شابة شقراء ترتدي الأسود، افترشت أرض وزارة البيئة يوم الثلاثاء إلى جانب ناشطين آخرين في تحرك «طلعت ريحتكم». هي مريم كسروان التي بقيت تُمسك بيد «رفيقها» مروان معلوف مُتمردة على محاولات القوى الأمنية في «سحلها» إلى خارج طابق الوزارة. التقطتها عدسات الكاميرات وهي تصرخ بوجه العناصر الأمنية تارةً من أجل عدم الاقتراب من الناشطين وتارةً أخرى: «اعطيني التلفون».
كسروان ليست وجهاً «جديداً» في التحركات المطلبية. الطالبة في الجامعة اللبنانية – الأميركية شاركت في الاعتصامات الني نظمها طُلاب جامعتها من أجل الاعتراض على غلاء الأقساط. من يتذكرها يُخبر «كيف كانت تعتلي المنبر وتصرخ على مُكبر الصوت مُطالبة بالشفافية المالية». ومنذ إعلان تحرك «طلعت ريحتكم» كانت كسروان من ضمن العشرين شاباً وشابة الذين شاركوا في أوائل التحركات، «بسبب صداقتي بأحد المنظمين». لا تقبل مريم أن «تؤكل حقوقي عينك بنت عينك». هي ابنة الجنوب اللبناني وسُكان بيروت التي غرقت شوارعها بالزبالة، «رأيت ولاحظت أن الزبالة قضية مُهمة جداً. هل عرفتِ بالفيروس الذي يصيب العيون؟ والحرائق التي تنتشر؟ أهلنا والجميع يعرفون اللعبة بأنهم يريدون المُحاصصة، كيف يُمكنهم أن يعرفوا هذا التفصيل ويبقوا ساكتين؟».
طوال 24 عاماً، سمعت كسروان الكثير عن «كليشيات وأمور تحولت إلى مزحة تقول إن هذا هو لبنان: "طبيعي أن تنقطع فيه الكهرباء". "لا أحد يُستفز من دفع فاتورة الماء والكهرباء مرتين". "عيب أن نبقى ساكتين كل هذه الفترة!». بدأت حياتها السياسية كفرد من ضمن حركة 14 آذار «على طيشنة، أول ما توفى الحريري». بعدها انتقلت إلى دفة الثامن من آذار «بسبب شواذات الفريق الثاني». حالياً «انتبهت أن الاثنين لا يناسبانني. حين تتوغلين بالأحزاب أكثر فأكثر ترين المزيد من الوسخ».
الأوضاع في لبنان لا تشير إلى أي تقدم، ومريم لا تُحب أن تترك بلدها، لذلك هي ستبقى تُشارك في الاعتصامات و«لديّ أمل في الشعب، لكن ليس بالدولة». الفتاة تعتقد أن الضغط الذي يُمارس على الدولة لن يوصل إلى أي نتيجة «لأنني كنت أظن أن لديها ما يكفي من الكرامة. 15 شخصاً يدفعون وزيراً إلى الاستقالة في الخارج، هنا الشعب يتكلم، وبالرغم من ذلك تُستعمل وسائل بشعة لقمعه كما حصل يوم الثلاثاء».
مريم التي تعرضت للرفس والركل « وانجرّيت على درج وزارة البيئة» ستواصل المشاركة في الاعتصامات «ما عاملة حساب ارجع».
تعترف بأنها انهارت وخافت على نفسها حين رأت دماء محمد قصير، «لكن نحن لدينا إرادة». أكثر من ذلك، «أنا من الأشخاص الذين يتضايقون من المنظمين لأنهم يحاولون أن يبقوا سلميين. هناك أمور يمكنهم القيام بها ضمن القانون ولكن توجع أكثر».