آثار العدوان في إب: مآسٍ إنسانية بالجملة

  • 0
  • ض
  • ض

لم تسلم محافظة يمنية واحدة من آلة القتل السعودية. محافظة إب، أحد أجمل المواقع الجغرافية في اليمن لطبيعتها، نالت حصةً وافرة من الاستهداف الجوّي الذي خلّف مآسي إنسانية لا تُحصى لدى أبناء إب، فضلاً عن النازحين إليها

يمكن القول، من دون مغالاة، إن محافظة إب (وسط اليمن) سجلت ملحمة أسطورية في صمودها أمام استهدافها المتواصل من قبل الطيران السعودي طوال الأشهر التسعة من العدوان على اليمن. دمرت الغارات الجوية البنى التحتية والمرافق التعليمية والمستشفيات والمنشآت العسكرية والمدنية في إب، وحاصرت أبناء المحافظة في محاولة لمنع الدواء والطعام عنهم، إلى جانب المجارز المروعة التي ارتكبت بحق هؤلاء. وبحسب المعلومات الأمنية، نفذ الطيران السعودي، خلال تسعة أشهر، أكثر من 370 غارة جوية على مدينة إب ومديرياتها وقراها نجم عنها استشهاد 261 شخصاً وإصابة 473 آخرين بجروح، معظمهم من النساء والأطفال. وارتُكبت خلال هذه الفترة أيضاً 11 مجزرة بحق المدنيين والعسكريين من خلال قصفها الأحياء السكنية المكتظة بالسكان، ولا سيما في مدينة يريم التي كان لها النصيب الأكبر من المجازر، فضلاً عن استهداف المراكز والمقار الأمنية وتجمعات المواطنين في الأسواق، وأسفرت عن استشهاد 143 مواطناً وجرح 207 آخرين. وشمل الاستهداف عدداً من الجسور والطرقات الحيوية التي تربط محافظة إب بالعاصمة صنعاء، أبرزها جسر الدليل القريب من جبل سمارة، كما استهدف خلال الأيام القليلة الماضية جسر وادي الجنات في منطقة السحول شرق المدينة، إلا أن الغارة أخطأت هدفها. ولم تسلم القطاعات التعليمية في إب من الحقد السعودي. فقد دمرت طائرات العدوان 14 مدرسة ومرفقاً تعليمياً؛ بينها المعهد العالي لإعداد المعلمين في منطقة السحول الذي تعرض لست غارات على دفعتين، فيما دمرت معظم مدارس مديريتي يريم والرضمة. كذلك، طال القصف أكثر من 300 منزل بين التدمير الكلي والجزئي، إضافةً إلى إعطاب 45 سيارة ومركبة مختلفة.

دمر العدوان البنى التحتية وقصف المدارس والمعاهد وأوقف المشاريع الاقتصادية
وكان لمقار المؤسسات العسكرية والأمنية واللجان الشعبية أيضاً نصيب من العدوان، حيث شنّت طائراتها عشرات الغارات على معسكرات «اللواء 30» في نجد الجماعي و«اللواء 55» في يريم ومعسكر قوات الأمن الخاصة في شبان جنوب مدينة إب. وكانت المرافق السياحية والمتنزهات والمعالم الأثرية هي الأخرى قد تعرّضت لقصف عنيف من طائرات العدوان. وكان أبرزها مجمع بن لادن السياحي في منطقة حراثة في مدينة إب التي تعرضت لأكثر من 20 غارة في أوقات مختلفة، وتم تدمير عدد من المنشآت السياحية والمرافق التابعة له. على الجانب الإنساني والاجتماعي، خلق العدوان أوضاعاً سيئة في محافظة إب التي يفوق عدد سكانها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، بعد استقبالها أكثر من 400 ألف نازح من محافظات تعز والضالع ولحج وعدن والحديدة، الأمر الذي تسبب بحالة اكتظاظ كبيرة في مدينة إب. ومثّل قدوم النازحين إلى محافظة إب مشكلة أيضاً في العملية التعليمية نتيجة استخدام المدارس كأماكن لاستقبال النازحين، الأمر الذي أدى إلى تأخر انطلاق العام الدراسي نتيجة رفض النازحين الخروج من المدارس قبل إيجاد السلطة المحلية ومكتب التربية والتعليم سكناً بديلاً لهم. وبحسب تصريحات مسؤولي مكتب الصحة في المحافظة لـ«الأخبار»، فإن 34 مدرسة موزعة على مدينة إب وعدد من مديرياتها يسكن فيها نازحون تمكنوا من إيجاد بعض الحلول لمشكلتهم، غير أن شح الإمكانيات وعدم وجود بدائل حالا دون حل المشكلة بشكل كلي. وفي المجال الاقتصادي، تسبب العدوان بوقف الحركة الاقتصادية وتعليق العديد من المشاريع الاقتصادية في المدينة التي كانت تشهد طفرة كبيرة في بناء وتشييد المنازل والفنادق التي تتطلب عمالة كبيرة، ما تسبب بخسارة الآلاف من المواطنين أعمالهم. وفي الوقت نفسه، أعلن مئات تجار الجملة والتجزئة إفلاسهم وإغلاق محالّهم ومنشآتهم بسبب عدم وجود فئات مستهلكة قادرة على الشراء، كما تم تسريح الآلاف من العمال الذين كانوا يعملون لديهم من دون حصولهم على حقوقهم ومستحقاتهم. وتزايدت معاناة المواطنين في المحافظة مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية وانعدام المشتقات النفطية، بالتزامن مع ارتفاع أسعار المواصلات في المدينة وبين المديريات والقرى في الريف وتعطل شبه كلّي للحركة نتيجة توقف أكثر من 90 في المئة من السيارات والمركبات ووسائل النقل في المحافظة. وتأتي تلك الأوضاع وسط انعدام في الخدمات الأساسية والضرورية، حيث انعدمت المشتقات النفطية نتيجة الحصار وتدمير المحطات التي تقوم ببيع المواد النفطية في كتاب ويريم وسوق اليل في مديرية السبرة ومحطة منطقة السحول شمال مدينة إب. كذلك تسبب انعدام مادة الغاز المنزلي بارتفاع أسعارها بشكل فاق قدرة المواطنين. ومع استمرار العدوان على المحافظة، تفاقمت المشاكل في المستشفيات والمرافق الصحية وزادت معاناة المرضى من الفئات الفقيرة ومن الذين يعانون أمراضاً مزمنة ويعالجون على نفقات الدولة، مثل مرضى السكر والفشل الكلوي والأورام السرطانية. وتوفّي خلال الأشهر التسعة من العدوان 91 شخصاً من مرضى الفشل الكلوي في مستشفى «الثورة العام» في مدينة إب نتيجة نفاد الدواء من السوق بسبب الحصار.

  • ارتُكبت خلال الأشهر التسعة 11 مجزرة في إب

    ارتُكبت خلال الأشهر التسعة 11 مجزرة في إب (الأناضول)

0 تعليق

التعليقات