سيطرت المجموعات المسلحة المؤيدة للعدوان السعودي، قبل أيام قليلة، على عدد من المناطق في محافظتي مأرب والجوف بعد انسحاب مفاجئ للجيش اليمني و«اللجان الشعبية» من مواقع ومعسكرات في مناطق ذات طبيعة صحراوية، الأمر الذي فسح المجال للمسلحين للتقدم بسهولة من دون مواجهات في استغلال للهدنة المعلنة من قبل الأمم المتحدة.
وأكد المتحدث باسم الجيش اليمني، العميد غالب لقمان، يوم أمس، أن الجيش و«اللجان الشعبية» موجودون في كل مكان في العاصمة صنعاء، فيما لا تزال المعارك مستمرة في جبل الصلب بين مأرب والجوف. ونفى لقمان أن تكون المجموعات المؤيدة للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي قد سيطرت على مناطق قرب صنعاء، واصفاً تلك الأنباء بـ «الدعاية الإعلامية».
وكان المسلحون قد سيطروا في مأرب على معسكر ماس في منطقة الجدعان وعلى مناطق المشاف والحجر والحصون التابعة لمديرية مجزر. في المقابل، يحتفظ الجيش و«اللجان الشعبية» بالسيطرة على مفرق الجوف وموقع الصفراء الاستراتيجي ومناطق الأشراف، وجميعها يقع في مديرية مجزر. وتخضع مناطق الأشراف ذات الغالبية الزيدية لحصار من ثلاثة اتجاهات، في محاولة من المسلحين للسيطرة عليها، فيما شكل الأهالي لجاناً محلية لحماية مناطقهم والدفاع عنها ضد قوات الغزو والمسلحين.
ويشن المسلحون هجمات متتالية بهدف السيطرة على مفرق الجوف الاستراتيجي الذي يمثل بوابة استراتيجية للوصول إلى منطقة فرضة نهم، وهي سلسلة جبلية طويلة تُمكّن السيطرة عليها من الاقتراب من العاصمة صنعاء والتحكم بالطريق الرابط بين صنعاء وخمس محافظات يمنية.
وفي محافظة الجوف المحاذية لمحافظة مأرب من الجهة الشمالية، تمكن المسلحون من دخول معسكر «اللبنات» في صحراء الجوف، وصولاً إلى عاصمة المحافظة الحزم حيث تمكنت قوات الغزو والمسلحون من السيطرة على مقر «اللواء 115» والمجمع الحكومي في الحزم من دون مواجهات تذكر.
جاء انسحاب الجيش و«اللجان الشعبية» لإعادة الانتشار والتموضع وفق الخطط العسكرية

وانسحبت قوات الجيش و«اللجان الشعبية»، وأعادت تمركزها في مناطق سدبأ والغيل وعقبة خب والشعف، في ظل اشتباكات خفيفة ومتقطعة في بعض مناطق الغيل وخب والشعف.
وشهدت المناطق التي انسحب منها الجيش و«اللجان» نزوحاً جماعياً للأهالي من منازلهم خشية انتقام المسلحين والقوات الغازية نتيجة مواقفهم الرافضة للعدوان.
وأكد مصدر عسكري مطلع على المعارك، أن قوات الجيش و«اللجان الشعبية» لا تزال تسيطر على المناطق الاستراتيجية في محافظة الجوف، وستعمل على استعادة المناطق التي سقطت في أيدي قوات الغزو خلال الأيام المقبلة. وكشف المصدر في تصريح لـ«الأخبار» أن «الجيش اعتمد خططاً عسكرية جديدة استدعتها ظروف الحرب»، مضيفاً أن «الأيام والأسابيع المقبلة ستحمل تباشير النصر للشعب اليمني في مختلف جبهات القتال».
وعزت مصادر عسكرية سبب انسحاب الجيش المفاجئ من مناطق شاسعة في الجوف ومأرب من دون مواجهات تأتي في سياق الانكماش نحو المناطق الجبلية بهدف التخفيف من أضرار الضربات الجوية لطيران العدوان حيث تعد مناطق الجوف صحراوية مكشوفة للطيران. وأضافت المصادر لـ«الأخبار» أن الانسحابات «تأتي في سياق خطط عسكرية لإعادة الانتشار والتموضع وفق الخطط العسكرية والمستجدات الطارئة، خصوصاً بعد إعلان انطلاق المرحلة الأولى من الخيارات الاستراتيجية حيث دفع الجيش واللجان الشعبية بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى الحدود والتوغل نحو الأراضي السعودية».
وعلى الرغم من التهويل الإعلامي الكبير الذي رافق عملية التقدم الميداني للمسلحين والقوات الغازية، فإن قراءة الواقع الميداني تشير إلى أن هذا التقدم لا يحمل أي أهمية استراتيجية لحسم المعركة المستمرة منذ عشرة أشهر، خصوصاً أن السيطرة كانت على مناطق صحراوية وتبتعد عن العاصمة صنعاء أكثر من 160 كيلومتراً، ولا يمثل أي خطورة عليها حيث تحيط بصنعاء سلسلة جبلية تمتد على طول مئة كيلومتر، وهي محصنة بترسانة عسكرية كبيرة، حيث ينتشر الجيش و«اللجان الشعبية» في قمم الجبال الشاهقة التي قد يزيد طولها على 2500 متر عن سطح الأرض.
كذلك تسمح المناطق الجبلية الوعرة للجيش و«اللجان» بالتحرك الميداني من دون انكشاف أمام الطيران الحربي المعادي وتوفر قلعة حصينة للمقاتل اليمني.
وفي جبهة صرواح التي تتسم بطبيعة جبلية مناسبة، تستمر المعارك في محيط معسكر كوفل حيث فشلت القوات الغازية في تحقيق أي تقدم يذكر وتكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
وواصل طيران العدوان غاراته الجوية المكثفة على مناطق متفرقة في محافظتي مأرب والجوف مستهدفاً منازل المواطنين والبنية التحتية ومخلفاً دماراً كبيراً فيها، رغم إعلان الهدنة التي استغلها العدوان السعودي لتحقيق انتصار وهمي يغطي على هزائمه المتلاحقة في مختلف الجبهات.