القاهرة | تُواصل الحكومة المصرية تنفيذ توصيات «صندوق النقد الدولي» بشأن القرض الذي سيُعرض على المجلس التنفيذي للصندوق في اجتماعه المقبل. وعلى رغم التزام السلطات بتحرير سعر صرف الجنيه، والذي أدى إلى انخفاض قيمته إلى أدنى مستوى لها (24.60 جنيهاً لكل دولار)، إلّا أنها تُواجه مصاعب في الامتثال لبقيّة الشروط، خصوصاً بعد إطلاقها المبادرات ذات الفائدة المنخفضة منذ فترة في السوق المصرية، سواء على مستوى الأفراد في ما يتعلّق بالتمويل العقاري أو تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسّطة أو حتى المرتبطة بالقطاع الصناعي. وفيما يتمسّك «النقد الدولي» بتوحيد سعر الفائدة، وهو ما بدأت الحكومة بتطبيقه عبر نقْل المبادرة المذكورة إلى وزارة المالية بدلاً من البنك المركزي، فقد أصدرت السلطات تعميماً بحظر إطلاق أيّ مبادرات بفوائد تمويلية منخفضة، كما قرّرت تجميد التسهيلات الممنوحة للقطاع الصناعي في هذا الإطار. ومن ضمن المبادرات التي جرى تجميدها أيضاً، مبادرة إحلال وتجديد السيارات القديمة بفائدة منخفضة، حيث توقّف استقبال أيّ طلبات جديدة، وحتى البتّ في الطلبات القائمة على الرغم من استيفائها جميع الشروط. في هذا الوقت، وفيما تلتزم الحكومة بعدم التدخّل في سعر الصرف ودعم العملة من الاحتياطي النقدي، فهي لا تزال ترفض فتْح باب الاستيراد على مصراعَيه كما كان قبل شهر شباط الماضي، على رغم بدء عملية حلحلة متأخّرات الاستيراد في عدّة قطاعات، من بينها السيارات والأدوية ومستلزمات الصناعة التي شهدت انفراجة كبيرة في الأسابيع الماضية، مع تكرار شكاوى رجال الأعمال للرئاسة، وتلويحهم بإغلاق المصانع نتيجة القيود المفروضة. ومع أن البنك المركزي تَحرّك في إطار تسهيل عمليات الاستيراد، إلّا أن تذبذب سعر الصرف، وعدم إتاحة العملة الصعبة من قِبل البنوك بشكل سهل، دفعا الشركات إلى التعامل مضطرّة مع السوق السوداء، بسعر أعلى من السعر الرسمي، في حين تَبرز صعوبة التسعير العادل للمنتجات، وتراجُع القوة الشرائية نتيجة ارتفاع الأسعار إلى الضِّعف على الأقلّ في الأشهر الثلاثة الماضية.
تُواصل قطر سعيها للتوصّل إلى اتفاقيات عادلة بخصوص الاستثمارات التي تعتزم ضخّها


على أيّ حال، فإن ما تسعى الحكومة إليه حالياً، هو زيادة عائداتها من الدولار بالتنسيق مع البنك المركزي وبعض الجهات التي يمكن أن تستقطب عملة صعبة في أعمالها مِن مِثل وزارة الإسكان، التي ستطرح أراضيَ للمصريين في الخارج يكون تسديد أثمانها حصراً بالدولار، إلى جانب مبادرة استيراد السيارات للمقيمين خارج البلاد من دون ضرائب أو جمارك، مع وضع المبلغ المطلوب كرسوم في البنك بالعملة الأجنبية، وصرفه بالعملة المحلّية بعد 5 سنوات من دون فوائد وبسعر الصرف المعتمَد في البنك في حينه. ومن بين ما تتطلّع إليها السلطات أيضاً، استقبال ودائع وشهادات للمصريين المقيمين في الخارج بعد توفير فائدة مرتفعة بالدولار، توازياً مع فرْض رقابة مشدّدة على التحويلات الواردة من الخارج في جميع البنوك، والتوصية بصرفها بالعملة المحلّية وفق السعر السائد في البنك.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تُواصل فيه قطر سعيها للتوصّل إلى اتفاقيات عادلة بخصوص الاستثمارات التي تعتزم ضخّها في مصر خلال الفترة المقبلة، ومن بينها الحصّة التي ستقوم بشرائها في شركة الاتصالات «فوادفون مصر»، والتي تملك الحكومة المصرية، ممثَّلة بـ«الشركة المصرية للاتصالات»، حصّة 45% منها، وتزيد قيمتها على 4.5 مليارات دولار. ومن المتوقّع أن يستحوذ «السيادي القطري» على نسبة تُراوح بين 20 و25% من الشركة على الأكثر، علماً أن الصندوق وضع مليار دولار في وقت سابق في البنك المركزي كجزء من أموال يضخّها في السوق المصرية من أجل تنفيذ عمليات استحواذ على شركات مملوكة للدولة. وتعرقلت عمليات الاستحواذ القطرية على عدد من الأسهم في الأسابيع الماضية، على الرغم من التفاهمات السياسية بين القاهرة والدوحة، نتيجة لرغبة الأخيرة في الحصول على حصص أغلبية حاكمة واستحواذات كاملة، وهو ما ترفضه الأولى التي تفضّل إبقاء جزء من الحصص في الشركات الرابحة في حوزة الحكومة، مع الإسراع في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية الذي يهدف إلى جعْل القطاع الخاص شريكاً في تلك الحصص، وهو ما سيضيف إلى الموازنة 10 مليارات دولار سنوياً على مدار 4 سنوات.