القاهرة | يحاول النظام المصري استكمال تجميد عمل نقابة الصحافيين على المستويات كافّة؛ هذه المرّة، عبر صناديق الانتخابات التي تستعدّ لاستقبال أعضاء الجمعية العمومية يوم الثالث من آذار المقبل، للتصويت في انتخابات التجديد النصفي، والتي تشمل انتخاب 6 أعضاء جدد في المجلس المكوَّن من 12 عضواً، إضافة إلى اختيار نقيب خلَفاً للنقيب الحالي ضياء رشوان، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس «الهيئة العامّة للاستعلامات». وعلى مدار عامَين منذ الانتخابات الماضية، لم ينعقد مجلس النقابة سوى لمرّات لا يتجاوز عددها أصابع اليدَين، كما أنه جمّد جميع القرارات الخاصة بالعمل الصحافي والنقابي، لتعيش «الصحافيين» فترة هي من أسوأ ما مرّ عليها، إذ لم تشهد ولو فعالية واحدة مرتبطة بالشأن السياسي أو الحراك العام، في وقت تستمرّ فيه تغطية واجهتها بلافتات حول إعادة التأهيل، بما لا يسمح بدخولها أو الوقوف أمامها سوى لعدد محدود من الأفراد.الآن، تأمل السلطات في إحكام سيطرتها على مجلس النقابة، بعدما استطاعت، عبر دعْم أسماء بعينها في المجلس الحالي، الاستحواذ على الأغلبية فيه، لينقسم بين 4 أعضاء محسوبين على المعارضة و«التيّار المستقلّ»، و8 محسوبين على التيّار الداعم للحكومة، قاموا بإقصاء زملائهم المُعارضين من جميع اللجان والمناصب. ودفَع النظام، إلى الواجهة، بمرشّحه الرسمي لمنصب النقيب، خالد ميري، رئيس تحرير صحيفة «الأخبار» اليومية، ورئيس لجنة القيد في المجلس الحالي، والذي حظي بدعم السلطة للترشّح للمنصب بعد منافسة شرسة مع آخرين. ويأمل ميري في معركة انتخابية سهلة نسبياً، ليس فقط لضمانه عدداً مرجِّحاً من أصوات الناخبين من داخل مؤسّسته، ولكن أيضاً لدعم الدولة له، والبدء في إجراءات حشْد لصالحه، والعمل على تحسين صورته عبر تخصيص مساحات واسعة في الإعلام للحديث عنه وعن رؤيته لانتخابات النقابة.
دفَع النظام إلى الواجهة بمرشّحه الرسمي خالد ميري للمنافسة على منصب النقيب


في المقابل، فضّل «تيّار الاستقلال»، الذي يعيش حالة من الجمود على المستويات كافّة، الدفع بعضو المجلس السابق، الصحافي خالد البلشي، للمنافسة على منصب النقيب، في مهمّة تبدو صعبة للغاية، ليس فقط لأن البلشي سبق وخسر انتخابات المجلس كمرشّح للعضوية، وإنّما أيضاً لعدم وجود توافُق عليه بين مختلف أعضاء التيّار، من جهة؛ ولأن الدفع به كمرشّح ضرورة جاء بعد اعتذار شخصيات عدّة عن الترشّح، أبرزهم النقيب الأسبق يحيي قلاش، والدكتور عمرو الشوبكي الخبير في «مركز الأهرام للدراسات»، من جهة أخرى. وسُجّل عزوف أسماء كان يمكن أن تُشكّل إضافة للعمل النقابي عن الترشّح، في ظلّ القيود المفروضة على الصحافة، وغياب أيّ رؤية للتعامل مع الأزمات التي تُعانيها الأخيرة. وبينما تُجهّز السلطات قائمة تتضمّن 8 مرشّحين، تأمل نجاح 6 منهم، يخوض صحافيين عدّة السباق، متطلّعين إلى الحصول على دعم حكومي، خاصة في ظلّ غياب القائمة النهائية حتى الآن.
وتتّفق الأجهزة المعنيّة بملفّ العمل النقابي، على ضرورة استبعاد عدّة شخصيات معارِضة من المجلس الحالي، والحشد لإسقاطها، وهو ما لن يكون سهلاً بالضرورة، لا سيما وأن الانتخابات ستَجري تحت إشراف قضائي كامل. وعليه، فإن عملية الحشد والتلاعب المحتمل بالتصويت لصالح مرشّحين على حساب آخرين، ستكون محدودة على الأرجح، خصوصاً وأن شيئاً من الشفافية يَطبع دائماً الاستحقاقات الانتخابية في النقابة، اللّهم إلّا إذا اتُّخذت قرارات صريحة تقيّد فُرص المرشّحين ومندوبيهم في حضور عملية فرز الأصوات، وهو أمر سيتّضح مع تشكيل اللجنة القضائية المشرفة على العملية، والتي ستتألّف من مستشاري النيابة الإدارية. وجرت العادة أن تُقام الانتخابات في الانعقاد الثاني المقرَّر يوم 17 آذار، في حال عدم اكتمال الانعقاد الأول المقرَّر في 3 آذار، فيما تبْقى المنافسة الأقوى على منصب النقيب، لتحديد شكل وآلية العمل داخل النقابة خلال الفترة المقبلة، علماً أن أن فوز خالد ميري المعروف بتواصله الوطيد مع أجهزة الأمن منذ سنوات، سيعني استمرار الجمود لعامَين آخرَين.