أن يتساقط الثلج في الصحراء فهذا خبر صحافي يثير الدهشة. أما أن يتساقط الثلج في لبنان ويتصرف اللبنانيون كما لو أنهم من سكان الصحارى (وهو ما يلاحظ ازدياده هذه الأيام بشكل واضح) فهذا خبر قد يثير الدهشة في الربع الخالي. أصبح من الرائج أن "يتغنّج" اللبنانيون عند قدوم كل عاصفة، متناسين أن الأرزة ــــ لا النخلة ــــ هي رمز الجمهورية اللبنانية وشعار العلم، وأنها ترتفع عن سطح البحر حوالى 2000 م. لكن، بعيداً عن "الدلع" والشعور المصطنع والمبالغ فيه بـ"الصقيع"، فإن للبرد فوائد صحية ومهنية كبيرة... لكنها، للأسف، لا تنعكس على الاقتصاد الذي قد يكون أكبر المتضررين من أي عاصفة خارجة عن المألوف.
150 مليون دولار خسائر يومية

تشير التقديرات الى أن العاصفة القادمة نهاية الأسبوع ستكون "قاسية". وفي حال صدقت التوقعات ووصلت الثلوج الى حدود 300 م، فلا شك أن تكدس الغطاء الأبيض وتكوّن الجليد سيؤثران على الحركة الاقتصادية بشكل كبير، وقد يصيبانها بالشلل مع تجنب كثيرين الخروج من منازلهم إلا للضرورة. طبعاً، لن يتخذ قرار بإقفال الأسواق والمحال التجارية، والمسألة تبقى رهن الخيارات الفردية لكل تاجر، سواء أراد أن يفتح أو يغلق متجره. لكن، بغضّ النظر عن فتح المتاجر والشركات، من شبه المؤكد أن الأسواق والمحال ستكون خالية كما لو أن البلد يشهد إضراباً عاماً شاملاً.
150 مليون دولار خسائر الاقتصاد عن كل يوم تعطيل

رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير يؤكد أنه لا يمكن لأحد إعطاء أرقام دقيقة حول الخسائر التي قد تلحق بالاقتصاد الوطني ككل في حال الإقفال التام ليوم واحد. لكن، بحسب خبرته ومعطياته، فالرقم يناهز الـ 150 مليون دولار يومياً. شقير يشدد على أنه لا حاجة إلى الإقفال، لافتاً الى أن إقفال المدارس بسبب العاصفة السابقة أثار الامتعاض؛ فكيف بإقفال الأسواق؟
وإذا افترضنا أن العاصفة ستدوم 5 أيام وأن ذروتها ستكون لمدة يومين، يصبح من السهل التنبؤ بأن الخسائر قد تكون بمئات ملايين الدولارات.

البرد مفيد للصحة

بحسب دراسة أجراها علماء في جامعة هارفرد، تبين أن الصقيع يؤثر بصورة إيجابية في جلد الإنسان. كما أنه في درجات الحرارة المنخفضة والسالبة لا تنتشر البكتيريا المضرّة، وتقوى منظومة مناعة الجسم، وأنه في درجات الحرارة المنخفضة (دون 5 درجات مئوية) ينخفض جداً شعور الإنسان بالألم، وهذا مفيد خصوصاً في حالات الصداع.
كما أن الهواء البارد يفيد المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية، لذلك ينصح الخبراء بضرورة التجوال في الجو البارد، ولكن بعيداً عن طرق وسائط النقل حيث الهواء المتلوث.

... ومفيد للعمل

تشير دراسات حديثة نشرت في مجلةHarvard Business School الى أن العمال والموظفين يكونون أكثر إنتاجية في الأيام الماطرة والباردة. سبب هذه الإنتاجية الزائدة التي تبدو مفاجئة ـــــ وخصوصاً أن الكثيرين يستصعبون النهوض من الفراش والتوجه الى العمل في الظروف المناخية الصعبة ــــ يكمن في النفسية، لأن الموظف أو العامل لن يشعر بإغراء التوجه الى البحر أو الاستمتاع بالطقس المشمس. وتنصح الدراسة أرباب العمل والمديرين بترك المهمات الصعبة التي تحتاج الى مجهود الى الأيام الماطرة والباردة. وحتى في أبسط الأمور، تنصحهم بتجنب وضع ملصقات أو صور عن البحر أو الطبيعة في الأيام المشمسة كونها تتسبب بإلهاء الموظفين فكرياً.
(الأخبار)