strong>بين إصرار الأكثرية على اتهام قوى 8 آذار بأنها تسعى إلى تقصير مدة ولاية رئيس الجمهورية وتحقيق المثالثة، وتأكيد قيادات الثانية أنه لا أحد منهم يطالب بذلك وأنه من اختراع الفريق الآخر لشد عصب الناخبين... يستمر الفيلم الانتخابي الطويل
كل ما يحيط بالاستحقاق الانتخابي المقبل يشير إلى أن المعنيين به يتعاطون معه كأنه مباراة رياضية، يجب السعي إلى كسبها باختيار اللاعبين الذين يتمتعون بمؤهلات المنافسة، بمن فيهم لاعبو الاحتياط الذين اقتضت الحسابات إبعادهم من التشكيلة الأساسية دون استبعادهم من اللعبة ككل، إضافة إلى الإعداد للمباراة بالضغط على الفريق الآخر ككل أو على نجومه، ووضع خطة للعب تضمن تعطيل الخصم عبر رقابة الرجل لرجل أو الرقابة الجماعية أو اللعب المفتوح، أو اعتماد الهجوم حيناً والدفاع أحياناً أو الهجوم كخير وسيلة للدفاع... ولكن كل ذلك يجري بدون روح رياضية وبلا أي اعتبار لإمكان حصول شغب في الملاعب.
وأسوة بمعظم الألعاب الجماهيرية، لا تخلو لعبة الانتخابات من تطعيم بعض الفرق بلاعب أجنبي أو أكثر. فبعد كل الحملة المصرية السابقة، ولا سيما في الإعلام، على خلفية ما سُمي «خلية حزب الله» في مصر، اختارت القاهرة استضافة السيد علي الأمين، للقول إنها «تحترم أبناء الطائفة الشيعية في لبنان»، وذلك بعدما أعدّت له جدول لقاءات شمل مفتي مصر علي جمعة وشيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، ثم وزير الخارجية أحمد أبو الغيط.
وقد برّر المتحدث باسم الخارجية حسام زكي لقاء أبو الغيط بالأمين بأنه تقدير من مصر «للدور المهم» الذي يقوم به الأخير، «لا في لبنان فقط ولكن على مستوى أكبر»، ناقلاً عن أبو الغيط قوله «إن متابعة ما يحدث في لبنان تشير إلى أن التطرف مآله إلى خفوت، وأن الاعتدال هو السمة التي يجب أن يحافظ عليها الجميع حتى يتمكنوا من العيش المشترك»، وأنه أثنى على «النهج المعتدل الذي يتبعه الأمين ويدعو إليه، وعلى تمسكه بعروبته وشجاعته في الدفاع عن أفكاره، وخاصة في ضوء ما هو موجود على الساحة من تطرف ومزايدات تروّج بوضوح لأجندات غير عربية».
مقابل هذا الهجوم الضمني على حزب الله، نقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني قوله، خلال ملتقى عن فلسطين، إن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله «هو بطل في هذا العالم، ولو كرّر الأعداء وصفه بالإرهابي مئة مرة فلن يصدقهم أحد، لأن أساس عمل المقاومة مبني على الرد على جرائم الكيان الصهيوني».
على صعيد اللاعب المحترف الأكبر، وفي سياق أكبر من الانتخابات، وصل إلى بيروت أمس قائد العمليات الخاصة في الجيش الأميركي الأدميرال إريك أولسون آتياً من العراق، على رأس وفد ضم 8 أشخاص، وزار وزير الدفاع الياس المر في منزله في الرابية. وجاء في الخبر الموزع عن اللقاء أنه «جرى البحث في سبل تعزيز قدرات الجيش اللبناني وتسليم المساعدات المقررة في وقت قريب».
وبعد شغور الموقع بتعيين السفير السابق وزيراً للإعلام والثقافة، وصل إلى لبنان، أمس، السفير السعودي الجديد علي عواض عسيري، الذي من المقرر أن يقدم اليوم نسخة عن أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية فوزي صلوخ، تمهيداً لتقديمها لاحقاً إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان.
داخلياً، بدا أن خطاب نصر الله أراح العماد ميشال عون من الهجوم المركّز، دون أن يعفيه كلياً. فمنسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد اتهم حزب الله وعون بأنهما سعيا ويسعيان إلى تقصير ولاية رئيس الجمهورية، وقال «لن نسمح إطلاقاً» بذلك، إذ «تخلّصنا من الخوف وقررنا مواجهة تحالفهما».
وباسم «لائحة كرامة البقاع الغربي»، التي زار أعضاؤها أمس بكركي ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، اتهم الوزير وائل أبو فاعور قوى 8 آذار بأنها «مرة تطرح إعادة النظر في مدة ولاية رئيس الجمهورية، ومرة أخرى المثالثة، وثالثة تطرح تحويل لبنان إلى دائرة انتخابية واحدة». وقال: «إن الخطابات السياسية التي استمعنا إليها أخيراً تلقي الكثير من ظلال الشك: هل يريد الفريق الآخر انتخابات أم لا؟». فيما جدّد جعجع اتهامه للاستخبارات السورية بالتدخل في البقاع الغربي عبر محاولة «إحصاء كل الناخبين في المنطقة وممارسة الضغوط عليهم للاقتراع في اتجاه معين».
وبعد استقباله الرئيس أمين الجميّل، الذي زاره في عاليه لشكره على عدم ترشحه لمصلحة لائحة 14 آذار، تمنى النائب أنطوان أندراوس «أن نبعث برسالة واضحة إلى التيار الوطني وحزب الله، وخصوصاً بعد خطاب السيد حسن نصر الله، أن هذه المنطقة ستكون كلمة واحدة لكي نواجه ما سيحصل بعد 7 حزيران، لأنه برأيي حتى لو انتصرنا، ما سيحصل بعد 7 حزيران لن يكون سهلاً».
وخلال جولة في إقليم الخروب، ردّ النائب محمد الحجار على نصر الله بأن «7 أيار هو يوم شؤم ووصمة عار في وجه من رفع البندقية في وجه الآمنين في منازلهم»، معتبراً أن خطابه «نموذج لما ينتظرنا، وربما يراد من ورائه تعطيل الانتخابات».
وبما أن بطاقات الإنذار في هذه اللعبة ليست الأصفر والأحمر فقط، فإن المرشحة نايلة تويني «دوبلت» على أزرق «المستقبل» بالقول في لقاء انتخابي: «البعض يقول إنه سيحوّل لون السماء إلى برتقالي في 8 حزيران، فلون السماء سيبقى أزرق مثل لون ديك «النهاروفي خط الدفاع، اعتبر النائب حسن فضل الله الردود على نصر الله «تعبيراً عن المأزق والقلق من النتائج الآتية من المتغيّرات الإقليمية والدولية ونتائج الانتخابات المقبلة». ورأى أن «من ربط مصيره بالانتخابات لم يعد لديه إلا التعلق بالأوهام»، و«التصعيد الذي يظن أنه يمكن أن يوفّر له جمهوراً». وقال إن هناك «من لا يريد أن يتطلّع إلى المستقبل، فهو غارق في الماضي ولا يستطيع أن ينظر إلى الشمس ولا إلى السماء الزرقاء ولا إلى الحقيقة، ولا يرى أمامه إلا مصيره المعلّق على 7 حزيران».
كذلك دافع عون، بعد ترؤسه اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، عن خطاب نصر الله، وقال إن ما قصده هو أن 7 أيار «قطعت فتنة ومنعت تطوّر الأحداث. لكنني أقرّ معه بأن الحكومة ارتكبت أكبر حماقة في 5 أيار». وذكر أن التكتل بحث موضوع استضافة لبنان للألعاب الفرنكوفونية «وعدم الجهوزية لها»، وهنّأ قوى الأمن على كشف شبكات التجسّس، متمنياً أن يؤدي ذلك إلى كشف «سلسلة الجرائم التي ارتكبت في لبنان، لأن القصة ليست بعيدة عن هذا النوع من الشبكات، ولأن انتشارها وعلاقاتها مخيفة». وكرر اتهامه لـ«بعض الأجهزة والمسؤولين في السلطة» بالتدخل لدعم المرشحين ناظم الخوري ومنصور البون وميشال المر وإدمون غاريوس. وقال: «نحن مستهدفون من الداخلين في لعبة الوسطية من سفارات وشخصيات ارتهنت لهذا الخط». ورأى أن ما تثيره الأكثرية عن تقصير مدة الرئاسة والمثالثة، كذبة فـ«هي كلمات لم نسمعها ولا مرة».
وكان النائب السابق منصور البون قد زار البطريرك الماروني نصر الله صفير، نهاراً، ونقل عنه «تأييده الكامل لرئيس الجمهورية، وسؤاله: هل كل سنة يجب أن نغيّر الرئيس؟».
في هذا الوقت، واصل حكام المباراة جولاتهم التحضيرية للعب النظيف، فزار رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات خوسيه ايغناسيو سالافرانكا عدداً من المرجعيات الدينية، فيما زار وفد آخر الوزير تمام سلام، وقصد وفد من مؤسسة كارتر النائب السابق بهاء الدين عيتاني.
في التحالفات والاستعدادات، شارك الوزير الياس سكاف في لقاء انتخابي في منزل المرشح عن المقعد السنّي في زحلة سعيد سلوم الذي أعلن وضع إمكاناته في تصرّف سكاف، «سواء أكنت في عداد لائحة الكتلة الشعبية أم لا».
وواصل النائب السابق غطاس خوري جولاته الانتخابية المنفردة، فزار رئيس الجمهورية والمفتي محمد رشيد قباني، معلناً أن استمراره في الترشح هو «ليكون هناك تنوّع ضمن الساحة الواحدة».
على صعيد انتخابات الشمال، وصف مرشح تيار الرئيس عمر كرامي خلدون الشريف المعركة مع لائحة تضامن طرابلس بأنها غير متكافئة، لأن هذه اللائحة «تمثّل سداً منيعاً»، لكنه أضاف «سنخترقه إن شاء الله»، فيما زار مرشح اللائحة سامر سعادة النائب سعد الحريري، في خطوة تبدو استباقية لما يردّده المراقبون أنه سيتعرض للتشطيب.
وفي بيروت الثالثة، لفت أمس اتصال رئيس حركة «المرابطون» إبراهيم قليلات برئيس حركة الشعب نجاح واكيم، مؤكداً دعمه لمرشّحي «لائحة قرار بيروت الوطني»، فيما زار رئيس المؤتمر الشعبي كمال شاتيلا الوزير السابق بشارة مرهج الذي «يستحق كل دعم وتضامن من كل أحرار الوطن»، كما قال شاتيلا.


قارئ التغييرات

استغرب النائب وليد جنبلاط، في موقفه الأسبوعي في «الأنباء»، التوتير من كل الاتجاهات، كأن الجميع «لا يقرأون ما يحصل حولهم من تطورات وتحولات»، سائلاً: «لماذا لم يعلّق أحد على كلام الرئيس الإيراني منذ مدة، الذي أعلن فيه القبول بحل الدولتين؟ ولماذا لم يتوقف أحد عند إطلاق الصحافية الأميركية ـــــ الإيرانية روكسانا صابري، في هذا التوقيت بالذات؟ ولماذا لا يلاحظ أحد أن العراق عاد إلى التدهور نتيجة غياب التوافق العربي ـــــ التركي ـــــ الإيراني؟ وماذا عن اليمن وانتقال القاعدة بكل متفرعاتها إليه وما يعنيه من خطر إرهابي كبير قد يهدد استقرار اليمن ومنطقة الخليج وحتى لبنان؟ ولماذا لا يلاحظ البعض أن التطورات المتسارعة في أفغانستان وباكستان قد تنقل محور الأزمة إلى تلك المنطقة الملتهبة، ما قد يضع لبنان في مرتبة ثانوية؟ وغريب كيف يغيب عن الخطاب السياسي عموماً نكبة فلسطين في ذكراها الـ61 وحصار غزة والحرب التدميرية التي شُنّت عليها؟».