صباح أمس، اتصلت به فاتن مجدداً تسأله عن متابعاته اليومية. قال لها إنه يفكر بإعداد تحقيق عن الكهرباء. سألته: ما مشكلتها؟ مقطوعة؟ فأجاب: «لا، لكنها تأتي ضعيفة ويشكو الأهالي من احتراق معظم أدواتهم الكهربائية». دار نقاش بينهما حول القسم الذي يُفترض أن تحوّل هذه المادة إليه. هي تسأل إن كان يجب إرسالها إلى «الاقتصاد»، وهو يصرّ على أنه موضوع اجتماعي يحكي عن معاناة يومية؛ لأن الناس كلهم يشكون هذا الأمر، وقال إنه سيتناوله من هذه الناحية. ختم كلامه معها بالقول: «رح شوف شو بيطلع معي وبخبرك لاحقاً».
لم يعاود عساف الاتصال بها، واستعاض عن خبر الكهرباء بخبر الانفجار على الحدود التي كان قد اعتاد تغطية أحداثها منذ عام 1999: من مزارع شبعا ومرتفعات كفرشوبا، إلى الخط الأزرق بعد التحرير عام 2000، عندما كان يعمل مراسلاً للمنطقة في جريدة «المستقبل». يومها كان عساف يقوم بجولته اليومية عند الحدود المشتعلة على الدوام، يكتب رسالته ويروح يبحث عن سائق تاكسي ينقل الخبر إلى الجريدة.
لم يغيّر عاداته منذ ذلك التاريخ، ومع انتشار خبر الانفجار الأمني في العديسة، توجه عساف مباشرة إلى المنطقة. وعندما اتصل به سكرتير التحرير حسان الزين قبل ربع ساعة فقط من تبلّغنا خبر إصابته، كان عساف يخبره أنه متجه إلى مركز الجيش اللبناني في العديسة. قال له حسان: «انتبه إلى نفسك، نبقى على اتصال». هذه العبارة كانت آخر ما قاله له الزميل عفيف دياب أيضاً،
استعاض عن خبر الكهرباء بخبر الانفجار في العديسة
هكذا وصل الخبر إلى الجريدة، إصابة خطرة لم يكن ممكناً التأكد منها إلا بعد اتصال أجراه الزميل هيثم الموسوي بالزميل علي حشيشو، الذي قال كامل إنه هو من التقط له الصور الأخيرة مصاباً. يتصل هيثم ويتأكد الخبر، لكن الجميع يرفض تصديقه، كما يرفضون إعلانه. وفي وقت كانت فيه وسائل الإعلام تعلن خبر استشهاد صحافي في «الأخبار»، كان الزملاء يتلقون عشرات الاتصالات للسؤال عن اسمه أو التأكد من أن ما سمعوه صحيح.