ثائر غندورأن يخرج سامي الجميّل عند الثانية عشرة ظهراً من منزله ليُدلي بصوته، فذلك دليل واضح على (قلّة) الاهتمام السياسي المُولى لهذه المعركة. في منزله الصغير في بكفيّا، يشرب النائب الشاب فنجان شاي أُعدّ على عجل. تعليق سريع يقوله عند الصباح: «القانون الحالي مقبرة للأحزاب، ويضعها رهينة العائلات. وحدها النسبيّة يُمكن أن تُخرجنا من هذه الدوّامة». يؤكّد سامي أن حزبه لم يصرف أموالاً على هذه الانتخابات، «ولو دولاراً واحداً. تكفّلت الأقسام بميزانيّاتها من المرشحين». يصل صديق قريب إلى الجميّل. يُعطيه تقريراً مبسّطاً عن واقع الكتائب. يرتاح. الوضع يبدو جيداً.
من منزله الصغير المطلّ على وادي بكفيا، يطمئن سامي إلى وضع البلديّات التي يخوض فيها حزبه معركة. يسعى إلى تصحيح خطأ تداولته وسائل الإعلام، وهو أن التيّار الوطني الحرّ يخوض المعركة في وجه 14 آذار، «فنحن متحالفون مع التيّار». يراهن «الفتى الكتائبي» على نبيل كحّالة كحصان يخوض به أهم معركة سياسيّة في المتن. يُتابع الوضع في الدكوانة، «فهناك الجميع ضدّنا والعدرا معنا»، يُمازح الجميّل الجالسين، في استعارة من شعار إحدى لائحتي جونية. يتواصل مع محازبيه. يدعمهم على الهاتف، ويشدّ أزرهم، فيختم حديثه معهم بـ: «صلّب إيدك على وجهك والله يوفّقك». لا تأخذ الانتخابات كثيراً من نهار سامي. «فهو تابعها أول من أمس» يقول أحد أصدقائه. أمّا الآن، فيُتابع المحطّات التلفزيونيّة. يُناقش خطاب السياسيين. يخرج بنتيجة: كلنا نقول خطاباً واحداً. يعرف السبب وراء ذلك. هو السبب عينه الذي أنتج هذه التوافقات، «لم يكن أحد جاهزاً للانتخابات البلديّة».
يتشعّب النقاش كثيراً. يبتعد عن الانتخابات البلديّة. يتحدّث عن مجلس الوزراء وعن أداء الوزراء. يزوره قريبه «وصديق الطفولة». يأتي الشاب ليسأل سامي من يجب أن ينتخب. لكن الأساس، هو تأكيده عليه ألّا ينسى موعد عمادة طفلته الجديدة، «أريد أن أُسلّمك ابنتي وجيلها»، يقول له قريبه.
يأتي وقت الانتخاب. ترك الإعلاميّون بتغرين بعد أن صوّت النائب ميشال المرّ. هم في بكفيا. يكتب سامي لائحته بخطّ اليد، «أحبّ هكذا»، بعد أن يستشير قسم بكفيّا الكتائبي. طيّب. لكن الهويّة أين؟ لم يجدها. جواز السفر؟ فلنبحث عن جواز. يركض من غرفة النوم إلى المكتبة. الجواز ضائع. يسود جوّ من الضحك. يفتح الجوارير واحداً تلو الآخر. يجده. يحمله مثلما يحمل مجنّس أول جواز سفر يحصل عليه.
ينزل إلى ثانويّة بكفيّا. يلاقي ابن عمّه نديم. يتبادلان القبل. يستقبله جميع المرشّحين، فالمتنافسون كتائبيّون. نصف ساعة اقتراع وتصريحات. ثم عودة إلى المنزل، فـ«أنا رجل بيتوتي».