يساهم نظام المعلوماتية في تقدم المصارف ووضعها على سكة التطور الذي يجتاحه العالم في عصرنا هذا، كما انه يفتح مجالات واسعة للاتصال بين المصرف وعملائه خارج لبنان. أضف الى ذلك ما تشكله ادارة المعلوماتية في المصارف من دعم وتعزيز للخدمات المصرفية وعمليات نقل الاموال وجذب الاستثمارات.
العمليات الآمنة

ويشكل نظام المعلوماتية المدى الآمن لعمليات نقل الاموال رغم المحاولات الكثيرة لكبار القراصنة وأصحاب الجرائم الالكترونية القيام بمئات عمليات الاحتيال والتزوير اضافة الى عملية القرصنة للحسابات البنكية وسرقة الاموال من خلال عمليات التحويل عبر بطاقات الائتمان او الدفع المباشر.
تقوم المصارف اللبنانية اليوم باعتماد آليات جديدة ومبتكرة لتسهيل حياة عملائها تتمثل بتقديم خدمات جديدة تواكب التطورات في هذا العالم. من هنا، تكمن اهمية المعلوماتية في المصارف في مدى حرص هذه الاخيرة على متابعة اعمالها مع زبائنها طيلة فترة تعاملهم معها، كما انها تحميهم من كل محاولة احتيال قد يتعرضون لها. واليوم، تعتبر التكنولوجيا مفتاح النجاح، ويشكل التقدم فيها تحدياً وفرصاً لكل المصارف، وقد تنقلب هذه التحديات الى تهديدات في حال تعذرت مواكبة التطور والتطور التكنولوجي. الى ذلك، تعتبر التجارة الالكترونية محوراً مهماً في حياة المصارف اليومية حيث تحقق منها ارباحاً طائلة، وقد تطورت مع الوقت الى ان اصبحت حاجة ملحة لكل عميل ورجل اعمال، اذ انها تساعده على الصعيد الشخصي وتختصر له الوقت في شراء حاجياته في ظل ضغط الحياة اليومية.

طربيه

وفي هذا السياق، أشار رئيس مجلس ادارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزيف طربيه إلى "ان قطاع تكنولوجيا المعلومات يعتبر اليوم من المقوّمات الاساسية المهمة في الاقتصاد، لا بل هو السند الحقيقي لاقتصاد اي بلد، اضافة الى رؤوس الاموال والموارد"، معوّلاً على هذا القطاع من اجل ايجاد التوازن والتكافؤ بين الدول العربية ودول العالم الاخرى. ورأى ان التكنولوجيا فتحت الآفاق نحو استراتيجيات اقتصادية واجتماعية جديدة، داعياً الى الاستثمار في هذه التكنولوجيا في الاتجاه الذي يخدم المصلحة العربية المشتركة، ويخدم الاستقرار في كل مجالاته والذي يعتبر القاعدة الاساسية لنمو القطاعات الاقتصادية.
نحو مجتمع خالٍ
من النقود تُدفع فيه الفواتير بالأساور والساعات
ولفت طربيه الى ان ادارة تكنولوجيا المعلوماتية تعمل على دراسة وفهم تقنية المعلوماتية لتطوير الاساليب التشغيلية والاستراتيجية في المصارف والمؤسسات المالية لتعميم وتطوير المنتجات والخدمات للحصول على الرضى الاقصى لدى العملاء، ما يؤدي الى ميزات تنافسية وانتاجية أعلى لدى الشركات وبالتالي معدلات ربحية كبرى.

مصرف لبنان

عن الموضوع، يؤكد عضو لجنة الرقابة على المصارف، عضو الهيئة المصرفية العليا في مصرف لبنان أمين عواد "انه من دون اداة المعلوماتية لم يبقَ هناك اي عمل حديث، ليس في القطاع المصرفي فحسب، بل في القطاع الصناعي ككل"، مشيراً إلى أن "تكنولوجيا المعلومات هي الاداة الاساسية للعمل المصرفي اذ انه كان سائداً ان العمل المصرفي مبني على التحليل الانساني، واليوم باتت له آلة كما في القطاعين الصناعي والزراعي".
واعتبر ان برمجة الآلة هي الاهم اذ ان الآلة من دون برمجة لا قيمة حقيقية لها خاصة لجهة السرعة في اتخاذ القرارات ولدقة المعلومات وللاضاءة على مكامن الأخطار. ولفت الى ان اهمية مديرية المعلوماتية في المصارف والمؤسسات المالية لم تعد تقل اهمية عن مديريات مثل مديرية ادارة المخاطر، مديرية التسويق، مديرية العمليات، مديرية التسليف وغيرها. ورأى ان العمل المصرفي زاد تطوراً ومنافسة وفي بعض الاحيان زاد تعقيداً بحيث لم يعد التنفيذ اليدوي او التحليل المبني على المعلومات المالية يكفيان فقط لتنفيذ هذه الاعمال في الوقت المناسب وبنسبة اخطاء مقبولة، ولذا اصبح تدخل التكنولوجيا من اهم عناصر الصناعة المصرفية الحديثة.
وعدّد عواد بعضاً من جوانب النشاط المصرفي الذي حتّم اللجوء الى المعلوماتية ما ادى الى تطوير انظمة شاملة تساهم في تسهيل هذه النشاطات اهمها: موضوع الامتثال للقوانين والامتثال في موضوع مكافحة الاموال وتمويل الارهاب، في موضوع الخدمات المصرفية الحديثة كخدمة phone banking و electronic banking وخدمة الصرّاف الآلي والفروع المصرفية الالكترونية، وفي موضوع الادوات المصرفية في قطاع منتجات التجزئة وفي موضوع الادارة الحديثة للمصارف والمؤسسات المالية لانه يرتكز على مجموعة معلومات غالباً ما تكون اون لاين للمساعدة في اتخاذ القرارات واحتساب النسب والتنبه لمكامن المخاطر، ومحاكاة التطور المستقبلي كي تكون الادارة سباقة في اتخاذ الخطوات لحماية المؤسسة المالية.

القطاع الخاص

إلى ذلك، قال مدير التسويق والتجزئة في بنك لبنان والخليج جورج نصر ان المعلوماتية تتبع كل التطور الذي يحصل في التكنولوجيا وانها سند للمصارف لتؤمن لها الاطار اللازم لتقدم خدمة مميزة وسريعة لعملائها وكي تؤمّن كل الاسس التي على اساسها تحمي البنك والذي يمتثل ضمن القوانين والاجراءات التي وضعها مصرف لبنان.
ولفت إلى ان أنظمة المعلوماتية تشهد تطوراً قوياً حول العالم وكانت المصارف تضعها سابقاً في خدمة العملاء، حيث انه عندما وضعت الصرافات الآلية في الخدمة، قامت المصارف بالطلب من العميل باستخدامها، الا انه كان هناك رفض ومقاومة لهذه الفكرة الجديدة لانها كانت اجباراً من المصرف على استخدامها. الا ان الثورة التكنولوجية حول العالم سمحت للعملاء بالدخول اليها وتقبل كل التقنيات المصرفية الحديثة. واضاف ان الزبون ومن خلال التواصل الاجتماعي والانترنت وغيرها يقوم بادخال التكنولوجيا الى المصارف بنفسه، واليوم هناك نقلة نوعية حيث ان المصرف كان يفرض على زبونه استخدام التكنولوجيا إلا ان تطور الحياة الاجتماعية ساهم بإدخال التكنولوجيا الى المصارف.
بدوره كشف ايلي سليمان من شركة مايكروسوفت ان شركته على تواصل مستمر مع المصارف منذ انطلاق أعمالها في لبنان وهي تواكب التطور التكنولوجي في القطاع المصرفي، وتقوم بتنظيم حاجات المصارف وما تقدمه من خدمات الى عملائها.
وأعلن ان الشق الاساسي التي تعمل مايكروسوفت على تطويره هو شق البنى التحتية وتحديثه في المصارف في مجال "الموبايل بانكينغ" والفروع المصرفية الذكية والتطبيقات الالكترونية.

مجتمع بلا نقود

من جهتها، قالت مديرة حلول الدفع الإلكترونيّة وخدمات البطاقات في بنك عوده رندا بدير ان التكنولوجيا اصبحت تدير كل الامور حول العالم وعلى المصارف ان تأخذ هذا الامر في الاعتبار، مضيفة انه اذا لم تتم مواكبته بالشكل اللازم، فستصبح المصارف خارج المعادلة لان هناك الكثير من المنافسين الجدد يحاولون ان يدخلوا الى الساحة كي يأخذوا عمل المصارف. واشارت الى "انه اذا لم تؤمّن المصارف لزبائنها طرقاً جديدة للدفع مبنية على تقنيات جديدة، فستحل مكانها شركات منافسة كشركات تشغيل الهواتف الخلوية، على سبيل المثال، لتؤمن تلك الخدمة عبر الهاتف الخلوي وتقوم بزيادة فواتير المنتجات التي اشتراها المشترك على فاتورة المكالمات الاصلية، ويصبح دور المصرف ثانوياً في هذا المجال وهو يسمى تفكيك الوساطة بينه وبين الزبون. وللحماية من موضوع فك الوساطة بين المقرض والمودع في البنك، ومن الشركات التكنولوجية الكبيرة مثل ياهو وغوغل وpaypal التي اصبحت تؤمن الدفع بنفسها من دون اللجوء الى المصارف، على هذه الاخيرة ان تغيّر التكنولوجيا الخاصة بها وتكون سريعة جداً واعادة بناء خريطة رقمية جديدة لمجابهة هذا الخطر". واعلنت ان العالم سيصل الى مجتمع خالٍ من النقود اي Cashless Society والذي يعني ان يخرج الاشخاص من منازلهم لا يحملون مالاً بل سيدفعون فواتيرهم من خلال اساور معلقة في ايديهم اومن خلال ساعاتهم او هواتفهم الذكية او عبر الانترنت، واضافت انها تعمل للتحول إلى مفهوم المجتمع الخالي من النقود من الآن وحتى خمس سنوات كي يصبح المصرف بالنسبة للزبون مستشاره المالي حول كيفية اجرائه لاستثماراته.



مراحل تطور المصارف إلكترونياً

عرف عالم الأعمال المصرفية تحولاً علمياً في أبعاد وأهداف واستراتيجيات المصارف في العقود الأخيرة وكان ذلك نتيجة منطقية لثورة التكنولوجيات الجديدة، ما أدى بالمؤسسات المصرفية خصوصاً والمالية عموماً بالاتجاه نحو تقديم نوع جديد من الخدمات يتماشى مع ما أصبحت تتسم به سوق الصيرفة. ومر استخدام التكنولوجيا من قبل المصارف بخمس مراحل رئيسة هي:
أولا: مرحلة الدخول وهي المرحلة التي دخلت فيها التكنولوجيا أعمال المصارف بغرض ايجاد حلول للأعمال المكتبية الخلفية.
ثانيا: مرحلة تعميم الوعي بالتكنولوجيا وهي المرحلة التي بدأت بتعميم الوعي بالتكنولوجيا على جميع العاملين بالمصرف من خلال برامج تدريب تغلب عليها التقنية على حساب المعرفة بالأعمال.
ثالثا: مرحلة دخول الاتصالات والتوفير الفوري لخدمات العملاء مثل مركز خدمة العملاء. رابعا: مرحلة الضبط والسيطرة على التكاليف وهي مرحلة ضبط الاستثمار بالتكنولوجيا.
خامساً: مرحلة اعتبار التكنولوجيا عملاً ضمن أعمال المصرف وهي المرحلة التي بدأت فيها الادارة الاستراتيجية للتكنولوجيا، والتي ارتكزت على تفعيل الانتاجية على الصعيد الداخلي وتحسين الضبط على الصعيد العملي، وتسويق التكنولوجيا على الصعيد الخارجي.