strong>مفاجاة تقرير القناة الكندية تمثلت في الاشارة لاول مرة الى نقاش جرى في اروقة لجنة التحقيق الدولية حول دور ملتبس لرئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي العقيد وسام الحسن. المعلومات اثارت ضجة واسئلة خصوصا وانها استندت الى مذكرة داخلية رسمية
في تاريخ رؤساء الاستخبارات في الشرق الأوسط، يُعَدّ العقيد وسام الحسن شخصية محيِّرة، ومرهوبة حتى في بلاده. وقد كان الحسن على رادار الأمم المتحدة منذ البداية، لسببين: الأول أنّه سرعان ما أصبح أحد أبرز رجال التواصل بين التحقيق وقوى الأمن الداخلي، بالإضافة إلى أنّه كان مسؤولاً عن أمن الرئيس رفيق الحريري في فترة الاغتيال. غير أنّه لم يكن في القافلة يوم الانفجار، وقد كان عذره ـــــ بعبارة ملطفة ـــــ واهياً.
في تموز 2005، قال العقيد الحسن لمحققي الأمم المتحدة إنّه التحق بدورة كمبيوتر بعنوان «الإدارة الاجتماعية والبشرية»، في الجامعة اللبنانية. وقال إنّه في اليوم السابق للاغتيال، أي في 13 شباط، تلقى مكالمة من أستاذه، يحيى ربيع، يبلغه فيها بأنّه مطلوب للقيام بامتحان في اليوم التالي.
وقال للمحققين إنّه بعد عشرين دقيقة، اتصل به الحريري، واستدعاه. وقال العقيد الحسن إنّه وصل إلى مقر الحريري في 9:30 مساءً من ذلك اليوم، وحصل على إذن رئيسه لحضور الامتحان في اليوم التالي.
وقال إنّه أمضى صباح اليوم التالي بأكمله في الدرس للامتحان، وإنّه أطفأ هاتفه عندما دخل إلى الجامعة، وهو الوقت الذي قتل فيه الحريري. وقال للمحققين: «لو لم أكن جالساً في الامتحان لكنت موجوداً مع السيد الحريري عندما مات». لكن سجلات هاتف الحسن تروي قصة مختلفة تماماً.
ففي الواقع، إنّ الكولونيل الحسن هو الذي اتصل بأستاذه، لا العكس. وقد وضع الحسن المكالمة بعد نصف ساعة من لقائه الحريري في وقت سابق من مساء ذلك اليوم.
وقد أعدّ محققو الأمم المتحدة تقريراً عن العقيد الحسن في أواخر عام 2008، تشكَّكَ في حجة غيابه، وأوصى باستدعائه لإجراء استجواب مفصل.
وقد أظهرت أبراج الهاتف الخلوي إلى جانب منزل الحسن أنّ الكولونيل قضى ساعات في اليوم التالي قبيل اغتيال الحريري، وهو الوقت الذي يفترض فيه أنّه كان يدرس، على الهاتف. وقد أجرى الحسن 24 مكالمة، بمعدل مكالمة كلّ تسع دقائق.
إلا أنّ ما أقلق محققي الأمم المتحدة، أنّ المسؤولين الأمنيين الكبار في لبنان لا يخضعون عادة للامتحانات. وقال تقرير سري للأمم المتحدة يجد الحسن «مشتبهاً به محتملاً في اغتيال الحريري» إنّ «عذره ضعيف وغير متناسق».
وقد أعدّ هذا التقرير الذي حصلت أخبار «سي بي سي» على نسخة منه في أواخر عام 2008 غاري لوبكي، وهو مسؤول سابق في شرطة الخيالة الملكية الكندية العليا، الذي كان قد تولى مهمات المحقق الأول في ذلك الصيف. وقالت الوثيقة إنّه «لا يبدو أنّه حُقِّق في حجة غياب الحسن تحقيقاً مستقلاً».
ولم يكن ذلك لعدم وجود رغبة من جانب محققي الأمم المتحدة. لقد أرادوا التحقق من حجة غياب الحسن، لـ«مواجهته بها» على حد قول أحد المحققين السابقين، والتدقيق في قصته.
لكن براميرتز، مفوض الأمم المتحدة الثاني، أزال هذا الخيار عن الطاولة، ووجد الحسن قيّماً جداً، وأنّ أي تحقيق من هذا النوع هو مدمر للغاية.
ويقرّ التقرير السري بأنّ التحقيق مع الحسن قد تكون له مساوئه؛ فهو «قد يضر بعلاقات اللجنة مع قوى الأمن الداخلي، وإذا كان متورطاً بنحو ما في اغتيال الحريري، فإنّ الشبكة قد تلجأ إلى التخلص منه».
مع ذلك، يذكر التقرير أنّ العقيد الحسن «هو محاور رئيسي للجنة، وأنّه يشغل موقعاً فريداً للتأثير على التحقيق. وعلى هذا النحو، إنّ المسائل المتعلقة بولائه ونياته ينبغي حلها. لذلك، من المستحسن التحقيق مع الحسن بهدوء». لكن حتى ذلك لم يحدث. لقد تجاهلت إدارة لجنة الأمم المتحدة هذه التوصية.
ولا يزال محققو الأمم المتحدة السابقون يتشككون حتى يومنا بالحسن، الذي يرون أنّه أُخرج في نهاية المطاف من دائرة لجنة التحقيق.
لكن الحسن أصبح مدير النقيب عيد بعد اغتيال الحريري، وقد عرف ـــــ بالتأكيد ـــــ بشأن الاهتمام المفاجئ بتقرير عيد، وباجتماعاته.
وقال مسؤول سابق كبير في الأمم المتحدة: «لقد كان له طابع بغيض». وأضاف: «لا أعتقد أنّه شارك في عملية القتل، لكن ليس هناك طريقة لجعله يُقرّ بما يعرف».
وعلى الرغم من أنّه طلب منهم التراجع، تمكن محققو الأمم المتحدة من جمع سجلات هاتف الحسن منذ أواخر عام 2004 وكلّ سجلات عام 2005.
في ذلك الوقت، أجرى الحسن 279 مناقشة مع حسين الخليل، المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وتحدث الخليل بدوره 602 مرة مع وفيق صفا، الذي يُعرَف في الأوساط الاستخبارية بأنّه الرجل الصُّلب الذي يدير الأمن الداخلي في حزب الله. ولم يسأل أحد الحسن عن تلك المكالمات أيضاً.
مع ذلك، هناك الكثير من المدافعين عن الحسن. فهو لا يزال حليفاً وثيقاً لسعد الحريري، رئيس الوزراء الحالي ونجل رفيق الحريري.
ويؤكد مسؤولون أميركيون سابقون، وكان بعضهم في المكتب البيضاوي عندما عبّر الرئيس جورج بوش عن شعوره باليأس لعدم كفاءة اللجنة، أنّ الحسن هو في الحقيقة عدو لدود لحزب الله، وأنّ الاشتباه به يخدم المجموعة.
ويقول أحد المسؤولين السابقين في الأمن الأميركي إنّ كتابة تلك الملاحظة عن الحسن، تدل على أنّ اللجنة ليس لديها أدنى فكرة عما تفعله.
ويعتقد العديد من محققي الأمم المتحدة السابقين بالإجماع على أنّ حزب الله اخترق اللجنة واستخدم الحسن في هذه العملية.
وقال أحدهم: «لقد كذب علينا بشأن حجة الغياب، كان يجدر به أن يموت في تلك القافلة، وهذا يترك علامة استفهام».
نص المذكرة
نص مذكرة داخلية بعنوان
«حجة غياب وسام الحسن»
إلى غاري لوبكي في: 3/10/2008.
مقدمة:
1ـــــ هذه المذكرة جاءت نتيجة لطلب مدير التحقيقات إعادة النظر في وضع أحد المشتبه فيهم باغتيال الحريري.
3ـــــ تتناول هذه المذكرة حصرياً حجة غياب وسام الحسن، ولا

وجد المحققون تناقضا بين افادة الحسن وبيانات هاتفه في 13 و14 شباط 2005
تتطرق إلى عدد من المسائل المهمة الأخرى، كتقديم الحسن إلى لجنة التحقيق شاهداً واحداً ـــــ على الأقل ـــــ فاقداً للصدقية (شاهد زور)، إضافة إلى الاعتداءين اللذين تعرض لهما اثنان من العاملين تحت إمرته، والتحذيرات التي وردت من 3 أجهزة استخبارية أجنبية مختلفة. هذه القضايا يجب أن تبحث على نحو منفصل.
الخلل في حجة غياب الحسن:
15ـــــ يظهر سجل اتصالات وسام الحسن أنه هو من اتصل بأستاذه يحيى ربيع عند الساعة 21:57، لا العكس. ثم عاد ربيع واتصل بالحسن عند الساعة 22:06. علماً بأن الحسن لم يذكر في شهادته للجنة التحقيق الدولية أن هناك اتصالين أجريا بينه وبين ربيع ليلة 13 شباط 2005.
16ـــــ يجدر الذكر أن الاتصالات بين الحسن وأستاذه جاءت بعد نحو نصف ساعة من اتصاله بالحريري لطلب الإذن بالتغيب في اليوم التالي بحجة إجرائه الامتحان.
17ـــــ من المستغرب أن يتلقى الحسن اتصالاً من أستاذه نحو الساعة العاشرة مساءً كي يعلمه بخضوعه لامتحان في اليوم التالي.
18 ـــــ علم أستاذ الحسن بانفجار الحريري، لكنه لم ينجح في إبلاغه بالأمر، إلا بعدما أنهى الحسن امتحانه.
19ـــــ أظهرت أبراج الهاتف الخلوي في محيط منزل الحسن أنّ الكولونيل قضى ساعات (من 8:35 إلى 12:06) يتكلم في الهاتف، في اليوم الذي كان يفترض فيه أنّه كان يدرس، أي في 14 شباط. وقد أجرى الحسن 24 مكالمة، أي بمعدل مكالمة كلّ تسع دقائق.
20 ـــــ من المألوف في لبنان، ألّا يخضع المسؤولون الكبار لامتحانات. هم يحضرون الصفوف متى استطاعوا ثم ينجحون في نهاية السنة. وقد أفاد الحسن بأنه تسجل في الفصل قبل عام، لكنه لم يستطع الحضور دائماً، نظراً لارتباطاته وانشغاله. لكن يبقى من المستغرب أن يذهب الحسن ليقدم امتحانه في ذلك اليوم، وهو يعلم أنه سينجح في نهاية الأمر.
21ـــــ ورد في جريدة «الديار» اللبنانية في 31 تشرين الأول 2006 في مقال لشارل أيوب أن وسام الحسن أبلغه شخصياً خلال التعزية بالحريري بأنه لم يكن يخضع لأي امتحان، بل كان في مهمة في الشمال.