الأرز | عام 1999 انطلقت شركة "روكسانا". في موقع مميز ومنفرد في منطقة الأرز بدأت الشركة اللبنانية العمل في مجال البرمجيات لمصلحة شركة فرنسية. تعود فكرة انشاء الشركة، بحسب مؤسسها بول طوق، الى عام 1999 عندما قرر العودة الى لبنان بعدما كان يعمل في شركة "ايزي فيستا" الفرنسية في مجال البورصة لمدة عشر سنوات. وقد طلبت منه الشركة الفرنسية ان يعمل معها من لبنان في حال اراد العودة اليه.
ولذلك، استأجر شاليه في منطقة الارز وكان في حاجة الى اتصال بشبكة الانترنت التي كانت لا تزال في بداياتها بلبنان في ذلك الوقت، فكان يتم ذلك عبر سنترال قديم كان ثكنة للسوريين في منطقة الارز. هكذا كانت البداية.
بعد مرور نحو ستة أشهر على الانطلاقة، جاء الى الشركة عدد من الشباب من منطقة بشري وعرضوا على طوق ان يتدربوا على العمل لديه. وهكذا كان، بدأ الشباب بالتدريب وتعلموا كيفية العمل، وخلال سنتين اصبحت لديهم خبرة في مجال البرمجيات، وبدأوا يعملون لتقديم الخدمات للزبون الفرنسي الوحيد آنذاك.
ويوضح طوق: "بدأ فريق العمل يكبر وبدأت الشركة الفرنسية تطلب خدمات بشكل اكبر حتى اصبح لروكسانا زبون ثان في فرنسا وثالث في الولايات المتحدة. وبدأت الشركة بتقديم خدمات لشركات خارج لبنان تختص بصنع البرمجيات وبيعها، وكانت شركتنا المختبر لتلك الشركات في لبنان في اطار البحث والتطوير".
في ظل مناظر طبيعية خلابة، يعمل موظفو شركة "روكسانا" اليوم صيفاً وشتاءً متحدّين عوامل الطقس البارد والثلوج، في جو عائلي مميز. الشركة التي بدأت أعمالها عبر تقديم الخدمات لشركات اوروبية واميركية منتجة وناشرة لبرمجيات، منذ انطلاقتها، تحولت الى شركة ناشئة Startup منتجة للبرمجيات عام 2009 بعد وقوع الازمة الاقتصادية العالمية.
يركز عمل الشركة حالياً في مجال انشاء البرمجيات او Software للشركات، وهي تجهد اليوم لانتاج برنامج Implify وتطويره كي يكون جاهزاً للاستخدام خلال شهرين من الآن.

ترتكز الشركة إلى نظام الاكتفاء الذاتي خصوصاً انها موجودة في منطقة الارز حيث تواجه صعوبة فصل الشتاء والثلوج وقطع الطرقات، فهي تقدم الوجبات اليومية صباحاً وظهراً وشتاءً لموظفيها من خلال كافيتيريا توجد فيها، اضافة الى اعمال الزراعة للحديقة المحيطة بها صيفاً، والتي يستفاد من مزروعاتها لتلبية حاجات المطعم في الشركة.

تحد عالمي

حول تجربة العمل لمصلحة شركة اميركية في نيويورك، يشير طوق الى ان هذه الاخيرة أرادت مكننة وجمع معلومات حول السير الذاتية والوظائف المعروضة في المواقع المخصصة للتوظيف عبر شبكة الانترنت ومطابقتها مع بعضها البعض لمساعدة الشركات في عمليات التوظيف وذلك عبر ادخالها في نظام ومحرك بحث هذه الشركة.
ويوضح ان المشكلة تكمن في ان عملية المكننة تصبح صعبة في ظل وجود عدد كبير من هذه المواقع الالكترونية، خصوصاً لجهة عملية جمع المعلومات، إلا أن روكسانا قدمت اقتراحاً يقضي بايجاد حل واحد يسمح للشركة الاميركية بجمع المعلومات من كل المواقع مهما كان تصميمها او كبرها او اي شيء آخر قد يواجهها. لكن الاخيرة رفضت هذه الفكرة بحجة ان ابحاثاً أجريت حول الموضوع في نيويورك وكانت النتائج سلبية.
يستفاد من اعمال الزراعة
للحديقة المحيطة بالشركة صيفاً لتلبية حاجات المطعم لتقديم الوجبات للعاملين
هذا الامر دفع روكسانا إلى الاقتراح على الشركة الاميركية إجراء البحث في لبنان وكان التحدي كبيراً، لكن النتيجة كانت ايجابية، الامر الذي جعل الشركة الاميركية تشتري المشروع بسعر مرتفع، وسجل هذا النظام باسم طوق وباسم صاحب الشركة الاميركية، وهي لا تزال تعمل على اكثر من 700 موقع في الولايات المتحدة. واستمرت الشركة بالتوسع وزاد حجم فريق عملها، وواصلت تقديم خدمات للشركات الاجنبية حتى جاءت عام 2009 حين وقعت الازمة الاقتصادية العالمية وحيث تأثرت الشركات الكبرى وزبائن روكسانا الاوروبيون والاميركيون بها فتراجعت الاعمال بنسبة 70%. عندها قررت ادارة روكسانا الانتقال الى مرحلة تصنيع البرمجيات او software واصبحت شركة ناشئة جديدة (Startup) تصنع منتوجها الالكتروني بنفسها الى جانب الخدمات التي انخفضت نسبة تقديمها الى الشركات.

الاستثمار في المعلومات

في هذا الاطار، بدأت الشركة الجديدة بالاستثمار في قطاع المعلومات "داتا" حيث ان معظم الشركات العالمية برأي طوق "ستواجه مشكلات اساسية في الداتا التي تمتلكها وفي كيفية اخذ قيم وافكار من هذه المعلومات، وبحثت الشركة كيفية الوصول الى حلول لاعطائها الى الشركات الاخرى كي تستفيد من الداتا التي تمتلكها وتحويلها الى معلومات مرئية، فكان مشروع IMPLIFY والتي تعني Information Management Simplify الذي يعطي القدرة للشركات على قراءة الداتا التي تمتلكها كلها وتحولها لمعلومات مرئية او ما يسمى بـ INFORMATIONS INTELLIGENCE".
مثال على ذلك، اذا اراد مصرف ما أن يعرف معلومات حول رأي عملائه بالخدمات التي يقدمها، يلجأ الى برنامج "امبليفاي" لتحويل هذه الداتا الى معلومات مرئية على شاشات الكومبيوتر.
وفي هذا السياق، يؤكد طوق "أن عالم الداتا في الشركات والمصارف اصبح جدياً اكثر من السابق، فهو لم يعد يقتصر على ما هو متوافر لدى هذه المؤسسات من معلومات فحسب، انما يتعداه إلى الداتا الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي لتلك المصارف مثل فيسبوك وتويتر وغيرها،" معتبراً انها "تمثل نفطها الذي يجعلها تسير، فالمصرف اصبح مجبراً على قراءة هذه المعلومات لانه على اساسها يبني الخطوات التالية التي يجب عليه اتخاذها".
وكشف طوق ان "برنامج IMPLIFY سيكون جاهزاً خلال شهرين، وأن بنك عودة سيكون اول زبون يبدأ باستخدامه في لبنان،" لافتاً إلى "ان الشركة تتطلع الى تسويقه في لبنان كمرحلة اولى ومن ثم تسويقه في الدول العربية كمرحلة ثانية، وفي الدول الاوروبية كمرحلة ثالثة وصولاً الى اميركا كمرحلة اخيرة، فالمصنعون لهذا النوع من البرمجيات عددهم قليل جداً".
ذكر طوق "ان شركة "اوراكل" كانت منافساً شرساً لروكسانا في محاولتها تصنيع هذا البرنامج الا ان امتلاك شركته طريقة اخرى مختلفة عن اوراكل سمحت لها بأن تقدم هذا المشروع لبنك عودة خلال شهر فقط، وان هناك مصارف لبنانية عدة على لائحة الانتظار لشراء هذا البرنامج عندما يصبح جاهزاً، منوهاً بالشركات اللبنانية التي دعمته وابدت استعدادها لشرائه على عكس كل التوقعات التي قالت بأن أحداً لن يشتريه منه.
التجربة التي عرفتها شركة روكسانا في هذا البرنامج كانت ايجابية، وقد تلقت دعماً من جهات رسمية، لاسيما من مؤسسة كفالات التي سهلت اعطاءها قرضاً بقيمة 400 الف دولار لسبع سنوات، كما حصلت على قرض من دون فائدة من البنك اللبناني الفرنسي لدعم اعمالها.




بين الأرز وجونية وصيدا

لشركة "روكسانا" اليوم في لبنان ثلاثة فروع. في صيدا حيث بدأ العمل مع شخص وحيد يعمل عن بعد مع فرع منطقة الارز الرئيس، ومن ثم افتتح مكتب في عاصمة الجنوب ليرتفع مع الوقت عدد العاملين فيه إلى ثلاثة أشخاص.
وفي جونية مكتب اخر يوجد فيه أربعة موظفين. أما المقر الرئيسي في الارز فيضم 18 شخص مقسمين إلى 11 مطور وأربعة اشخاص Business analyst يستخدمون المنتج ويجربونه عند الزبون ويتابعونه. وهناك ثلاثة اشخاص اداريين، اضافة الى صاحب الشركة بول طوق وزوجته ساندرا اللذين يديران الشركة وشخص اخر يعمل من فرنسا. وتتزود الشركة بكهرباء الدولة ولها اشتراك خاص بالمولد وتمتلك نظام UPS في حال انقطاع التيار الكهربائي كما يحصل عادة في فصل الشتاء مع العواصف والثلوج.