لا مبرر علمياً لإقفال المدارس في بيروت والمدن الساحلية بسبب العاصفة. هذا ما يقوله الخبراء، فيما يزيد التعطيل من كلفة التعليم ويربك الأهالي. أما وزارة التربية فتبرر القرار بالمساواة بين المواطنين.
تجاوزت العطلة الأخيرة في المدارس الرسمية تحديداً، بحسابات التربويين، الخط الأحمر. فالتعطيل القسري، بسبب العاصفة، مدّد فرصة الأعياد إلى أكثر من 20 يوماً. بالنسبة إليهم، لا يتعلق الأمر بتعويض التلامذة عن الدروس التي فاتتهم، والبعض يعتقد بالمناسبة أن فكرة التعويض نفسها «تفنيصة» وغير واقعية، إنما تكمن المشكلة الأساسية في ركون التلميذ إلى التراخي والكسل وعدم الإنتاج، فيما فلسفة العطلة نفسها هي استعادة النشاط التعليمي بذهنية متجددة. لكن عدا عن الانعكاسات على كلفة التعليم التربوية والمادية على السواء والمرتبطة بالهدر المالي مقابل عدم الإنتاجية، فقد أربك التعطيل الأمهات العاملات. كثيرات منهن استنفدن إجازاتهن السنوية لسبب أنهن لم يجدن من يهتم بصغارهن، ولا سيما من هم في مرحلة الحضانة والصفوف الأولى.
ثمة من يبرر الإقفال
بعدم وجود مدارس مجهزة
لهذا الطقس

ربما هذا الإرباك دفع البعض إلى تناقل نكتة على مواقع التواصل الاجتماعي تقول: «عزيزي وزير العمل إنت مش بردان كمان؟ وزير التربية وحده خايف من العاصفة؟»، في إشارة إلى اقتصار العطلة على المدارس دون الأشغال الأخرى.
ومع ذلك، ثمة من يقول إن للإقفال مبررين: الصفوف والملاعب غير المجهزة بأدنى المقومات اللازمة للتدفئة ومخاطر الأبنية المدرسية الرسمية الآيلة إلى السقوط، والشق الثاني المتصل بالطرقات وصعوبة الانتقال ولا سيما في ساعات الصباح الأولى. النقاش يكمن في عدم استثناء العاصمة والمدن الساحلية من الإقفال. مصدر في وزارة التربية برر تعميم الإقفال بالقول إنّه «إذا حصل حادث ما، فإنّ الناس لن ترحم (...) وهذا بالضبط ما دفع الوزير الياس أبوصعب إلى الدعوة لالتزام القرار تحت طائلة المسؤولية». بالنسبة إلى المصدر، الحرارة انخفضت في بيروت إلى درجة تكفي لعدم إرسال التلامذة إلى الملاعب غير المسقوفة. ويضيف سبباً ثانياً له علاقة بالمساواة بين تلامذة لبنان «إذ لا يجوز أن نترك تلميذاً يتعلم وآخر لا يتعلم».
في بلد ليس فيه إنتاج بالحد الأدنى، تناقل المواطنون هواجسهم: «معقول إنو بلد بيوقف كل ما شتّت وما في شي مجهز للمواجهة، لا المدارس مدفاية والطرقات بتفيض وبتغرق الناس!».
البروفسور نديم فرج الله، مدير أبحاث برنامج التغيّر المناخي والبيئة في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية، رأى أن الإقفال في مدارس المناطق الجبلية مبرر علمياً بسبب خطورة السير لدى انحجاب الرؤية بعد هبوب الرياح الشمالية تحديداً، إذ تنخفض حينها الحرارة وتتحول الثلوج إلى طبقة جليدية لا تذوب بالسهولة المطلوبة. في بيروت والمناطق الساحلية، ليس هناك، بحسب فرج الله، أي سبب موضوعي لعدم الانتقال من المدارس وإليها إلا «إذا أخذنا بعين الاعتبار أن قسماً لا بأس به من المعلمين والمتعلمين والموظفين ينتقلون يومياً من الأطراف إلى المدن بسبب ارتفاع الإيجارات، وهنا يجب ترك الخيار لإدارات المدارس لاستنساب التعطيل أو عدمه بحسب ظروف كل منها».
في ما عدا ذلك، «شوية» برد في بيروت لم تكن تستدعي، كما يقول، كل هذه التدابير. «فقد مر على لبنان في الثمانينيات موجات برد أكثر من اليوم بكثير ولم تقفل المدارس أبوابها يوماً، وإذا كان لا بد من الاحتراز، فإن ذلك كان مبرراً يوم الأربعاء فقط».