لو كان للمنطق أن يحكم هنا، لكان من المفترض أن تكون "كرة اليد" أكثر الألعاب الرياضية "شعبية" في العالم... لا كرة القدم.ليس "خبراًَ" أن يأكل إنسان بيديه، وليس خبراً بالطبع إن يقود أحد سيارته أو يسّرح شعره بيديه... لكنه يصبح "خبراً" حين يعزف إنسان على البيانو برجليه، أو يطبع على لوح الكومبيوتر بأصابع قدميه، أو يقص شعره برجله مثلاً...
اليدان في حياة البشر، أداة تفاضلية على الكثير من المخلوقات الأخرى. جاءت المكننة الحديثة لتزيد من هذا التميز.
ومع ذلك تبقى الرياضة الأكثر شعبية في العالم، الرياضة التي يستعمل فيها الإنسان رجليه لا يديه... غريب فعلا.
إنها من الامور الاضافية التي لا تخضع لأحكام المنطق العقلي. هنا أيضا تتفوّق الأرجل على علاقة اليدين بالدماغ.

■ ■ ■


منذ سنوات خرج "خبير الأعشاب" زين الأتات من الحياة الاقتصادية والاجتماعية اللبنانية والعربية وحتى الدولية بفضيحة مدوّية.
فضيحة تمت لملمتها بضغوط شتى، من دون أن يجيب أحد على تساؤل بسيط، هل تلك المستحضرات والعلاجات المفترضة التي بلعها الناس ودُهنوا بها لسنوات ودفعوا ثمنها آلاف الدولارات مجرد "أكل هوا"...أم هي فعلا دواء لكل داء.
بين ليلة وضحاها، تم منع بضاعة "الخبير" من التداول. اختفت عن رفوف المحال، وغاب هو عن الشاشات التي ملأها بعدما بات أكبر منفق إعلاني في السوق اللبنانية متفوقا على "بيبسي" و"كوكاكولا" و"ماكدونالدز".
فترة نقاهة بسيطة، ليعود زين بحملة إعلانية ضحمة مؤكدا للجميع ان بضاعته باتت اليوم في الصيدليات... وهل هناك مكان أكثر منها ثقة لدى المستهلك المريض؟
كيف خرج وكيف عاد، من دون حسيب ولا رقيب، لا أحد يسأل أو يسائل... يحدث ذلك في لبنان فحسب. مع الاتات وفي السياسة والاقتصاد والمجتمع....


■ ■ ■


بينما ينتظر الأتات جواز سفره الديبلوماسي كسفير للنوايا الحسنة من هيئة لم يقدر بحكم إنكليزيته الفصيحة أن يفرق بينها وبين أي من المنظمات التابعة للأمم المتحدة، يبادرك سؤال لا مجال للهروب منه.
هل تأتمن على صحتك رجلا استطاع أن ينخدع بهذه السذاجة؟
إنه فعلا بلد يليق بزين الاتات... بل كثير عليه!
أو قل إنها من الأمور الاضافية التي تتفوق فيها الأقدام على الأدمغة.