يتمحور أحد أكثر المواضيع شيوعاً في الأعوام الأخيرة حول مستقبل الفروع المصرفية، في ظل التطورات التقنية والتكنولوجية المتسارعة التي يشهدها القطاع المصرفي. هل لا يزال هنالك من حاجة للفروع، في ظل وجود التطبيقات المصرفية عبر الهواتف الذكية والخدمات المصرفية عبر الإنترنت والصرافات الآلية الذكية التي تسمح بإتمام معظم المعاملات عن بعد وأينما كان وفي أي توقيت؟
غالبية العملاء حول العالم لا يزالون يفضلون زيارة الفروع

نعم، الفروع المصرفية مكلفة، وصحيح أننا شهدنا في السنوات القليلة الماضية إغلاق العديد من المصارف، وخاصة العالمية منها والكبيرة، لفروع لها وإعلانها عن خطط واستراتيجيات للحد من فروعها ومن اليد العاملة فيها. ومع هذا، تبقى الفروع ضرورية، ليس من باب الترف وإنما من منطلق الضرورة والحاجة.

شاخت ولم تمت
الإحصائيات الحديثة تبيّن بوضوح بما لا يدعو للشك أن غالبية العملاء حول العالم لا يزالون يفضلون زيارة الفروع. بطبيعة الحال، فإن النسب تنقص، لكن الفروع لا تزال حاضرة. قد تكون شاخت، لكنها لم تمت، وهنا محور القضية. ففي ظل هذا الواقع، ومع استمرار الحاجة للفروع وخاصة بسبب العامل البشري الذي لا يزال يعتبر أحد العوامل الرئيسة التي تدفع الناس إلى زيارتها، إضافة إلى النواحي الأمنية التي تثير قلق العديد من العملاء لجهة استخدام الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، فإن المصارف وجدت الحل في إعادة تجميل فروعها وتحديثها وجعلها أكثر جاذبية.
الخدمات المصرفية باتت متشابهة، لكن ما يصنع الفرق هو كيفية تقديمها


زيارة المصرف ليست من أكثر الأمور متعةً، فطبيعة عمل المصارف وحساسية الشؤون المالية تفرض الكثير من الرزانة والمحافظة والجدية. لكن العصر الحالي وجيل اليوم يفرضان إعادة البحث في هذه «الضوابط» و»المعايير». ما يبحث عنه الناس اليوم وفي أي مجال هو «التجربة». الخدمات باتت تتشابه إلى حد كبير، لكن ما يصنع الفرق هو كيفية تقديمها وفي أي قالب. وفي زمن يتطلب السرعة والحيوية والإبهار، بات على المصارف أن تبحث في كيفية منح عملائها تجربة متميّزة في الفروع.

مكياج
في هذا السياق، عمد الكثير من المصارف من حول العالم إلى «مكيجة» فروعها. لم تعد هذه الفروع مجرد مكان مخصص حصرياً لإتمام معاملات مالية مملة، يأتي العميل لإنجازها ويرحل. تتجه المصارف أكثر وأكثر لتحويل فروعها إلى «ملتقى» و»مقصد»، حيث بإمكان الناس الاسترخاء واللقاء وشرب القهوة. في عصر الإنترنت، بات العديد من الفروع يوفر خدمة الإنترنت مجاناً للعملاء، البعض الآخر يسمح لهم بجلب حيواناتهم الأليفة، أو الاستماع إلى الموسيقى عبر التمدد على كراسٍ مخصصة لمنحهم راحة تامة. كما لم يعد مستغرباً أن تجد مكتبة صغيرة في فرع، حيث يمكنك القراءة.

تسمح بعض المصارف للعملاء، بجلب حيواناتهم الأليفة، أو الاستماع إلى الموسيقى عبر التمدد على كراسٍ مخصصة لمنحهم راحة تامة

هذا لا يعني أن التجديد محصور بالشكل الخارجي والتصميم الحيوي والأكثر حيوية للفروع. فالفروع تخضع أيضاً لعملية تحديث تقني، حيث باتت تتوفر فيها أحدث التقنيات المصرفية، مع توفير مرشدين للمساعدة على إتمامها بسلاسة وسهولة.
مصارف الغد، أكثر شباباً أكثر تطوراً وأكثر مرحاً.