تخيّل مقطورة في شارع، ولكن بدل أن تكون مخصصة لبيع الهوت دوغ، أن تكون فرعاً لمصرف. ليس الأمر محض خيال أو مجرد تمنٍّ، بل واقع بدأت تلجأ إليه العديد من المصارف حول العالم. فالـ Pop-Up Branches، كما تعرف باللغة الإنكليزية، مرشَّحة لأن تكون إحدى الصيحات الأساسية في القطاع المصرفي في المستقبل، وتحديداً في مجال الفروع التي تعاني من هجمة التقنيات الحديثة. وإذا كان الهاتف الجوّال في يومنا هذا يقوم مهمات المصرف، فلماذا لا تكون الفروع أيضاً جوّالة؟ ففي عالم سريع الحركة وكثير التقلبات، يلبّي هذا النوع من الفروع النقّالة متطلبات العصر، ويساعد على حل الكثير من المعضلات والعوائق التي تواجه المصارف، ويساهم في التنمية والشمول المالي عند شرائح واسعة من المواطنين.
بمساحة لا تتعدى 15 متراً مربعاً، باستطاعة هذه الفروع التي يمكن نقلها بشاحنة أن تقوم بالمهمات الأساسية لأي فرع، وأن تستقبل عملاء وتنجز معاملاتهم من فتح حسابات ومنح بطاقات دفع وبطاقات ائتمان وقبول طلبات الاقتراض وتلبيتها وغيرها، وذلك من خلال موظف يداوم فيها خلال ساعات العمل. كذلك تحوي هذه الفروع صرافات آلية تسهِّل عمليات العملاء.
بدايةً، من المعلوم أن عدد الفروع وأماكن وجودها تُعَدّ من أبرز الأمور التي يبحث عنها العملاء قبل فتح حساب في مصرف معيّن، وذلك لضمان قربها من أماكن سكنهم وفي المناطق التي يقصدونها في الأغلب. ومن البديهي أن الفروع النقّالة يمكنها أن تساعد في حلّ هذه المعضلة ونقل المصرف بسهولة إلى أي مكان. وفي هذا الإطار تبرز أهمية هذه الفروع في التنمية المناطقية حيث تفتقر العديد من المناطق في العالم وضمن الدولة الواحدة، وخاصة النائية، إلى الخدمات المصرفية، وهو ما يفرض على سكانها التنقل إلى مسافات بعيدة للوصول إلى أقرب مصرف، مع ما يرافق الأمر من مشقة وتكاليف، والخضوع في الكثير من الأحيان للمرابين الذين يستثمرون حاجتهم للمال لابتزازهم بفوائد مرتفعة.
بمساحة لا تتعدى 15 متراً مربعاً، باستطاعة هذه الفروع التي يمكن نقلها بشاحنة أن تقوم بالمهمات الأساسية لأي فرع


في السياق عينه، إن أحد أبرز العوائق التي تحول دون افتتاح المصارف لفروع، لا بل تدفعها في الكثير من الأحيان لإغلاق بعضها، هو الكلفة المالية، سواء من حيث بناء فرع وتجهيزه وتصميمه، كما ولجهة اليد العاملة التي يفترض توافرها في الفرع لتسييره. وميزة هذا النوع من الفروع أن كلفتها بسيطة جداً، ولا تحتاج إلى تصميم مميّز وتكاليف على المعدات والتجهيزات وسواها، إضافة إلى أنه يكفيها موظف واحد وعلى أقصى حدّ موظفَين لإدارتها والقيام بالمهمات المطلوبة منها.
والـ pop-up branches فعّالة في حالة الحاجة إلى تجديد فرع معيّن أو إغلاقه للصيانة لفترة مؤقتة، أو في حالة حدوث كارثة طبيعية كالزلازل، وهي بالتالي عوض أن تحرم سكان المنطقة الذين يستفيدون من الفرع الخدمات المصرفية، وأن تفرض عليهم الانتقال للوصول إلى فرع آخر، فهي تأتي بالمصرف إليهم، بأقل كلفة ممكنة وفي أسرع وقت.
وفي أسوأ الأحوال، وإن لم يحقق الفرع النقال النتائج المرجوَّة، أو لم ينجح في استقطاب الأعداد المتوقعة من العملاء، يكفِ فقط... نقله إلى مكان آخر!!!