غادة حيدر من جهتها، قرّرت أن تسلك درباً جديدة في عملها حين وجدت أن الطريق أمام تجارتها في البياضات المنزليّة شائكة ومليئة بالمطبات. فبعد مدة قصيرة على فتح متجرها وجدت أن الإقبال على البياضات لم يكن بالقدر الذي تتمنّاه، فقرّرت ألّا تهدر الوقت في المحاولة، خاصة أنّ فرص النجاح والفشل قد تكون متساوية، واختارت أن تنتقل إلى بيع الملابس النسائية التي تلقى رواجاً كبيراً.

مثلها مثل كثيرين اصطدمت غادة بالماديّات وعدم توفر رأس المال، لكن وعلى خلاف غيرها لم تلجأ إلى الاقتراض أو الاستدانة، بل اتّكلت على حسن سمعتها وعلاقتها الوطيدة بالتجار والثقة التي بنتها معهم لكي تحصل منهم على بضاعة بالأمانة، على أن تسدّد ثمنها في فترة لاحقة.
وعملاً بالمثل الشائع «على قد بساطك مد إجريك»، لم تطمع بثقة التجار بها، ولم تدع رغبتها بتوسعة أعمالها وزيادة أرباحها تقودها إلى التهور وإلى طلب بضائع بكميات أكبر من تلك التي تقدر على بيعها. فاكتفت بكميات محدودة ولكن من علامات تجاريّة عالميّة، وعرضتها بأسعار تنافسيّة ومقبولة، ما سهّل عليها بيعها بسرعة وبالتالي إيفاء مستحقاتها للتجار.
استراتيجية غادة أتت ثمارها ونجحت في تحويل متجرها إلى مقصد للزبائن، يتوافدون عليه بشكل متواصل رغم أنه يقع في منطقة غير تجارية. فازدهرت الأعمال وزاد حجم الطلبيات وكذلك حجم المبيعات.
ما يميّز قصة غادة أنها لم تيأس من أن تجارة البياضات المنزليّة لم تكن على قدر توقعاتها، وفي الوقت عينه لم تحاول أن تجهد نفسها للنجاح في هذا المجال، وهو ما كان ربما سيستنزفها مادياً وجسدياً بدون طائل، فتحلّت بالجرأة لتعرف متى يجب التوقف والمحاولة بشكل آخر. كذلك لم تسمح لظروفها الماديّة بأن تحبطها، وتكون حجر عثرة أمام طموحاتها، فعلمت كيف تستثمر في علاقاتها ولكن بشكل مدروس ما سمح لها بالانطلاق وفي الوقت عينه الإيفاء بالتزاماتها، فكسبت ثقة التجار وثقة الزبائن... وتحسّنت أعمالها.