strong>استعداداً لـ7 حزيران، تناسى الجميع اتفاقات التهدئة وضوابط الردع القانوني، واستلّوا سلاح الكلمة يثيرون به الغرائز الطائفية والمذهبية والمناطقية، لتوجيه الناخبين نحو من «عمل» و«س» يعمل على التنمية، وضد من يحاول «اختراق» نسيجهم الصافي الولاء والانتماء!
الانتخابات بعد 27 يوماً فقط، وكلما اقترب الموعد ارتفعت حرارة المواقف، قارعة جرس التنبيه إلى ما سيكون عليه الوضع في 8 حزيران إذا لم تعجب النتائج هذا الطرف أو ذاك، وخصوصاً أن ضابط الإيقاع الدستوري لا يزال نصفه مغيّباً، على الأقل عن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد غداً في بعبدا، والذي يتضمن 109 بنود، اثنان فقط يتعلّقان بالانتخابات، واحد لن يطبّق إلا في الـ2013، وهو خفض سن الاقتراع، والثاني بديهي وهو طلب وزارة الداخلية اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة المتعلقة بالانتخابات.
وقد غطّت المواقف النارية، أمس، على مساعي إزالة العراقيل من أمام استكمال باقي اللوائح، فبدا الجميع كمن يضع العربة قبل الحصان في محاولتهم اجتذاب الناخبين قبل بلورة أسماء المرشحين. وهكذا استمر في 11 أيار استحضار أحداث 7 أيار، ودارت سجالات حول المثالثة والطائف وغيرهما، وكثرت التحذيرات والاتهامات الجاهزة وعلى النيّات.
النائب سعد الحريري وضع اغتيال والده «في إطار مشروع سياسي لتكريس الهيمنة على لبنان»، ليحذر من أن الذين عجزوا عن تنفيذ هذا المشروع سيحاولون ذلك من خلال الانتخابات. واتهم النائب محمد الحجار قوى 8 آذار بأنها تريد «وضع اليد على الوطن» وإسقاط اتفاق الطائف وإبداله باتفاق الدوحة، رافضاً «أي كلام بالمثالثة»، لأن «ضمان الشراكة يكون بالمناصفة». فيما خاطب النائب أحمد فتفت، خلال رعايته دورة رياضية، أبناء منطقته بالقول: «إذا كان خياركم أن يخترق حسن نصر الله منطقة المنية الضنية فهذا القرار يعود إليكم»، مردفاً «نحن ضد السلاح، نحن مع الرياضة، مع الصراع على حلبات الرياضة».
أما المكتب السياسي الكتائبي، فحاكم على النيّة والشائعة. وجاء في بيان بعد اجتماعه الأسبوعي، أمس، أنه «استغرب الكلام الذي يشاع عن نيّات مبيّتة لدى البعض بتقصير ولاية رئيس الجمهورية بعد الانتخابات النيابية المقبلة سعياً وراء ما سمّي الجمهورية الثالثة»، معتبراً أن التوضيحات في هذا الخصوص «غامضة ولا تنفي إمكان لجوء البعض إلى القفز فى المجهول».
في المقابل، قال النائب محمد رعد: «لم نقترح في يوم من الأيام تعديل الطائف، ولا طالبنا في يوم من الأيام بأننا نريد مثالثة في السلطة. لكن هم يريدون تحريض جمهورهم على أبناء المقاومة»، مضيفاً «لا نريد مثالثة ولا مرابعة ولا غيرهما، وكل ما نريده وما طرحناه هو التطبيق الكامل لاتفاق الطائف... من الألف إلى الياء». واتهم مرشح حزب الله في صور نواف الموسوي رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بأنه «عاد ينكأ الجراح ويذكّر بـ7 أيار»، داعياً إلى «الكف عن العودة إلى ملفات الماضي»، لأنه «إذا كان المطلوب فتح ملفات «منفتح ملفات ومنكتّر». أما مسؤول الحزب في الجنوب الشيخ نبيل قاووق، فتحدث عن «وجود ضباط استخبارات من دول عربية يعملون لمصلحة مرشحين وقوى وجهات في الجنوب بهدف إضعاف لوائح المقاومة عبر صرف الأموال لهذا الأمر».
وبعد ترؤسه اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، قال النائب ميشال عون «إن الخطاب السياسي الذي يستهدفنا فارغ من المضمون، وهو مجموعة من الأكاذيب»، رافضاً ما قال إنه «سكوت رئيس الجمهورية والنيابة العامة... عندما يُتعرّض لي في مؤامرة، ومن يسكت في أمر يتعلق به هو متواطئ». وأضاف: «رئيس الجمهورية هو حيثية موجودة ويحق له دعم من يريد في الانتخابات، لكن أن تتدخل الأجهزة الرسمية لدعم مرشحين يريد الرئيس الوقوف إلى جانبهم، فهذا أمر مرفوض، وإن كان المسؤولون لا يعلمون بهذه التصرفات فليستقيلوا جميعاً». وعن اتفاقَي الطائف والدوحة قال: «لا أحد يقدر على أن يلغي مفاعيل ما حصل في الدوحة، فقد اجتمعنا بموجب ميثاق... كل بلد يتحجّر باتفاق ثابت نهايته الموت، وهم متحجّرون عند اتفاق الطائف الذي هم من خرجوا عليه». وسأل المجلس الوطني للإعلام والنيابة العامة عن دورهما في ما كتب عنه في جريدة «الديار» أمس.
وفيما دار سجال، أمس، بين النائب نعمة الله أبي نصر والوزير السابق فارس بويز في شأن ما قاله الأخير عن «قفص الصيصان»، نفى رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع، بعد لقائه مرشّحي لائحة قوى 14 آذار في دائرة عاليه، تحفّظه على ضم بويز إلى لائحة قوى 14 آذار في كسروان، وقال إنها ستُعلن خلال 7 أو 10 أيام. كذلك أعلن وجود تصوّر جديد لحلّ عقدة الأرمن الكاثوليك في دائرة بيروت الأولى، لكنّه تحدث عن «نواة لائحة» ستعلن نهاية الأسبوع الحالي.
ومساء أمس، عقد المرشحون سامي الجميّل ممثلاً عن الكتائب، وفريد هيكل الخازن وسجعان قزي، اجتماعاً تحضيرياً لتأليف لائحة 14 آذار والمستقلين في كسروان، واتفقوا على بيان مشترك سيكون بمثابة برنامج انتخابي للائحة، وتتمحور عناوينه حول: خطاب القسم لرئيس الجمهورية، ثوابت بكركي، حقوق المسحيين، ثوابت أهل كسروان، المشروع الإنمائي والاقتصادي لحزب الكتائب. ولخّص مصدر متابع للاجتماع هدف البرنامج بالقول: «لا نريد إعلان الحرب على إيران أو سوريا أو إسرائيل، بل طرح برنامج لخوض الانتخابات وبناء الدولة». ولاحقاً التقى الخازن بويز ووضعه في جو ما جرى، ما يدلّ على أن طريق الأخير باتت سالكة إلى اللائحة. كذلك أُطلع منصور البون على ما جرى.
وفي لقاء هو الأول من نوعه منذ 4 سنوات، كما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، أقام النائب باسم السبع حفل عشاء لمناصريه من ساحل المتن الجنوبي، خارج الضاحية الجنوبية، تحدث خلاله عن «محاولات كثيرة لترهيب اللقاء ولدفع الناس إلى عدم الحضور»، وعن إعداد «منشوري» تهديد له، وقال: «يريدون من الناس أن يتحوّلوا إلى صناديق مغلقة لا مكان فيها لغير الموقف الواحد والقبضة الواحدة والهتاف الواحد». وطالب «الدولة بخطة أمنية شاملة لبلدات الضاحية الجنوبية».
في زحلة، أعلن المرشح عن المقعد الأرثوذكسي شكر التيني انسحابه لمصلحة الكتلة الشعبية، التي شكر له رئيسها الوزير إلياس سكاف مبادرته، وتوقّع إقبالاً زحلاوياً كبيراً على المشاركة في الانتخاب، «وفي حال التقاعس تضيع البلد من أيديهم، ويصبح القرار في قريطم».
كذلك أعلن الوزير السابق طلال المرعبي انسحابه من معركة عكار، في بيان عرض فيه مسيرته السياسية والنيابية منذ عام 1972، آسفاً لأنه «لم يعد هناك اليوم من سياسة في لبنان بمفهومها الأصيل، وأصبحت السياسة مذهبية وطائفية، وسيطر الخطاب الطائفي المشحون بالحقد والتصعيد والذي يضرّ بمصلحة البلاد».
وفي التحالفات الانتخابية، أعلن الرئيس عمر كرامي أنه لم يحسم بعد إمكان التعاون «مع المرشحين الذين ينسجمون معنا في المبادئ والأهداف»، وكرر انتقاده لطريقة تأليف «لائحة تضامن طرابلس»، معتبراً أن «فرض ممثّل لحزب الكتائب الذي لا تلتقي مبادئه مع مبادئ المدينة (...) فهذا استخفاف بكرامتنا جميعاً». واتهم «جميع الذين دخلوا هذه اللائحة» بأنهم «زحفوا إلى قريطم لينالوا مقعداً نيابياً، فبئس المقاعد والمراكز عندما تكون على حساب كرامتهم وعلى حساب كرامة هذه المدينة». وقال إنه ترشّح للانتخابات «لأثبت للقاصي والداني أنه لا يزال في هذه المدينة رجال».
وأمس (الأخبار)، أعلن مرشح جبهة العمل الإسلامي الشيخ بلال شعبان برنامجه الانتخابي في مهرجان حاشد، في محلة أبي سمرا، هاجم خلاله جعجع «صاحب اليدين الملطختين بدم الرئيس الشهيد رشيد كرامي». وقال إن «الشرفاء في مدينة طرابلس لن ينتخبوا مرشحاً فُرض عليهم بالقوة، أو نزل بالباراشوت»، رافضاً بشدة «منطق الإلغاء، تارة باسم أن اللوائح لا تتّسع، وطوراً باسم المحافظة على وحدة الطائفة».
وفي صيدا، اختتم مرشحا تيار المستقبل الويك إند الانتخابي بمغازلة الجماعة الإسلامية، فقال الرئيس السنيورة إن الاتفاق معها «يسير بالشكل المرسوم له»، وهو أن تتمثل «بمرشح في بيروت، وسحب مرشحها في صيدا ودعم مرشّحي المستقبل فيها». وأعلنت الوزيرة بهية الحريري عن «لقاءات مشتركة مع الجماعة في الأيام المقبلةوفي ردّ طويل على مواقف السنيورة الأخيرة، اتهمه النائب أسامة سعد بـ«سوق مجموعة أضاليل وافتراءات يستهدف بها خصومه، محاولاً النأيَ بنفسه عما ارتكبته يداه من مجازر حقيقية في حق الاقتصاد الوطني». وانتقد حديثه «عن الفرق بين ضرائب الدولة والميليشيات وخوّاتها، ويتناسى أنه حليف استراتيجي لقائد أكثر الميليشيات دموية ونهباً وفرضاً للخوّات، ولارتكاب الجريمة المنظمة، وإقامة الدويلات والكانتونات. فعلى من تقرأ مزاميرك يا فؤاد؟». وقال له: «إن وصفك بـ«أبي الضرائب» يجب أن تأخذه برحابة صدر، لأنه وصف دقيق. وتذكّر، يا دولة الرئيس، جيداً مقولة «من مدحك بغير ما فيك ذمّك»، ونحن لا نريد لك المذمّة».


«عليهم أن يبرّدوا الجو»

بقلق من الوضع وأسف من مستوى الخطاب السياسي، لخّص البطريرك الماروني نصر الله صفير، بعد عودته من الأردن أمس، موقفه مما يجري، قائلاً إن السلام والوفاق والتعاون «مفقودة في لبنان». وأسف «للكلام النابي الذي يتبادله أهل السياسة»، لافتاً إلى وجود «عرف» بأن «يخاطب السياسيون بعضهم بعضاً وسائر الناس بكلام مقبول على الأقل، وألا يكون فيه تجديف أو مسّ بكرامة أحد». وعن استخدام «الصيصان والجلابيط»، قال «هذا لم يكن مألوفاً بين السياسيين».
ودعا المرشّحين إلى «أن يبرّدوا الجو»، آملاً أن تجرى الانتخابات في وقتها «وبهدوء وطمأنينة، وأن تكون بحسب ما يتوقعه اللبنانيون»، وكذلك أن «تكون هناك حرية مطلقة للناخبين ليختاروا من يشاؤون»، وكرر دعوته إلى المحافظة على الطائف. ورداً على سؤال عن المثالثة، تمنّى عدم «تغيير التوازن الموجود في البلد».