رغم مجيء الكثير من المغتربين، لم تزدحم الشوارع في العديد من بلدات الكورة. هدوء لم يعهده أبناء المنطقة الذين عادة ما يجهّزون المفرقعات النارية والطبول قبل أي استحقاق انتخابي
غدي فرنسيس
حواجز الجيش لم تدم طويلاً، غادرت قافلات المغاوير قبل إقفال صناديق الاقتراع في أكثر الأوقات دقة. حادثة ضهر العين لم تمنع قواتيي كفرعقا من لبس الأحمر والاحتشاد في مدرسة القرية حول المرشح لرئاسة البلدية للمرة الثالثة، فارس مسعد بولس. المعركة شهدت إقبالاً ملحوظاً من الناخبين.
اجتمع الـ«بولسيون» على يمين ملعب المدرسة أمام أبواب الأقلام، وربض العونيون على يساره، على الجهة التي يميل إليها قلب جورج عطا الله، العوني الذي لم يترك باحة المدرسة طيلة النهار.
فالمعركة تعني شخصه وتياره، وهي معركة ردّ اعتبار بعد خسارته المؤذية في النيابة. الأجواء جديدة من نوعها. تريّث مريب. سكوت غير معهود في المعارك السهلة، فكيف في هذه المعركة التي زاد حساسيتها مصرع الأخوين طوني ونايف صالح؟! يحاول العونيون شدّ عصب جمهورهم وإقناعهم بأنها معركة رابحة. الخوف يعمّ المكان. رودولف مطر يمشي في الباحة، يوزّع تصريحات لا تمتّ إلى السياسة بصلة. فتمسّك أخيه بالبقاء ضمن لائحة آل بولس دفع بقسم من عائلته، مطر، إلى ترشيحه ضمن لائحة المعارضة للتأكيد أن عائلة مطر ليست كلها مع آل بولس. وقد سجّل رؤساء الأقلام محضرين بمخالفتين، أولاهما انتخاب ببطاقة هوية منتهية الصلاحية، والثانية رشوة موثّقة.
سبّب سلام «غير انتخابي» بين صديقين قديمين فرّقهما الاغتراب، إشكالاً
وفي داربعشتار، كانت المعركة شبه محسومة لمصلحة القوات اللبنانية قبل يوم الانتخاب أمس. وعلى الرغم من ذلك، عاشت القرية أجواءً انتخابية، بل إنها كانت الأكثر ازدحاماً ونشاطاً، وصخباً. حتى إن التيار الوطني الحر لم يتردّد في خوض المعركة بصراحة وعبر وسائل الإعلام!
كفرحاتا التي وصل عدد المقترعين فيها إلى 600، ما يعني أن الانتخابات البلدية والاختياريّة فاقت في أهميّتها النيابيّة، والتي اقترع في دورتها الماضية 550 ناخباً، زارها ثمانون مغترباً، ثلاثون منهم من مؤيّدي المعارضة السابقة وخمسون موالون لقوى 14 آذار.
وقد حاولت عاصمة القويطع أن تتجنّب المشاكل، لكنها شهدت إشكالين، أوّلهما مع زوجة أحد المرشحين على لائحة ألبير أيوب المدعومة مباشرة من فريد مكاري. والسبب رغبتها، كمندوبة متجوّلة، في المكوث في قلمها، الأمر الذي رفضه رئيس القلم، واتخذ قراره بإبعادها عن مركز الاقتراع.
أما الحادثة الثانية التي عكّرت الودّ الهش، فهي إشكال «طريف» كاد يتطوّر إلى تضارب بالأيدي. أما سببه فغضبٌ من أحد أعمدة اللائحة الموالية، بعد أن ألقى قريبه التحية على «صديق قديم لم يره منذ عشرين سنة. فالهجرة فرّقتهما، والانتخابات جمعتهما»، وقد سارع المعني إلى الإيضاح أن السلام بين الصديقين القديمين لم يكن انتخابياً.
في كفريا، التزمت عائلتا شلق وعدرة بتحالفهما الجديد، فتمركز الوزير السابق الفضل شلق في بيت غسان وجواد عدرة المعروفين بولائهم للحزب السوري القومي الاجتماعي، تحت راية لائحة زرقاء اللون لا الانتماء. أبو علي شلق يؤكد اعتزازه بعلاقته وقربه من الرئيس الراحل رفيق الحريري، قبل أن يبدأ هجومه على شركات الترابة التي تلوّث القرية، حاصراً خصومته مع النائب فريد مكاري في هذا الأمر.
المعركة التي تشهدها البلدة انعكست جوّاً غير مريح بين الأهالي. الشارع لم يزدحم في هذه البلدة الساحلية الصغيرة، لا في الصباح ولا طيلة فترة بعد الظهر، على الرغم من أن ٩٠٠ مقترع رقم ليس قليلاً في كفريا. جميع المقترعين لزموا بيوتهم، إلا شلق الذي عاد إلى منزل آل عدرة، ليتابع المعركة من هناك. معركتهم التي اتخذت طابعاً بيئياً، أبعدت تاريخ المناكفة بين العائلتين اللتين اتحدتا لمحاربة التلوّث. حماسة أهل كفريا المعارضين ضد شركة الترابة جديدة نسبياً، حيث إن الشركة كانت منذ عشرات السنين محاذية لقريتهم، لكنها لم تمثّل سبباً لأي خصومة سياسية مع مكاري.