طرابلس ــ عبد الكافي الصمدومع أن هذا التوافق السياسي من وراء الستار دعماً لعبيد لم ينسحب حتى على أعضاء اللائحة الائتلافية الذين لا تزال شوارع طرابلس تفتقر إلى صورة كبيرة موحدة لهم، رغم مضي أكثر من أسبوعين على إعلانها، وأن الاجتماعات التنسيقية لماكيناتهم الانتخابية لا تزال حتى الآن شكلية، فإن أوساطاً سياسية مراقبة لفتت إلى أن «إشارات معينة بُثت في طرابلس، هي التي أوعزت إلى شرائح من المواطنين بالمشاركة في اللقاء».
وفي هذا الإطار أشارت مصادر سياسية لـ«الأخبار» إلى أن عبيد «ما كان ليستمر في ترشحه لو لم يحصل على أكثر من ضوء أخضر لمتابعة خطوته. فميقاتي الذي يشدد يومياً على أنصاره وأمام الإعلام على ضرورة الالتزام بالتصويت للائحة كاملة، لم ينف أن عبيد «يمثّل إضافة سياسية لطرابلس وللمجلس النيابي المقبل»، وكرامي لم تبدر عنه أي إشارة تعبّر عن وجود مشكلة له مع عبيد تمنعه من تسريب الأصوات له، وهي الحال نفسها التي تنطبق على شخصيات من داخل تيار المستقبل، مثل توفيق سلطان ونقيب المحامين السابق رشيد درباس الذي كان حاضراً لقاء عبيد، فضلاً عن الإسلاميين وقوى سياسية في 8 و14 آذار على السواء».
لكن المصادر السياسية كشفت أن القوى الرئيسية التي تدعم عبيد تنطلق كل منها في حساباته من خلفية مختلفة عن الآخر، فكرامي يفعل ذلك لتأكيد موقفه الرافض الإتيان بنواب من خارج طرابلس وفرضهم عليها، وميقاتي للتعبير عن انزعاجه من استبعاد عبيد عن اللائحة رغم تمسكه به، والإسلاميون بهدف لفتهم الأنظار إلى موقفهم المبدئي وأن لهم كلمة فصل حياله، وأن توافق هؤلاء وغيرهم على عبيد يعني بالنتيجة إيصال رسالة إلى النائب سعد الحريري فحواها أن إمرار المرشح الكتائبي سامر سعادة في طرابلس على حساب عبيد، إرضاء للقوات اللبنانية ولحل مشكلتها مع حزب الكتائب في دائرة البترون، لن يكون بالسهولة التي أسهمت في إيصال النائب الياس عطا الله عام 2005 إلى المجلس النيابي، بعدما تغيرت معطيات وظروف كثيرة».
وفيما أكدت المصادر السياسية أن عبيد «وجّه في كلمته أكثر من رسالة سياسية مغلفة بأسلوبه المعهود عنه إلى الفرقاء السياسيين، بسيره خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء، كانت أشدها تعبيراً تلك الموجهة مباشرة إلى الحريري (لو تهاونت الدنيا في حقّ رفيق الحريري نحن لا نتهاون، لا من أجل سعد الحريري أو نازك الحريري أو بهيّة الحريري فقط، بل من أجل روح رفيق الحريري العالية والغالية)، وغير المباشرة إلى الرئيس أمين الجميل ومسيحيي 14 آذار (كنّا إلى جانب رفيق الحريري وكان بعضهم يقول إنّه يريد أن يؤسلم لبنان؛ هؤلاء يريدون أن يشهروا علينا سيف الحريري، نحن إخوان رفيق الحريري، ويعرف هؤلاء أنَّ رفيق الحريري ما كان ليستقبلهم في منزله)»، فإن المصادر أوضحت أن «من يتقدمون عادة لملء مقاعد الأقليات في طرابلس ما كان يمكنهم أن يقدموا على ذلك لو لم يحصلوا على «ريق حلو» من قوى سياسية أساسية معنية، ولعل هذا الامر توافر لعبيد أكثر من المرشح الأرثوذكسي فادي غنطوس الذي قوبل ترشحه بفيتوات كبيرة، وكذلك المرشح العلوي رفعت عيد، الذي لم يجد بعد أياً من القوى السياسية من «يغامر» بتبنيها له، بسبب حساسيات مذهبية تاريخية، راكمتها الأحداث الأخيرة بين باب التبانة وجبل محسن».
وتأكيداً لفرص عبيد الممكنة في خرق اللائحة الائتلافية، أشارت أوساط سياسية مراقبة للانتخابات إلى أن «ترشح سعادة في طرابلس أسهم في تحسين فرص نجاح عبيد، وأنقذته من ورطة سياسية كبيرة، ولو تم تبني ترشيح النائب سمير فرنجية مكانه لكانت الأمور عكس ذلك، إلا أن الظروف الكثيرة التي ساعدت عبيد في بقائه متربعاً على المقعد الماروني من 1992 حتى 2005، يبدو أنها قد تسهم اليوم في ذلك أيضاً، لكن بأدوات وبمعطيات جديدة».