■ ما هي أبرز المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني في هذه المرحلة؟يعاني الاقتصاد الوطني اليوم من أمرين أساسيين، الأول هو الوضع الأمني والسياسي في البلد، والثاني هو وضع المنطقة بشكل عام. نحن كهيئات إقتصادية نتفهم هذا الواقع، لكننا أمام مسؤولية مشتركة ألقيت على عاتقنا، وحتّمت علينا معالجة المشاكل بالبدائل الممكنة، والعمل على الوقاية من الأزمات المتلاحقة.

■ هل ترى من خلال موقعك أن لبنان مقبلٌ على أزمة اقتصادية حادة وأصعب من التي نعيشها؟
لن تستقيم الحياة الاقتصادية اللبنانية في ظل استمرار آثار الأزمة السورية، وما خلّفته هذه الحقبة من تداعيات على كل مرافق الدولة. لذلك يتأثر الاستقرار الاقتصادي بمدى تفاقم أو استقرار الوضع السوري.
يتمتع بلدنا بالاقتصاد الحر الذي يعتمد بالأساس على فكرة الحرية الفردية، وهو اقتصاد العرض والطلب والمنافسة الحرة، وتحرير الأسعار، عدا عمّا تفرضه المنافسة الحرة غير الاحتكارية. لذلك لبناننا يرحب بجميع الجنسيات وأي فرد أو مؤسسة تسعى الى الاستثمار في دائرتنا الاقتصادية.

■ ما هي أبرز المخاطر التي رتّبتها الأزمة السورية؟
نحن كهيئات وغرف مستعدون لأن نقف الى جانب المستثمرين السوريين لكن بشروط قانونية، أي أن تقوم كل مؤسسة أو مجموعة صناعية أو تجارية بتطبيق جميع المعايير النظامية الخاصة بالإنشاء أو الاستثمار. وهذا يكون عبر نظرية التعامل بالمثل، بين الدولة اللبنانية وباقي المؤسسات الأجنبية، وذلك لجهة احترام مبدأ التراخيص والتكاليف والرسوم والضرائب.
المفيد قوله إن حال المؤسسات السورية مختلف تماماً عن وضعية المؤسسات الأجنبية، لكونها لا تحترم المعايير التنظيمية لجهة التراخيص والضرائب. هذه جريمة بحق الاقتصاد بكل ما للكلمة من معنى. فعلى سبيل المثال، هناك حوالى 60 مطبعة سورية في لبنان لا تطبق القوانين والأحكام اللبنانية.

■ هل هناك من قرار جديد أو آلية معينة للحد من النشاط الأجنبي غير الشرعي؟
هناك إمكانية جادة لإصدار قانون جديد يمنع الشركات والمؤسسات والمصانع من توظيف أكثر من 10 في المئة من موظفيها من الجنسيات الأجنبية، أي من غير اللبنانيين.

■ هل ستوافق الحكومة برأيك على هذا الاقتراح؟
الكل موافق على هذا الاقتراح، وقد تحدثت مع مختلف الوزراء ومن كافة الأطراف السياسية، حيث أكدوا لي أهمية إصدار هذا القانون، وليس هناك من عقبات سياسية أمام إصداره.
أريد أن أوضح أنني لا أستطيع أن أكون إنسانياً مع السوري وعديم الإنسانية مع اللبناني. فالأفضلية بالتأكيد للمواطن اللبناني ومن ثم السوري، وأنا مستعد لمساعدة العامل والمستثمر السوري قبل أي جنسية أخرى.

■ ما هو الدور المطلوب من غرفة التجارة والصناعة تجاه الطبقة السياسية الحالية، وهل هناك إجراءات عملية يمكن اتخاذها في هذا الصدد؟
لقد سعينا في الفترة السابقة لمطالبة الحكومة الحالية بضرورة استثمار شتى الوسائل كمجموعة اقتصادية لرفع الصوت، حيث أبدى الوزراء تجاوبهم معنا، وتفهموا خطورة هذا الوضع الحالي الذي بات ينذر بالخطورة الحادة، لكن ظل الوضع على حاله.
لا أستطيع أن أكون إنسانياً
مع السوري وعديم الإنسانية
مع اللبناني



■ ما مدى خطورة الوضع القائم؟
اذا استمررنا على هذا النحو فإننا على موعد حتمي مع انفجار اجتماعي، بدأنا نلمس تداعياته من تزايد في نسب السرقات ومحاولات القتل والجرائم وكل هذه الامور التي تهدد جميع الأسر والمؤسسات الاجتماعية في هذا البلد. أشعر بهذه القنبلة الموقوتة التي إذا انفجرت في الشارع فلن تستطيع أي قوة أمنية إسكاتها ولا حتى أي قرار سياسي قادر لاحقاً على السيطرة عليها.
كان من الممكن أن نستفيد من الأزمة السورية، مع العلم بأني لا أحبّذ استغلال أزمات الآخرين أو الاستفادة من مآسي الغير، ولكن لو كانت هناك آلية واضحة لجهة منح التراخيص وتنظيم الإنشاء، فإن هذه المؤسسات غير الشرعية بإمكانها فتح آفاق جديدة على الاقتصاد الوطني والأسواق الداخلية، هذا ما يؤدي الى إنعاش القطاعات وتشغيل العجلة الاقتصادية أمام المستثمرين والمواطنين. أما المصانع الشرعية داخل لبنان فبتنا نراها تهاجر الى بلدان مجاورة كمصر والجزائر والعراق وتركيا. اللبنانيون لم يستفيدوا بشي من هذه الاستثمارات الخارجية، بل على العكس أدت إلى تكاليف ومصاريف إضافية على حساب القوى الاقتصادية الوطنية.
■ على من تقع المسؤولية؟
هذه مسؤولية تقع على الدولة في الدرجة الأولى، وتتحمل البلديات والمواطنون أنفسهم المسؤولية في الدرجة الثانية، لكون هؤلاء هم من قدموا الغطاء غير الشرعي لهذه المؤسسات الأجنبية.

■ هل هناك من خطوات تصعيدية في هذا الشأن؟
سنعمل خلال الايام المقبلة على إصدار تعميم خاص الى جميع المواطنين، بهدف التبليغ عن هذه المخالفات الشائنة بحق الاقتصاد، وسأقوم بدوري بتبليغ وزارتي الداخلية والصناعة في شأن هذا الموضوع لاتخاذ القرار والإجراءات المناسبة.

■ ما هي مطالب الهيئات؟
ما نطالب به حالياً هو الاستقرار الأمني والسياسي. أما إذا أراد أهل السياسة أن يختلفوا فليختلفوا على كل الأمور إلا موضوع لقمة عيش المواطنين. لأنه في حال تأزمت الأوضاع أكثر من ذلك، فلن يستطيع أي فريق سياسي موجود في سدة الحكم أن يحكم أو يدير مصالح شعب يعيش في بلد مفلس... هنا الكارثة الأكبر.
يجب ألا نحمّل اقتصادنا أكثر مما يمكن أن يحتمل، فكل القطاعات أصبحت مهددة، ومالية الدولة أضحت في المجهول. لقد لمسنا هذا لناحية المستوى الضيق الذي تعيشه الوزارة حين طلبت من كافة الوزارات المعنيّة عدم إرسال مستحقاتها والاكتفاء بالرواتب فقط. وفي ظل هذا الخطر الداهم، نسأل الله أن تتمكن وزارة المالية من صرف رواتب الموظفين. بكل صراحة، هذه هي المرحلة التي يمكن أن نصل إليها.

■ ما هي مضاعفات الفراغ الرئاسي؟
أكبر معضلة نواجهها اليوم هي الفراغ الرئاسي. لبنان لا يمكن أن يستمر من دون موقع رئيس الجمهورية. وهل يمكننا انتظار السياحة أو الاستثمارات بغياب رئيس للجمهوية؟ هذا بالطبع له تداعيات على الوضع الأمني، خصوصاً بعد تمدد موجة الارهاب والازدياد في نسب الجرائم وتجارة المخدرات والفوضى العارمة التي تعيشها الفئات الشعبية. نحن كهيئات وفعاليات اقتصادية نطالب بانتخاب رئيس للجمهورية قادر على أن يعيد الثقة إلى الكيان والاقتصاد الوطني.

■ يقول البعض إن في تصرفاتكم تدخلاًً في الأمور السياسية، هل هذا صحيح أو أنها ضرورة؟
لم ولن نتدخل في الشأن السياسي، وأي انتقاد وجّهناه سابقاً جاء في إطار القرارات الاقتصادية، وتسليط الضوء على أخطاء كانت موجودة في الحكومة السابقة والحالية.
أما في ما يتعلق بالحكومة الحالية، فنحن نتعاون بشكل إيجابي مع جميع الوزراء وفي كافة الملفات التي تعنينا كهيئات، ونأمل فتح شبكات أكثر للتواصل، لنتمكن من تحمّل المسؤولية الجامعة التي وضعتها المواطنة على عاتقنا. لكننا نعلم والكل يعلم أن الكلمة الفصل هي بأيدي القوى السياسية المؤثرة وليس الحكومة. أما قوة الضغط الشعبي إن حصلت فإنها ستكون ضد أهل السياسة وليس الحكومة.
لا نريد استباق الأمور، لكننا ارتأينا كهيئات دراسة الوضع لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، لنبدأ من بعدها بالتحرك، وذلك لحماية مجتمعنا وبلدنا الذي نراه ينهار أمام أعيننا، وننتظر في هذا الصدد قرار جميع الفعاليات المشاركة معنا.

■ كيف هي حركة الاستيراد والتصدير، ووضع الميزان التجاري وبعض المؤشرات الأخرى؟
لأول مرة منذ 15 سنة نرى أن حجم التصدير قد انخفض بنسبة 17.8% عمّا كان عليه عام 2013. ويعود السبب الرئيسي الى دخول المصانع غير الشرعية إلى حلبة المضاربة غير المشروعة.
أما دخل الدولة من حجم الأرباح الجمركية فقد انخفض بنسبة 11 في المئة عمّا كان عليه من عام 2013، وفي بداية شهر 7 انخفضت النسبة الى 14 في المئة. وتراجعت واردات ضريبة الدخل بنسبة 3% مقارنةً مع عام 2013.

■ هل الشلل في حركة الترانزيت بين لبنان وسوريا قد سبّب مشكلة إضافية؟
بالنسبة إلى موضوع الشحن لقد استطعنا إيجاد البديل، وهو الشحن البحري عن طريق الخطوط البحرية، وهو أقل كلفة من الخطوط البرية.

■ هل من كلمة أخيرة؟
أدعو الشعب اللبناني إلى أن يقف وقفة ضمير ووقفة مسؤولية أمام ما يتعرض له هذا البلد، وأدعوهم للنزول الى الشارع لإطلاق صيحة الحق في وجه السواد المستشري. كذلك أدعو إلى انتخاب رئيس للجمهورية، لأن الاستمرار في هذه الحالة ينذر بالانفجار الكبير.