توفي، أول من أمس، المواطن شوقي النجّار (60 عاما). صدمته سيّارة أثناء عبوره أوتوستراد الدورة، بعدما تعذّر عليه سلوك جسر المشاة المسدود بالنفايات المكدّسة. النجّار هو «قتيل» ازمة تراكم النفايات، احدى الازمات «المفروزة» من هذه السلطة. وبمعنى ادق، هو من ضحايا نظام يفتك بالناس باشكال كثيرة.هذه الواقعة اثارت غضبا شديدا، ولكن بالنسبة لحملة «بدنا نحاسب»، كان النجّار منخرطا في الحملة وعضوا فيها، وهو «شهيد» فساد السلطة، على حد تعبير الناشط في الحملة علي حمّود.

يقول حمّود ان هذه السلطة «انتقلت من مرحلة القتل اللامباشر الذي تنتهجه في الكثير من الملفات الحياتية ومن ضمنها ملف النفايات، الذي يقضي على صحة المواطنين، الى القتل المباشر عبر الدفع الى تسريع موتهم».
غضب الحملة تُرجم عبر لجوئها الى تنفيذ وقفة احتجاجية عند جسر المشاة في الدورة، أمس. وعمد ناشطو الحملة الى ازالة النفايات المكدّسة عند سلالم الجسر وحملوا جزءا منها بهدف رميه امام مدخل شركة سوكلين.
حاولت القوى الأمنية اعتراض طريق الشاحنة التي استقدمتها الحملة لهذه الغاية، الا ان الناشطين تمكّنوا من «توصيلها الى المداخل المخصصة لمديري الشركة». يقول حمّود «كنا أكثر عددا من القوى الأمنية وتمكّنا من إلهاء بعض العناصر وتسيير الشاحنة»، لافتا الى ان عناصر القوى الامنية كانوا حريصين على عدم وصول النفايات الى مقر شركة «سوكلين».
«اقطعوا الطريق قد ما بدكن، بس ما ترموا الزبالة قدام سوكلين»، قالها عنصر امن لاحد الناشطين. فضّلت «الدولة» قطع احد المداخل الرئيسية للعاصمة على ان «يُمّس» مدخل الشركة التي تستفز حاليا غالبية اللبنانيين.
النقاش لا يدور هنا حول تأويل حوار او حادثة سعيا لترداد خطاب انتقاد النظام «المعهود»، بقدر ما هو لفت النظر الى الرموز التي يكتنزها مشهد الأمس. مواطن يُقتل على الطريق بسبب ازمة النفايات، وقد سبقه الكثير من المواطنين الذين قُتلوا على الطريق بسبب سياسات الاهمال وغيرها من اوجه الفساد، في المقابل تبدو»الدولة» حريصة على صورة شركة متهمة بالنهب والاستغلال. وليكتمل «المشهد»، جرى ايقاف الشاحنة بعدما أُفرغت عند مداخل الشركة، واقتيد سائق الشاحنة مكبّلا وجرى احتجازه، ولم يُطلق الا عندما اعتصم الناشطون امام مخفر الجمّيزة، في الوقت الذي لا يزال فيه الكثير من المتورطين المعروفين، اسماء ووجوها، بملفات كثيرة، ضمنها ملف النفايات تحديدا «أحرارا» لا يُساءلون.
الجدير بالاشارة ان ما قام به الشبان، أمس، قد يضيف الى «المشهد» المعتاد لقطات جديدة، مفادها ان المواجهة باتت خيارا، وان المهمة تحتاج الى الكثير من الارادة.
وكانت حملة «بدنا نحاسب» قد شاركت في الاعتصام الذي أُقيم، أول من أمس، والذي دعت اليه حملة #عكار منا مزبلة، وذلك سعيا الى العمل على نقل التحرّكات الاحتجاجية الى مختلف المناطق اللبنانية، ولا سيّما المعنية منها مباشرة بالأزمة.