اليمنيون يشككون بمآلات «جنيف 2»: اعتدنا الحرب

  • 0
  • ض
  • ض

حضر الحديث عن وقف إطلاق النار في مجالس أهالي صنعاء، حتى قبل بدء سريانه أول من أمس. أبدى هؤلاء لامبالاتهم بالأمر وعدم ثقتهم بتنفيذ الاتفاق. وتبدو توقعاتهم قد صدقت، إذ لم يمضِ على سريان الاتفاق إلا ساعات حتى عاد طيران العدوان للتحليق في سماء العاصمة في أولى ساعات الليل في موعدها المعتاد، ولكن هذه المرة كان التحليق مستفزاً حين فتحت الطائرات حاجز الصوت ورصدت غارات في ضواحي المدينة. تأقلم سكان العاصمة مع القصف السعودي ولم يعد الأمر ينعكس على سير حياتهم. غير أن أهالي جبلَي عطّان ونقم، الحيين اللذين تعرضا لقصف عنيف بداية العدوان، ما أجبرهم على النزوح إلى منازل أقاربهم في العاصمة، عادوا اليوم إلى منازلهم وعالجوا بعض الأضرار التي تعرضت لها منازلهم. ويقول محمد الأسدي إنه أجرى بعض الإصلاحات لمنزله الذي تعرض لأضرار جسيمة مثل سائر المنازل في منطقة فج عطان بفعل القنبلة الشديدة الانفجار التي ألقاها طيران العدوان على جبل عطان في شهر نيسان الماضي، مشيراً إلى أنه «لا ينوي مغادرة منزله مرة أخرى، إذ إن أفراد عائلته اعتادوا العيش في ظل القصف». أما سعيد البنان، وهو من سكان حي الجامعة وسط العاصمة، فيرى أن «الأهم هو التوصل إلى فك الحصار الشامل المفروض على البلاد من قبل دول العدوان ليتسنى إدخال الأدوية والغذاء»، موضحاً في تصريح لـ«الأخبار» أن «اليمنيين اعتادوا الحرب التي لا تقدر على إحداث تغيير كبير في نمط حياتهم أو تحدّ من تحركاتهم». ويضيف البنان قائلاً: «حين توافر البترول في المحطات عادت الزحمة في الشوارع أكثر من السابق، ولا أحد اليوم يرفع بصره حين تحلق الطائرات عشان يشوفوا مكان الغارات مثلما كان في بداية العدوان».

تواصل الدوائر الحكومية والجامعات والمدارس دوامها بنحو طبيعي
وكانت «اللجنة الثورية العليا»، برئاسة محمد علي الحوثي، قد بذلت جهوداً حثيثة أخيراً للتواصل مع الأمم المتحدة للسماح بدخول المشتقات النفطية التي انقطعت مرة أخرى. تلك الجهود أثمرت السماح للسفن بتفريغ حمولاتها في ميناء الحديدة. ووضعت اللجنة مع شركة النفط اليمنية نظاماً صارماً يسمح بتوزيع المشتقات النفطية بطريقة تمنع أي تلاعب من قبل ملاك محطات البنزين أو من قبل مديري المحطات التابعة للشركة. كذلك منع أصحاب السيارات من تخزينها وتزويدهم دورياً بقدر الحاجة. وانعكس توافر المشتقات النفطية على حياة الناس في العاصمة صنعاء حيث تشهد الحركة زحمة لم تشهدها العاصمة من قبل لسببين: الأول، اعتياد الناس لوضع القصف، والثاني وجود أعداد كبيرة من العائلات التي نزحت من تعز التي تشهد معارك مع مرتزقة العدوان ومن مدن الجنوب، خاصة عدن وأبين حيث يسيطر تنظيما «داعش» و«القاعدة» عليها، وانعدام الأمن الذي أحدثه دخول القوات الغازية. وتواصل الدوائر الحكومية والجامعات والمدارس أيضاً دوامها بنحو طبيعي، وكذلك الشركات الخاصة التي صمدت ولم تغلق أبوابها. وفيما كان القصف السعودي على العاصمة يعلّق الدوام بين الآخر، لم يعد الأمر كذلك اليوم حيث تواصل تلك القطاعات عملها دون توقف. وتجدر الإشارة إلى الانطباع العام لدى اليمنيين بقدرتهم على الانتصار على الجيش السعودي حيث يتفاعلون كثيراً مع المشاهد المصورة التي يوزعها «الإعلام الحربي» لعمليات الجيش و«اللجان الشعبية» في جيزان ونجران وعسير. ويقيم سكان العاصمة الأعراس بنحو متزايد بعدما وجدوا حلولاً لمشكلة انقطاع التيار الكهربائي، وهم يفتتحون الأعراس بـ«الزوامل الشعبية» وهو لون تراثي يمني شاع أخيراً حيث يتغنى الشعراء ببطولات الجيش و«اللجان الشعبية» ولا يخلو أي منها من السخرية من الجيش السعودي، حيث تُلحَّن تلك القصائد وتؤدَّى بطريقة «الزامل» مع رقصات شعبية. وفيما تبدو الحياة في العاصمة صنعاء طبيعية جداً، حيث إن القصف لم يعد يلقي بظلاله على سيرها، إلا أن الحصار المفروض على البلاد يلقي بظلاله على حياة الناس الذين يجدون صعوبة بالغة في الحصول على الغاز المنزلي والمواد الغذائية. إلا أن المعاناة الأكبر تتجلى في المستشفيات التي تعاني انعدام المستلزمات الطبية والأدوية ويتعاظم العجز في تقديم الرعاية الطبية للجرحى الذين يُنقلون إلى العاصمة من المحافظات الأخرى أو المصابين بأمراض مزمنة كالفشل الكلوي والسرطان. ويوضح مدير شركة أدوية، الدكتور ياسر الصرمي، في حديثٍ إلى «الأخبار» أنه لم يكن يتوقع أن تشهد البلاد أزمة في الأدوية والمستلزمات الطبية، لأن الشركات كانت تملك مخزوناً استراتيجياً إلى جانب مخزون وزارة الصحة في بداية العدوان يكفي لستة أشهر، لافتاً في تصريح لـ«الأخبار» إلى أن «استمرار العدوان والحصار أديا إلى نفاد المخزون». وكشف أن نتيجة الإجراءات التي تفرضها دول العدوان لم يعد بإمكان الشركات استيراد الأدوية من الخارج باستثناء بعض الشركات التي تتمكن في مرات نادرة من إدخال بعض الأدوية بتكلفة تتضاعف أكثر من ثلاث مرات.

  • لا أحد اليوم يرفع بصره اليوم حين تحلق الطائرات عشان يشوفوا مكان الغارات

    لا أحد اليوم يرفع بصره اليوم حين تحلق الطائرات عشان يشوفوا مكان الغارات (أ ف ب )

0 تعليق

التعليقات