القاهرة | على غرار العملية التي قام بها الجندي المصري، سليمان خاطر، قبل أكثر من 3 عقود، نفذ جندي مصري عملية استهداف لجنود إسرائيليين عند الحدود قبل أن يستشهد. ويُعدّ الهجوم الأول من نوعه منذ سنوات طويلة، حيث تسلّل الجندي المصري إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، مستهدفاً عدداً من الجنود الإسرائيليين خلال ورديتهم الليلية على الشريط الحدودي، ما أسفر عن استشهاد الجندي المصري بعد قتله ثلاثة إسرائيليين وإصابته آخرين، فيما لاقى فعله احتفاءً شعبياً أكد أن إسرائيل لا تزال عدواً للمصريين.وفيما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الحادث بـ«الإرهابي»، أدرجته وزارة الدفاع المصرية في إطار تبادل لإطلاق النار مع مهربين. كذلك، قدم وزير الدفاع المصري العزاء لنظيره الإسرائيلي، واصفاً جميع من سقطوا في الحادث بـ«الضحايا»، بينما عملت الاستخبارات العسكرية بشكل سريع على احتواء التداعيات البينية التي لا يُتوقع أن تستمر طويلاً.
ووفق المعلومات التي توافرت لدى الجانبين، فإن منفذ العملية أعدّ جيداً للهجوم، وهو ما تجلّى في تسلّله عبر إحدى نقاط الشريط الحدودي في موعد وجود الجنديَّين الإسرائيليَّين المتمركزَين للحراسة، وأيضاً في تخفّيه بعد قتله إياهما بالقرب من موقع تمركزهما في منطقة المراقبة، حيث انتظر وصول زملائهما في الصباح، ليشتبك معهم ويقتل مجنّدة إسرائيلية ويصيب آخرين، قبل أن يسقط شهيداً في العملية التي استغرقت عدة ساعات ولم تكتشف على الفور.
وبالرغم من الحديث عن إحباط عملية تهريب مخدرات بمبالغ مالية كبيرة قبل ساعات من الحادث، إلا أن الحادثين منفصلان بشكل كامل، فيما عُلم أن الجانب الإسرائيلي لم يتواصل مع المصريين قبل الذهاب إلى أبراج المراقبة التي استهدفها الجندي، في ظلّ فقدان الاتصال بالجنود لساعات قبل اكتشاف مقتلهم. ووفق مصادر «الأخبار»، فإن تحقيقات عسكرية فتحت على الفور مع القادة والمسؤولين عن الجندي منفذ العملية، وجرى على مدار الساعات الماضية استجواب موسع لجميع زملائه وعدد من أقاربه وأصدقائه، بالإضافة إلى قادته، ومراجعة سجل ملفه وحيثيات اختياره للعمل في هذه النقطة الحدودية، بالإضافة إلى جميع تحركاته في الأيام السابقة.
يبدو التنسيق المصري - الإسرائيلي في أعلى مستوياته


ومن بين الأمور التي يجري التحقيق فيها حجم المعلومات التي اطلع عليها المنفذ، وما إذا كانت لديه بوادر لعمل مسلح من قَبل لم يتم الالتفات إليها، بالإضافة إلى كيفية حصوله على هذه الكمية من السلاح بمفرده، وتحضيراته الطويلة للعملية بهذه الدقة ومن دون مساعدة أحد. ولعلّ ما تسعى إليه القاهرة الآن، هو تجاوز تداعيات الحادث واعتباره كأنه لم يكن، مع نيّتها اتخاذ عقوبات فورية تصل إلى حد إحالة ضباط على التقاعد، وإحالة قادة عسكريين مسؤولين بشكل مباشر عن الجندي منفذ الهجوم إلى التحقيق. وهي خطوات، وإن كانت روتينية، إلا أن إبلاغ الجانب الإسرائيلي بها يؤكد عدم وجود متغيّرات حقيقية على الأرض.
على المستوى العسكري، يبدو التنسيق المصري - الإسرائيلي في أعلى مستوياته، مع تعهدات مصرية بمراجعة الإجراءات المتخذة عند اختيار القوات الموجودة على الشريط الحدودي، لضمان عدم تكرار مثل هذا الحادث مستقبلاً، والتأكيد أن الحوادث الفردية لا يمكن أن تؤثر على العلاقات المستمرة في مسار التأمين بين الجانبين. وأبدت القاهرة استعداداً لتنفيذ أي إجراءات مشتركة تضمن إحكام السيطرة على الحدود بشكل أكبر على مسار الـ 240 كلم. وبينما تؤدي قوات حفظ السلام الدولية دوراً روتينياً، يدور الحديث عن خطّة قريبة جداً من أجل زيادة أبراج المراقبة على الشريط الحدودي، وإضافة كاميرات مراقبة، واستخدام تكنولوجيا أحدث من تلك الموجودة حالياً. سياسياً، التزمت القاهرة الصمت رسمياً على ما أُعلن من الجانب الإسرائيلي، لأسباب عدة؛ في مقدّمتها التنسيق السري، وتفهّم الوضع الداخلي الإسرائيلي المعقّد وسيطرة اليمين المتطرف وما سيصدر عنه من مواقف وتصريحات، بالإضافة إلى الرغبة في ترك فرصة لحكومة نتنياهو من أجل تهدئة حالة الغضب الناتجة من الحادث.