"حركت شوي"، لكنها لم ترق إلى المستوى الذي كان مرجواً. شهدت الحركة السياحية في البلد تحسناً ملحوظاً خلال الأسبوعين الأخيرين من نهاية العام. حركة المطار وزحمة الشوارع تؤشر إلى ذلك، لكنها لا تشكل حالة تمكن من القول إن القطاع السياحي انتعش بشكل جدي، فالمطلوب أكثر من "عجقة" طائرات أو سياراتكانت آمال كثير من اللبنانيين لا سيما في القطاع الخاص معقودة على فترة الاعياد لتنشيط الحركة السياحية نسبياً، ولينعكس ذلك بدوره ايجاباً على غالبية القطاعات الاقتصادية.

لكن ذلك لم يتحقق كما كان ينتظر البعض. ولم تستطع الاعياد ان تبدل صورة الوضع الاقتصادي المتردي المسيطر منذ مدة.
وعلى الرغم من تحسن حركة المطار نوعا ما، غير ان الوضع يبقى بالنسبة الى المعنيين في القطاع السياحي سيئا نظرا الى أن غالبية القادمين الى لبنان من المغتربين الذين اتوا لتمضية فرصة العيد مع ذويهم، وليسوا من السياح الوافدين.
الحركة في مطار بيروت الدولي تبدو جيدة، وسجلت الاحصاءات الرسمية منذ اوائل الشهر الجاري ارتفاعا في عدد الركاب بنسبة 5%، ويتوقع ان تسجل ارقاما قد تصل إلى 7 ملايين راكب في عام 2014.
غير ان المعنيين في غالبية وكالات السفر يؤكدون انها المرة الاولى في تاريخ القطاع السياحي في لبنان، وحتى بعد الحرب اللبنانية، التي يشهد فيها لبنان هذه النسبة المتدنية من الحجوزات ومن غياب السياح العرب والاوروبيين.
الحركة في المطار جيدة،
وسجلت الاحصاءات منذ اوائل الشهر ارتفاعا بعدد الركاب بنسبة 5%

فقد جرت العادة ان تنظم وكالات السفر في فترات الاعياد رحلات اضافية لاستيعاب حركة القادمين الى لبنان. ولكن هذه السنة كان الامر مختلفا، فالطائرات القادمة الى مطار بيروت كانت عموما غير ممتلئة ولا تتجاوز نسبة إشغالها 90%، وهذا مؤشر لم يعرفه القطاع السياحي منذ سنوات عديدة.

الوزير متفائل

غير أن وزير السياحة ميشال فرعون يرى ان "الحركة السياحية مقبولة ولا بأس بها وافضل من السنة الماضية"، متوقعا أن ينتهي العام الحالي مع حركة وصول من مختلف دول العالم ومن مختلف الجنسيات، مع تسجيل قلة اقبال للسياح العرب والخليجيين.
وبرأي فرعون فان "الحركة السياحية مقبولة في فترة الاعياد، وقد لاحظنا زيادة بحوالي 20% مقارنة مع السنة الماضية. وهذا دليل على ان لبنان ما زال يملك المقومات السياحية المعروفة". وعلى صعيد الاكلاف، أكد "ان الاسعار لم ترتفع، بل انها مرتبطة بمسألة العرض والطلب، غير انها نفسها مقارنة من السنوات السابقة".

الوافدون أكثر

حركة الطائرات القادمة الى بيروت افضل من الحركة الى الخارج، والسبب رداءة الاوضاع الاقتصادية التي تمنع كثيرين من السفر، الى جانب اسباب اخرى مثل صعوبة الحصول على تأشيرات دخول الى دول عدة، يضاف إليها ان المغتربين يفضلون المجيء إلى لبنان بغية قضاء فترة الاعياد مع عائلاتهم، وهم أكثر مقارنة باللبنانيين الراغبين في تمضية رأس السنة خارج البلد.

وكالات السفر

هل تحسنت الحركة السياحية ام استمرت جامدة؟ تضاربت الآراء حول الموضوع، فالبعض يرى الوضع جيدا وافضل من السنة السابقة فيما يظن البعض الآخر انه الاسوأ منذ زمن.
مصدرمسؤول في شركة "جيتاني ترافل" للسياحة والسفر أكد ان "الحركة من بيروت متراجعة بسبب الوضع الاقتصادي، اما الحركة الى بيروت فتعتبر جيدة خلال فترة الاعياد ولكنها ليست كالسنوات السابقة اذ سجلت انخفاضا بنسبة 20% من حيث عدد القادمين الى لبنان و40% من المسافرين الى خارج البلد".
وأشار إلى أن اسعار البطاقات لم ترتفع كالاعوام السابقة، ولكن سوء الاوضاع الاقتصادية هي التي باتت تشكل عائقا امام الراغبين في السفر في هذه الفترة من السنة.
في الاطار عينه، يقول مصدر في شركة "كنج ترافل" للسفر ان "نسبة الوافدين اكبر بكثير من نسبة المسافرين وتقريبا هي نفسها في كل عام. فاللبنانيون في الخارج يأتون في هذه الفترة لقضاء الاعياد مع عائلاتهم".
اذا اسعار البطاقات مرتبطة بعدد المسافرين على متن الطائرة، فكلما قلت الاماكن ترتفع الاسعار والعكس صحيح؟
"ان اسعار البطاقات لم ترتفع كونها اصلا مرتفعة نسبيا في هذه الفترة كما في كل عام"، وفق ما اشارت الين غانم، مديرة العمليات في شركة "اناستازيا". وتضيف "ان اللبنانيين الذين سافروا هم اكثر من السياح الذين اتوا الى لبنان والذين تراجع عددهم بشكل ملحوظ عام 2014 لان الاوضاع الامنية سيئة في هذه الفترة. ما دفع بكثيرين للسفر لقضاء الاعياد في الخارج".
اما بالنسبة لشركة "5 ستارز تورز"، فيعتبر طارق ضاهر "ان الحركة الى خارج بيروت افضل بكثير من حركة الوافدين الى بيروت"، لافتا إلى أن "الاسعار لم ترتفع، بل على العكس، حاولت الشركة تقديم عروضات جيدة في محاولة منها للمحافظة على الاسعار كما كانت في السنوات السابقة".
"الاسعار لم ترتفع..." جملة رددها أغلب المعنيين في القطاع السياحي. فأسعار الحجوزات هي نفسها، ومع ذلك يعتبر كثيرون ان حركة السفر من والى بيروت ضعيفة نسبيا ولم تصل الى مستويات السنوات السابقة.
الا ان هذا الواقع لا يعني تراجع حركة سوق قطع التذاكر، إذ سجل هذا القطاع نموا بنسبة 8%، وقاربت نسبة المبيعات هذا العام ما يعادل الـ 490 مليون دولار، فيما كانت تقدر القيمة المباعة العام الماضي 450 مليون دولار، وهذه الزيادة تعود الى أن مطار بيروت بات المنفذ الاساسي للبلدان المجاورة حيث الاوضاع الامنية غير مستقرة. من هنا قد لا تكون حركة المطار دليلا ومؤشرا سياحيا دقيقا.