«يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تطلق على ما يحدث في الضفة الغربية والقدس ما تشاء من أسماء، لكن الاسم الحقيقي لما يجري، هو انتفاضة فلسطينية ثالثة، تنذر بالأخطر»، هذا ما رأته صحيفة «يديعوت احرونوت»، التي حمّلت رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، مسؤولية الانتفاضة الجديدة، بعدما «قتل أي أمل موجود لدى الفلسطينيين».
وكتب معلق الشؤون السياسية في الصحيفة، ناحوم برنياع، أمس، أن الفلسطينيين ينفسون عن ضائقتهم مع فقدانهم الأمل السياسي والاقتصادي، وقد «تبخرت ثقتهم بالسلطة الفلسطينية كما تبخرت ثقتهم بحركة حماس، ولا يوجد أمل من العالم العربي ولا من الغرب».
وشدد برنياع على أن نتنياهو يتحمل مسؤولية كبيرة في كل ما يحدث، فقد «غرق الفلسطينيون في اليأس وحكومة إسرائيل لم تفعل شيئا». وأضاف: «نتنياهو آمن بأن الوضع الراهن كما هو عليه سيستمر إلى الأبد، وأنه قادر على فعل أي شيء دون رد فعل فلسطيني... وأنه سوف نجففهم ونحاصرهم ونستوطن أراضيهم ونسيطر عليهم، أما هم فسيطأطئون روؤسهم ويستسلمون. هذه عجرفة من نتنياهو، وقد حذروه من أنه سيدفع ثمنا باهظا وأن موجة الإرهاب مقبلة، لكنه فضل أن يدفن رأسه في التراب، وبدلا من معالجة ذلك حارب الاتفاق النووي الإيراني رغم أنه خسر المعركة قبل أن تبدأ».

كان التساؤل: هل نسحق الفلسطينيين ونحاصرهم وننتظر استسلامهم؟


في هذا السياق، حذرت صحيفة «هآرتس» من التدهور نحو الهاوية، ولفتت إلى أن الأجهزة الإسرائيلية لم تنجح حتى الآن في معالجة الوضع الأمني في الضفة والقدس، وربما يعود ذلك إلى أن «الميدان يسبق المعالجة الأمنية»، مشيرة إلى أن نتنياهو ووزير الأمن، موشيه يعلون، قدّسا في السنوات الأخيرة نهج «إدارة الصراع» على حساب حله.
ورأت الصحيفة أن نتنياهو أثبت مرة أخرى أنه «منقطع عن الواقع»، ففيما تغلي الضفة ولا يهدأ قطاع غزة، «ها هو يقف في الجمعية العامة للأمم المتحدة ليلقي خطابا لا أهمية له لمهاجمة الاتفاق النووي الإيراني، علما بأن أحدا من الحاضرين وممن استمع إلى كلامه لم يعد يفكر في تغييره (الاتفاق)، وإذا كان قد صمت خلال الخطاب 44 ثانية لإثارة الانطباع لدى ممثلي الدول في القاعة، فإن المزاج الدولي لم يعد يستسيغ ألاعيبه الفارغة».
وحذرت «هآرتس» من أن الانتفاضة الثالثة باتت على الطريق. فبعد سنوات من الامتناع عن أي عمل سياسي والقتل العبثي للفلسطينيين ومصادرة الأراضي وهدم البيوت، مع غياب أي أفق وأمل، فإن الانتفاضة الثالثة قد تنشب بالفعل.
كذلك، حذرت صحيفة «معاريف» من «الواقع الأليم واشتعال الضفة الغربية والقدس»، كما حذرت من الانشغال في تسمية ما يجري إن كانت انتفاضة جديدة أم لا، مشيرة إلى أن المهم في كل ذلك أن هناك «علامات واضحة لانتفاضة فلسطينية جديدة، والوضع قابل للانفجار السريع».
وكتب محلل الشؤون الأمنية في الصحيفة، يوسي ميلمان، أن «حكومة إسرائيل برغم كل ما يجري، تتمسك كالمعتاد بالوضع الراهن كما هو، ولا تتحمل المسؤولية، وفي أحسن الأحوال تعمل على تنفيذ حلول باتت شبيهة بدواء الأسبرين لمرضى السرطان، فزيادة نقاط التفتيش والحواجز ومنع مرور المركبات الفلسطينيية على طرق الضفة ليست إلا حلولا تكتيكية لا تؤدي إلى نتائج استراتيجية».
أيضا، كتب آفي يسسخاروف في موقع «تايمز أوف إسرائيل»، مرحجا أن الهجمات الأخيرة لن تتوقف قريبا، لأن «نجاح منفذي الهجمات، يمثل إلهاما للمزيد من الشبان الفلسطينيين لتنفيذ عمليات مماثلة»، وقال إن الدافعين الرئيسيين لسكان القدس والضفة لشن هجمات، هما «اليأس من الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الأراضي الفلسطينية، وأيضا ما يرونه من أعمال إسرائيلية على شاشات التلفزة تجاه المسجد الأقصى»، ولكنه رفض الربط الذي ساد في الأيام الماضية في إسرائيل، بين خطاب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس وما سموه تحريض السلطة، والاحتجاجات الفلسطينية والهجمات.