strong>محمد خيرلم يحقّق فاروق حسني مبتغاه من انتخابات رئاسة الأونيسكو. لكنّ تلك الانتخابات بجولاتها الخمس اللاهبة كانت أخطر ما شُغلت به الثقافة المصرية في 2009... العام الذي بدأ برحيل الروائي يوسف أبو رية ومحمود أمين العالم، وانتهى برحيل الشاعر محمد صالح، كان عاماً خاضت فيه الثقافة «الرسمية» في مصر نوعاً نادراً من التنافس الدولي. لكنّ الرسميّين وغير الرسميّين، المؤيدين والمعارضين، جميعاً أدركوا أن خسارة وزير الثقافة المصري وقعت لأنّه بدا ممثّلاً للنظام أكثر من ممثل للثقافة. والعجيب أن ذلك التنافس كشف مسألتين في غاية التناقض. إذ كشف عجز الحكومة المصرية عن حسم فوز مرشحها في التنافس الدولي، لكنه كشف أيضاً عن الإمكانات الكامنة التي استطاعت إيصال حسني إلى الجولة الخامسة، فكاد يربح لولا السمعة الدولية السيئة. على كلٍّ، عاد وزير الثقافة إلى موقعه بعدما قال له الرئيس «إرم ورا ضهرك». ويبدو أن الجميع «رمى وراء ظهره» ما جرى، حتى سقطت في النسيان وقائع واكبت منافسة الأونيسكو، بدءاً من تصريح «حرق الكتب العبرية»، وصولاً إلى منح جائزة الدولة التقديرية للدكتور سيد القمني، الذي لم يواكبه التشكيك في الجائزة فحسب، بل التشكيك في الدكتوراه أيضاًورغم التموجات التي تشهدها سوق النشر المصرية، إلا أنّ «زمن الرواية» ما زال مستمراً. ولم يحسم النقد موقفه المنقسم بعد من «عزازيل» يوسف زيدان التي اقتنصت «بوكر» في دورتها الثانية، غير أن الدورة البوكرية التالية أخذت الجميع إلى نقاش آخر، بدأ بهجوم على لجنة التحكيم لاستبعادها «روايات مصرية مهمة» ثم مفاجأة دخول الروايتين المصريتين الوحيدتين في القائمة الطويلة إلى نظيرتها القصيرة. وتجلت المفارقة أكثر: في وقت انصبّ الهجوم المصري على افتراض أن «بوكر» محسومة لعلوية صبح (عن روايتها «اسمه الغرام»)، تردد أن استقالة العضوة المصرية الوحيدة شيرين أبو النجا في لجنة التحكيم جاء بسبب استبعاد تلك الرواية بالذات. وبين هذا وذاك، سيطرت رواية السيرة الذاتية والرواية التاريخية على المشهد الأدبي المصري. وفضلاً عن «يوم غائم في البر الغربي» (محمد المنسي قنديل) المختارة لـ«بوكر» مع «وراء الغرام» (منصورة عز الدين)، درجت في السياق نفسه روايات أخرى منها «ملحمة السراسوة» لأحمد صبري أبو الفتوح... وحاز الزميل خليل صويلح «جائزة نجيب محفوظ» عن روايته «وراق الحبّ». ولم تصدر أعمال لروائيين مكرسين في 2009 باستثناءات قليلة، منها رواية إبراهيم عبد المجيد «في كل أسبوع يوم جمعة» ومجموعة بهاء طاهر القصصية «لم أعرف أن الطواويس تطير». بينما انسابت بهدوء أعمال شعرية مميزة، منها «جولة ليلية» لياسر عبد اللطيف و«أماكن خاطئة» لأحمد يماني و«أنا شاهد قبرك» لفاطمة قنديل. وجاءت موافقة إيمان مرسال على ترجمة ديوانها «جغرافيا بديلة» إلى العبرية لتثير جدلاً حاداً حول التطبيع الثقافي.
في المقابل، عانت سوق السينما ارتباكاً. بعدما بدأت العام متخوفة من الأزمة المالية، أنهته وهي تعاني أزمة أنفلونزا الخنازير التي صاحبتها تحذيرات رسمية من التجمعات والأماكن المغلقة. ما قد يعني حصرياً صالة السينما! مع ذلك، فجمهور «هوليوود الشرق» ضرب عُرض الحائط بمعظم التحذيرات، فأضيئت الصالات بالأفلام وإن كانت أقلّ من المتوقع. وغاب لأول

ترجمة ديوان إيمان مرسال إلى العبرية أثارت جدلاً حاداً
مرة نجم الكوميديا محمد سعد، وواجه عادل إمام وفيلمه «بوبوس» خيبة نقدية وجماهيرية، وحافظ أحمد حلمي على تفوقه ونافسه لأول مرة أحمد مكي. وشهدت السينما أول تعاون بين فنانين ينتميان إلى مدرستين مختلفتين هما يسري نصر الله ووحيد حامد، فأنتجا «احكي يا شهرزاد»، بينما عاد مروان حامد صاحب «عمارة يعقوبيان» بفيلمه الروائي الثاني «إبراهيم الأبيض». وقدّم سامح عبد العزيز مخرجاً وأحمد عبد الله كاتباً فيلم «الفرح» وحاز التقدير النقدي والحضور الجماهيري. بينما أثار فيلم «دكان شحاتة» لخالد يوسف تساؤلات عن علاقة الفن بالطرح السياسي. وعاد شريف عرفة بفيلم تجاري محكَم الصنع هو «ولاد العم». وكانت سعادة السينمائيين كبيرة مع اختيار «المسافر» لأحمد ماهر للعرض ضمن مسابقة «مهرجان البندقية»، كذلك شارك «واحد صفر» لكاملة أبو ذكرى و«احكي يا شهرزاد» ليسري نصر الله في برامج أخرى في المهرجان ذاته. وقد احتفى السينمائيون المستقلون بأول عرض تجاري لفيلم مستقل، هو فيلم «عين شمس» لإبراهيم البطوط.