تأرجح المشهد الانتخابي في قرى شرق زحلة، بين حماسة وهدوء خرقته إشكالات فرديّة عملت القوى العسكرية والأمنية على معالجتها. وشكا بعض رؤساء الأقلام من تمزّق أعداد غير قليلة من مظاريف الاقتراع الممهورة بختم وزارة الداخليّة
شرق زحلة ــ نقولا أبو رجيلي
الانطلاقة من بلدة كفر زبد، حيث التنافس على أشدّه بين لائحتين مكتملتين، تضم كل منهما 15 مرشحاً، ينتمون إلى مختلف العائلات السنيّة والمسيحيّة، واحدة يترأسها رئيس البلدية الحالي قاسم شكر، وأخرى ائتلافية بين عمر الخطيب وسلوم سلوم. وقد شهدت الباحة الخارجية لمركز الاقتراع في المدرسة الرسميّة، عند ساعات الصباح الأولى، زحمة سير خانقة، اختلطت فيها السيارات المدنيّة بالآليات العسكرية التابعة للجيش، التي حضرت بكثافة وعملت على ضبط الأمن، وذلك على أثر حصول شجار بين أحد المرشحين لمنصب رئيس البلدية من جهة، وزوجة مرشح آخر يسعى إلى الوصول إلى المركز نفسه من ناحيّة أخرى. أحد الناخبين وصف وجود الحشود العسكرية أمام مركز الاقتراع في كفر زبد بـ«الثكنة العسكريّة».
المحطة الثانية كانت في بلدة عين كفر زبد، حيث التنافس للوصول إلى رئاسة البلدية انحصر بين مرشحين من آل الساحلي، كبرى العائلات الشيعية من حيث العدد، وهما سامي الساحلي وقريبه نزيه، اللذان يترأس كل منهما لائحة مكتملة من 15 مرشحاً، يمثلون مختلف العائلات المسيحية والشيعيّة. الهدوء والتنافس العائلي انسحب من عين كفر زبد إلى جارتها قوسايا، فالمرشحان اللذان يسعيان إلى الفوز بمنصب رئيس البلدية ينتميان إلى عائلة الكعدي، وهما رئيس البلدية الحالي طوني كعدي وقريبه خليل سمعان الكعدي.
حماوة المعركة في دير الغزال لم تفسد في الودّ قضية، فأنصار المرشحين تحلّقوا جماعات وأطلقوا النكات في ما بينهم، حيث لا شيء يوحي بوجود معركة بين لائحة «دير الغزال للكل» التي ألّفها رئيس البلدية الحالي جورج أبو فيصل، وثانية يترأسها رفيق الدبس المدعوم من عائلته، وهي كبرى عائلات البلدة عدداً.
هدوء المعركة في رعيت لم يخل من حدّة التنافس الحزبي والعائلي، بين لائحة «إنماء رعيت» برئاسة رئيس البلدية الحالي ملحم صليبا (قيادي في الحزب الشيوعي)، في مواجهة لائحة «الإنماء التوافقي» التي يترأسها الدكتور جوزف فريجي، المدعوم من عائلته وأنصار التيار الوطني الحرّ.
ونزولاً إلى بلدتي ماسا وحارة الفيكاني الشيعيتين، يبدو أن المعركة حسمت لمصلحة اللائحتين المدعومتين من تحالف حزب الله وحركة أمل. أما في البلدة التي تضم أكبر تكتل شيعي في قضاء زحلة، وهي علي النهري، فقد قرر عدد من أبناء العائلات، بدعم من الحزبين الشيوعي والقومي وجمعية إنماء علي النهري، خوض غمار المعركة بلائحة غير مكتملة تضم 7 مرشحين، لمواجهة لائحة «النهضة والإنماء» المدعومة من الثنائي حزب الله ـــــ أمل. يذكر هنا أن شجاراً فردياً كان قد حصل صباحاً بين أحد المندوبين ورجل أمن مكلّف بتفتيش الناخبين على مدخل مركز الاقتراع، عملت قوة من الجيش على تسوية الأمر.
في رياق ـــــ حوش حالا اتخذت المعركة طابعاً حزبياً بامتياز، بين لائحة «النهضة والإنماء» المكتملة برئاسة جان معكرون، والمدعومة من تحالف التيار الوطني وحزب الله وحركة أمل والحزب السوري القومي الاجتماعي، تواجهها لائحة «الكرامة والوفاء» المؤلفة من 7 أعضاء يحركها المقرّب من التيار الوطني إبراهيم فليحان، الذي تتعاطف معه غالبية الأصوات الشيعيّة في البلدة.
إلا أن المفاجأة في رياق كانت ظهور لائحة من 10 مرشحين، تحظى بدعم كامل من حزب القوات اللبنانية، وذلك قبل يومين من يوم الانتخاب. أحد المراقبين لمسار المعركة في رياق وصف التحرّك المفاجئ بـ«الاستفتاء» وخلط الأوراق، ورداً على استبعاد أي مرشح قواتي عن اللائحة الأولى.
يشار إلى أن مركز الاقتراع في ثانوية البلدة الرسمية كان قد شهد صباحاً تدخلاً من قبل الجيش، الذي أوقف عدة أشخاص تدافعوا في ما بينهم، تردد أن خلفيّة الإشكال تعود إلى قيام أحدهم بدفع رشى إلى الناخبين.
تربل التي عاشت على مدى أسبوعين هاجس أصوات المجنسين من عشيرة عرب الحروك، الذين يمثّلون ثلث أصوات الناخبين فيها، نعمت بهدوء تام، بعد تدخّل مباشر من أحمد الحريري، الذي نجحت مساعيه في إيجاد تسوية، أفضت إلى ضم 4 مرشحين من أبناء العشيرة المذكورة إلى لائحة «التوافق والإنماء»، برئاسة كلّ من: الدكتور جورج عاصي وفادي خوري، والمدعومة من العائلات وأحزاب القومي والكتائب والقوات اللبنانية، تواجهها لائحة «ضمير تربل» المؤلفة من 5 مرشحين يحظون بدعم بعض أبناء العائلات والتيار الوطني الحرّ.
وبالانتقال إلى بلدة الفرزل التي تقع إلى الشمال من مدينة زحلة، حيث التنافس بين لائحتين، واحدة ائتلافيّة يتناصفها رئيس البلدية الحالي إبراهيم نصر الله وملحم الغصّان، وتحظى بدعم من رجل الأعمال ميشال ضاهر، وغالبيّة أنصار القوات اللبنانية، تواجهها لائحة يترأسها بسام سعد (رئيس إقليم الفرزل الكتائبي)، الذي تلقّى دعماً مباشراً من مناصري حزبه، وتعاطفاً من الحزب السوري القومي والتيار الوطني الحرّ.
تجدر الإشارة إلى أن التنافس على المقاعد الاختيارية في جميع هذه البلدات لا يقل أهمية عن التسابق للوصول إلى رئاسة وعضوية المجلس البلدي، وعلى وجه الخصوص في بلدات علي النهري، حارة الفيكاني، رياق والفرزل.