبيبة، فيما تدعم مصر حكومة فتحي باشاغا، ويُتوقّع أن يؤدّي التفاهم بين القاهرة وأنقرة إلى دفْع الحكومتَين نحو محاولة حلحلة الأزمة والخروج بتوافقات؛ والثاني مرتبط بملفّ غاز شرق المتوسط وترسيم الحدود البحرية، وهو الأقلّ إثارة للجدل، ولا سيما أن مصر تعترف بالحدود البحرية التركية معها، فيما تؤكد لليونان وقبرص أن التحالف الثلاثي معها لن يتأثّر على الإطلاق إذا استعادت القاهرة علاقاتها مع أنقرة، وأن السياسة الخارجية المصرية في التعامل مع أثينا ونيقوسيا، ستظلّ كما هي.
ثمّة محاولة لترتيب لقاء يَجمع وزيرَي خارجية البلدَين في القريب العاجل


ولا يوجد، حتى الآن، أيّ تحرك على المستوى السياسي العلني بين البلدَين، في انتظار انتهاء الاتصالات السريّة الجارية على مستوى جهازَي الاستخبارات، في محاولة لترتيب لقاء يَجمع وزيرَي خارجية البلدَين في القريب العاجل، على أن يَعقبه اجتماع قمّة بين الرئيسَين قد يحصل قبل الانتخابات الرئاسية التركية. وما يتردّد في القاهرة، على لسان أكثر من مصدر، هو إبداء إردوغان رغبةً في زيارة القاهرة قريباً، في خطوة ستَعقب تبادل السفراء. في هذا الوقت، تجرى مباحثات اقتصادية على مستوى رفيع، قد تدفع إلى إبرام اتفاق واسع يسمح بالتبادل التجاري بالعملات المحلية. وهو اتفاق سيعيقه أيّ تحرّك تركي في سوريا أو العراق، على خلفيّة تأكيد القاهرة رفضها تدخلات أنقرة العسكرية في الدول العربية، ما يمكن أن يدفع نحو تأزُّم الموقف بشكل أكبر في الأسابيع المقبلة، التي يُفترَض أن تشهد مزيداً من التقارب وزيارات على مستويات دبلوماسية رفيعة.