من حيث المبدأ، لا فارق كبيراً بين ستيف جوبز وماهر رفيق مروش. نعم.الأول أرسى، في تفاصيل حياتنا اليومية، تكريساً مستجداً للعلاقة بين أناملنا والشاشات من حولنا، والثاني أسس لمفهوم جديد في الإرث الثقافي للمطبخ اللبناني، بات معه لا يمكنك أن تتصور سندويش دجاج من دون ثوم.

منذ عقود، صاغ مروش توأمة للعلاقة ما بين الدجاج والثوم والخبز الإفرنجي. قبله لم يكن الأمر كذلك.
اليوم في أي مكان في العالم، لا يمكنك أن تتصور صحناً من الدجاج أو الشيش طاووق في مطعم لبناني من دون أن يكون ملازما لصحن الثوم.
مروش كان أول من فعلها.

■ ■ ■


لا يجب أن يمّر إقفال المطعم الأشهر في بيروت، مرور الكرام.
قد يكون «مروش» لا يشبه في بعده الثقافي والاجتماعي إقفال «مودكا» و»ويمبي» و»كافيه دو باري»، لكن جزءاً من ذاكرة مدينة تنهار، تتهاوى، تتغير، بسرعة وصمت. وهذه المرة أمام العبء الاقتصادي.
لم تنجح الحرب اللبنانية في دفع «مروش» إلى إقفال أبوابه في الحمرا يوما. بقي يخدم زبائنه على مدار الساعة، رغم الحصار والمتاريس.
من جورج حبش ووديع حداد حتى نجيب ميقاتي، بقي لذلك المكان حيز في وجدان هؤلاء الذين أحبوه وارتادوه كمشترك بين تناقضات.

■ ■ ■


اليوم، صفائح الحديد الأسود تقفل بشكل كريه الواجهات الزجاجية للمطعم الذي ترنح بأمر قضائي منهكاً من تراكمات الديون على أصحابه.
مهما تكن أسباب السقوط، الهاوية تبتلع الجميع. اليوم «مروش»، وغداً سيلحق به آخرون. القضية قضية وقت فحسب.
باتت سنوات الاقتصاد العجاف أشد وطأة على «القطاع الخاص» في لبنان اليوم من سنوات الحرب وأهوالها.