بعد ساعات على سلسلة من المواقف التي شككت في صدقية تقرير المخطة الكندية، أعلن الرئيس سعد الحريري أنه يثق بالعقيد وسام الحسن. وقال الحريري في معلومات وزّعها مكتبه الإعلامي ظهر أمس: «تعليقاً على الوثائقي الذي بثته قناة «سي بي سي» التلفزيونية الكندية حول التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فإننا لا نعلق إجمالاً على أي شيء لا يكون صادراً بشكل رسمي عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أو أحد مكاتبها، لكنني شخصياً أرى أن التسريبات الإعلامية لا تخدم مجرى العدالة». وعما أثير بشأن العقيد وسام الحسن، قال الرئيس الحريري: «إن العقيد وسام الحسن موضع ثقتنا التامة. كان موضع ثقتنا التامة ولا يزال».
من جانبه قال العماد ميشال عون بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح إنه
«كانت هناك مفاجأة كبيرة البارحة على تلفزيون الـ«CBC» الكندي، إذ تبيّن أن هناك أيضاً علامات استفهام كبيرة مما يستوجب التوسع في التحقيق الدولي لإجلاء هذه التهمة الموجهة لوسام الحسن، وهو أحد المتهمين الأساسيين بموضوع شهود الزور، باعتباره مدبّراً لهم. وقد تبيّن أنه أدّى دوراً خفياً، وفقاً لتسريبات. أعتقد أن الـ«CBC» هو التلفزيون الرسمي الكندي التابع للدولة الكندية وليس شركة خاصة. وحتى الساعة، لم يصدر أي رد من وسام الحسن على ما تم بثه. يجب أن ننتظر جميعنا رداً منه، ألم تحاولوا أن تسألوه أنتم الصحافيين؟ مضت أربع وعشرون ساعة على الموضوع ولم نسمع رداً منه».

عون لا يجد للثقة مكانا بهذا الموضوع فنحن نثق باسخاص يتهمون ايضا
قاطعه الصحافيون: «الرئيس الحريري رد على هذا الموضوع». العماد عون: «ماذا قال؟» الصحافيون: «قال إنه يثق بوسام الحسن». العماد عون: «لا علاقة للثقة بهذا الموضوع. نحن نثق كثيراً بأناس يُتهمون. الثقة بالأشخاص تأتي من حسابنا الخاص فيما المحكمة هي جهاز مستقل، غير أن القرائن التي عُرضت تثبت الشكوك. على أي حال، موقعنا ليس للاتهام، موقعنا الآن هو للتساؤل، نتساءل متى سنسمع الجواب. فقد سمعنا الجواب سريعاً من مجلة «دير شبيغل» وصحيفة «لو فيغارو»، والآن نحن ننتظر أن نسمع الجواب على هذا المصدر الإعلامي الكندي».

الشارع

ومن طرابلس أفاد الزميل عبد الكافي الصمد أن الخبر عن الحسن نزل كالصاعقة على مناصري تيار «المستقبل» في طرابلس والشمال. وقد أصيب هؤلاء بالذهول والحيرة، وتفرّغ كثير منهم للتحقق مما تبثّه قنوات معارضة عبر «قنواتهم»، فتنقلوا من قناة «صديقة» إلى أخرى، إلى أن «صدمتهم» قناة «العربية» ببثها أجزاءً من التقرير، مع عرضها صورة للحسن ضمنه وما تناوله التقرير له، ما جعلهم يقفون مشدوهين أمام ما يسمعون ويُعرض على مرأى منهم.
نواب وكوادر ومسؤولون في تيار المستقبل بلعوا ألسنتهم وغابوا عن السمع باستثناء قلة، ومن تسنّى الاتصال أو الالتقاء بهم حاولوا الظهور بمظهر المحافظ على رباطة الجأش والتماسك وهدوء الأعصاب، في موازاة اعتبارهم أن التقرير «لا يقدّم ولا يؤخر في الأمر شيئاً، وأن القرار النهائي في هذا الصدد هو للمحكمة الدولية».
بعضهم إثر تردّد يبوحون بما لديهم، مع ظهور علامات الشحوب واصفرار الوجوه عليهم. «إذا كان ذلك صحيحاً فإن تيار المستقبل سيشهد هزة كبيرة»، يقول أحدهم معلقاً، فيما رأى آخر أن التقرير «إذا ثبت أنه صحيح فسيكون صدمة العمر لنا!».
وإذ يعمد البعض إلى اعتبار التقرير تسريباً متعمداً لإقامة نوع من «توازن الرعب» مع تقرير مجلة «دير شبيغل» الألمانية الذي اتهم فيه عناصر من حزب الله باغتيال الحريري، يعقب آخرون: «لو اتُهم نائب أو وزير أو أحد المقربين من الحريري لهذه الغاية لهان الأمر، لكن أن يصل ذلك إلى حد إلصاق شبهة ما بالحسن، فأمر يفوق قدرة العقل على التصوّر والاحتمال؟».
وفيما يعبّر بعضهم بسخط أنه «إذا صدق ذلك فعلى الدنيا والمبادئ والعلاقات الإنسانية والقيم السلام»، يضيفون «إذا ثبت ذلك عليه فلتأخذ العدالة مجراها، ولكن لسان حالنا سيقول: لماذا نعتب ونحقد على حزب الله وآخرين إذا كان مقربون من الحريري تورّطوا مثلهم في القضية. إنه أمر لا يصدّق؟».
في المقابل، يقرأ البعض في المعارضة السابقة تقرير القناة الكندية بأنه «تأكيد لما تنبّأ به كثيرون، من أنه سيأتي يوم سيطالب به آل الحريري وجماعة تيار المستقبل أنهم لا يريدون تبيان ومعرفة حقيقة من اغتال الرئيس الحريري، وأنهم لا يمانعون إلغاء أو تجميد عمل المحكمة الدولية!».