تخيلوا، تقدم لبنان على معظم الدول التي تعاني حروباً وأزمات أمنية حادّة... الصومال وحده الذي سبقنا في هذا المجال.حتى مع الحرب الدائرة في سوريا، والمعارك اليومية في اليمن، والعنف الدموي في العراق، والقتال المتواصل في جنوب السودان، لبنان يتقدم هذه البلدان في سلّم الفساد.
بحسب تقرير "منظمة الشفافية الدولية" لعام 2014، احتل لبنان المرتبة 136 عالمياً من أصل 175 دولة شملها الاستبيان.
المنظمة تؤكد أن الفساد مشكلة تواجه الاقتصادات، ويجب التحرك دولياً لمنع الفاسدين من الإفلات من جريرة أفعالهم.

■ ■ ■


سؤالان غالباً ما يتلازمان: هل الفساد يقود إلى تدهور المؤشرات الاقتصادية؟ أم أن المؤشرات الاقتصادية هي التي تؤدي إلى وجود الفساد؟
الكثير من الدراسات وضعت لتبيان العلاقة بين الفساد ومستويات الأداء الاقتصادي للدول. إحدى هذه الدراسات بينت أن نحو 65% من الفساد المسجّل يعزى إلى خلل في الإصلاح المؤسسي وإتباع سياسات اقتصادية ومالية غير سليمة أو تقليدية.
دراسات أخرى أظهرت في شكل جليّ أن الفساد يسهم في تدهور كفاءة الإنفاق الاستثماري العام، والتآكل السريع للبنى التحتية، ويؤثر سلباً على حجم ونوعية تدفقات الاستثمار الأجنبي.
فكيف إذا كان رأس المال في الأصل جباناً؟

■ ■ ■


في لقاء جمع مؤخراً في بيروت متابعاً للشؤون الاقتصادية المحلية وسفير إحدى الدول الخليجية (المعروف رعاياها تاريخياً باستثماراتهم في البلد) أكّد السفير لضيفه أن لبنان اليوم لم يعد في دائرة اهتمام الخليجيين استثمارياً... البتة.
السفير الذي شغل منصبه لسنوات عدة، عاصر الكثير من المتغيرات في السلوك الاستثماري العربي تجاه لبنان، من خلال موقعه.
في رأيه، صرنا اليوم خارج الزمن استثمارياً، أقله في المدى المنظور، من دون أفق لتحسن ما، مع الحفاظ على بارقة أمل، لميزة لبنان في القلوب والوجدان... الكلام نفسه.
أن يضاف اللاستقرار السياسي والأمني إلى فساد قائم ويتفاقم، في منظومة كيان الاقتصاد اللبناني، أمر لم يعد يحتمله المستثمرون اليوم.
يبدو أنه حتى العقار و"النسوان" في البلد... لم يعودا مغريين.