استدانا مبلغاً من المال للانطلاق وقررا تقسيم مهمات كلٍ منهما وفق مكامن القوة التي يمتلكانها، وهذه في الأساس الركيزة الأساسية التي يفترض أن تبنى عليها أي شراكة، من خلال توزيع الصلاحيات والمسؤوليات ومحاولة خلق خليط ناجح من مكوناتٍ مختلفة. فأن تكون توأماً لا يعني بالضرورة أن التشابه في الشكل يشمل أيضاً التشابه المطلق في القدرات والكفاءات والمواهب.
برع بيز في النشاطات التي تتطلب مجهوداً بدنياً، فيما أجاد أخوه الإدارة والمحاسبة، فكان بيار يدير العمليات ويدقق في الأرقام ومحاولة الموازنة بين النفقات والمداخيل، وبيز يتولى التنفيذ وتحويل الأفكار إلى واقع. اتكل كل منهما على الآخر، وعملا بلا كلل ولا ملل لتثبيت ركائز دكانتهما الناشئة وتوسعة أعمالها، وخاصة أن أوضاعهما الماديّة ما كانت تسمح لهما بتوظيف عمال إضافيين.
لم يسمحا للحرب ولا للفقر بالتأثير بهما وإحباطهما
حاول الأخوان التميّز عن باقي المنافسين، ولو بأمور بسيطة، فاشتريا دراجة ناريّة وقررا تأمين خدمة الدليفري لزبائنهما مجاناً ومن دون كلفة. علّمهما الفقر أن الأمور لا تأتي بالمجان وأنه لا ضير من تحمل تكاليف إضافية إذا ما أرادا جني أرباح أكبر في المستقبل من خلال كسب محبة الزبائن وثقتهم. وكلما تحسنت الأعمال، تتالت الخطط والأفكار. لم يترك الأخوان أبو موسى مجالاً إلا اقتحماه، فدخلا مجال المأكولات وبدآ بتحضير سندويشات وصحن يومي، وعقدا اتفاقيات مع عدد من الشركات لتأمين الغذاء لموظفيها. بعدها عملا على بيع قوارير الغاز بأسعار تنافسية، وكذلك بيع بطاقات مسبقة الدفع للهواتف الخلويّة، إضافة إلى أوراق اللوتو واليانصيب...
30 عاماً مضت منذ أن افتتح الأخوان دكانتهما. خلف أبوابها، ازدادت يوماً بعد يوم المنتجات والخدمات التي توفرها، إلا أن الثابت الوحيد يبقى الحكاية وبأن تخطّي الفقر ممكن متى تأمّنت الإرادة وبأن الشراكات الناجحة ممكنة ويمكن أن تدوم لعقود إذا ما أجيد التخطيط لها.