«لا للعار لا للعار ما بدنا مطمر بعكار» و»لا مليون ولا مليار منا مزبلة عكار». بهذه الهتافات، عبّر عدد من المحتجين في دوار العبدة عن رفضهم لخطة النفايات التي أقرّها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة. هذه الخطة تتضمن اعتماد سرار ــ عكار مطمراً صحياً من 3 مطامر مختارة لاستقبال نفايات بيروت وجبل لبنان. احتجاجات أمس لن تكون فريدة، إذ من المقرر القيام بسلسلة من الاحتجاجات، من بينها اعتصام يُقام السبت المقبل عند الساعة الخامسة عصراً عند مفرق تلعباس الغربي لجهة السهل.
شارك في الاحتجاج أمس أكثر من مئتي شابة وشاب، بدعوة من حملة #عكار_منا_مزبلة. وقال المسؤول الإعلامي في الحملة عاهد شخيدم، إن الدعوة هي للوقوف في وجه قرار الحكومة الجائر القاضي باعتماد مطمر في منطقة سرار، دون الأخذ بالاعتبار الأخطار البيئيّة المترتّبة على ذلك. وأشار شخيدم الى أن الحملة ستدعو إلى حراك يشمل كل الأراضي اللبنانية رفضاً لدخول النفايات الى عكار.
عند الساعة الرابعة عصراً، حضر المنظمون الى ساحة العبدة. اختلفت التسميات بين المشاركين #عكار_منا_مزبلة، و#حراس_عكار، وتجمع شباب عكار، وبدأوا التحضير للاعتصام.

تبحث نيللي الناشطة في حملة #عكار_منا_مزبلة عن شعارات تخطّها على اللافتات، «ماذا نكتب وماذا نعبر؟»، تسأل كل فرد، تأتيها اقتراحات من أكثر من مشارك بأن تركّز على مسؤولية رؤساء البلديات المتواطئين مع الحكومة.
غابت القوى الأمنية عن الاعتصام، كذلك فعل نواب عكار ورؤساء البلديات. تحدّث المختار زاهر الكسار باسم «كل عكّار»، وقال «لن نسمح بدخول نفايات بيروت الى أي منطقة، ولا يمكن أن نرضخ لأي رشوة مالية تحت أي مسمى». وتساءل الناشط المحامي عاصم البعريني: «من يحمي بيئة عكار وطبيعتها؟ وهل ستفي الدولة بتعهداتها ومشاريعها التي وعدتنا بها؟ عكار التي لا تزال المحافظة الأشد فقراً».
بالقرب من الاعتصام، حرص شباب #حراس_عكار على نصب خيمة عند دوار العبدة لمراقبة الشاحنات المحملة بالنفايات، والتي تتسلل ليلاً الى مناطقهم، يؤكد أحدهم أنهم سيبيتون هنا لمنع أي شاحنة نفايات من الدخول الى عكار.
عند السادسة، تجمع المعتصمون خلف لافتة حملت شعار #عكار_منا_مزبلة، وألقت الناشطة نيللي الأشقر بيان الحملة، فقالت «طوال خمسة وتسعين عاماً ونحن ننتمي الى دولة الاستهتار والفساد، وهي تعتبر المواطن العكاري مواطناً من الدرجة الثانية». وأعلنت باسم أمّهات العسكريين الشهداء وأبنائهم وصرخات الفلاحين والمزارعين... باسم هؤلاء «قمامتكم لن تمر، تاجروا بها وحدكم وارموها في مكبات منازلكم. تنشقوا روائحها وحدكم (...) القمامة لا تليق إلا بالقمامة أمثالكم».
غضب المحتجين انصب على الوزير أكرم شهيب «صاحب الخطة الخنفشارية للتخلص من النفايات».

عرضت الحكومة
سابقاً 20 دولاراً عن كل طن يُلقى في سرار

تقضي الخطة المقررة بتحويل 4 ملايين متر مربع من المساحات الخضراء الشاسعة في سرار الى مطامر صحية، علماً بأن الموقع المختار تحول منذ عام 1995 الى مكب عشوائي، وتم تلزيمه الى شركة الأمانة العربية (صاحبها خلدون ياسين المرعبي) سنة 1997، بعد مناقصة لجمع نفايات ما يقارب 100 بلدية من أصل 133 بلدية عكارية، ويستقبل هذا المكب حالياً نحو 450 طناً من النفايات يومياً.
تفع قرية سرار في منطقة الدريب، شمال عكّار، على تلّة صغيرة تطلّ على بلدة العبّودية الحدودية، ويفصلها عن سوريا وادٍ وهضبة بالقرب من قرى عديدة في أراضي السهل العكاري، ترتفع عن سطح البحر (٢٠٠ متر). مملوكة من عائلة ياسين المرعبي، ويسكنها عدد من أقرباء العائلة، بالإضافة الى العاملين في المكب. يقول مالك الأرض خلدون ياسين «إن أحداً من المسؤولين لم يتواصل معه». ويضيف «لا أعرف كيف اتخذت الحكومة هذا القرار من دون التواصل معنا»، معتبراً أن الحكومة سببت له «وجع راس»، إلا أن ياسين يلفت الى أن مفاوضات سابقة جرت معه، إذ عُرض عليه مبلغ 20 دولاراً عن كل طن يلقى في سرار، وهو طلب مبلغ 30 دولاراً لينقطع التواصل بعدها. ولا يخفي ياسين حماسته بإشارته الى «دراسات بيئية عدّة اعتبرت مطمر سرار صالحاً ليكون من أهم المطامر الموجودة في شمال لبنان لسببين: الأول مساحته التي تصل إلى أربعة ملايين متر مربع، والثاني يعود إلى نوعية وجودة التراب المهيأة والصالحة للطمر والذي قلّما تتوفر في مناطق لبنانية أخرى».
ويشير ياسين الى أنّ «الشركة استهلكت 10 آلاف متر مربع فقط من أراضي سرار»، ومن المتوقع «أن ترتفع هذه المساحة الى 500 ألف متر بعد اقتراح تحويل شاحنات النفايات من بيروت الى عكار، لكن موافقتنا أو عدمها ستتخذهما الشركة بعد الرجوع الى رؤساء البلديات في عكار، وأهالي عكار بالدرجة الأولى، ولا يمكن أن نتخذ أي قرار من دون موافقة أهالي عكار».