غياب المساحات العامة
مما لا شك فيه أن للشقق الصغيرة منافع عدة، إحداها طبعاً سعرها الأرخص الذي يجعلها في متناول فئات أكبر من المواطنين. إلا أن المشكلة في لبنان هي أن تضاؤل المساحة ينعكس تراجعاً في نوعية الحياة التي يؤمنها المسكن. وبحسب تقرير «رامكو»، فإن المساحات المقتطعة أُكلت تحديداً من غرف النوم والمطبخ ومنطقة الاستقبال. ولحظ التقرير أن مساحة غرف النوم تحديداً تواصل تراجعها عاماً بعد عام حتى بات يبلغ عرض بعضها 2.7 متر فقط. فيما زاد عدد الشقق التي تتضمن غرفة نوم واحدة بشكل لافت. إذ أن 15.7% من أصل 210 شقق قيد البناء في بيروت الإدارية عام 2018 باتت توفر شققاً تراوح مساحتها بين 50 و99 متراً مربعاً. المدير العام لـ«رامكو» رجا مكارم لفت إلى أنه «في الأساس، فإن 20% من مساحة الشقة أو البناء في لبنان لا يستفاد منها سكنياً كالأدراج والمصعد وغيرها، وهو ما يساهم في تقليص المساحة القابلة للسكن أكثر وأكثر. مكارم أقرّ بصعوبة العيش في مساحة كهذه خصوصاً للعائلات، إلا أنه اعتبر أن «الحاجة أم الاختراع... والناس في النهاية تتكيف وتتأقلم مع هذه المساحات».
أقل من متر مربع واحد حصة الفرد من المساحة العامة في بيروت
مديرة برنامج العدالة الاجتماعية والمدينة في «معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية» في الجامعة الأميركية، منى فواز، أشارت إلى أن «متوسط حجم العائلة في لبنان أصبح أصغر، وبالتالي لا مانع من أن تصغر مساحة الشقق. لكن يجب أن يترافق الحد من المساحة مع وجود مساحات عامة مشتركة للناس كالحدائق والمكتبات العامة التي تخلق متنفساً لهم وتخلق توازناً بين حياتهم الشخصية والاجتماعية». والمشكلة، بحسب فواز، «تكمن في أن هذا الأمر غير متوفر في بيروت. إذ أن حجم المساحة العامة المتوفرة للفرد بلغت أقل من متر مربع واحد عام 2013. وهي من دون شك أصبحت أصغر منذ ذلك الحين».