strong>إذا لم يقرّر أحد توسيع لوائحه غير المكتملة، وبمعزل عن ضبابية مصير لائحة فارس سعيد في جبيل، فإن لوائح الأكثرية والأقلية و«المستقلة» والهجينة اكتملت أمس بإعلان لوائح: المعارضة في زحلة والبقاع الأوسط، الموالاة في بيروت الأولى وتحالف كسروان الفتوح
موكبان عبرا أمس المسافة ما بين مفترق بلدة المرج في البقاع وبيروت، واحد صعوداً والآخر نزولاً، وقد يكونان التقيا عند نقطة واحدة قبل أن يكمل كل منهما إلى مقصده، لكنّ الزجاج الحاجب للرؤية أبقى تقاطع الطريق رهين «الاتهام السياسي»، رغماً عن لقاء الزمان والمكان. نزولاً، سلك سفير سوريا في لبنان علي عبد الكريم طريق المصنع، مفترق عنجر، مفترق المرج، فمناطق الجبل وصولاً إلى بيروت، تمهيداً لتقديم أوراق اعتماده، وذلك بعدما استقبله عند نقطة الحدود مدير المراسم في وزارة الخارجية السفير جورج سيام، ممثلاً الوزير فوزي صلوخ. وأعرب خلال استراحة قصيرة لإنجاز المعاملات عن سعادته بأنه «قادم إلى أهلي لتعميق العلاقة الأخوية والحميمة جداً».
وصعوداً، انتقل النائب سعد الحريري من بيروت إلى قرية عانا لـ«الاتصال المباشر مع وجهاء وفاعليات البقاع الغربي وراشيا، والاستماع إلى وجهات نظرهم بخصوص المعركة الانتخابية التي سيكون النصر فيها حليفنا». لكنّ الثقة بهذا النصر لا تتوافق والمعطيات على الأرض، حيث كتب مراسل «الأخبار» عفيف دياب أن كثيرين في المنطقة يعتقدون بوجود خطر على لائحة 14 آذار، ويعطون الانتخابات في هذه الدائرة طابع «أم المعارك»، وخصوصاً أن أوساط الحريري ترى أن خرق لائحة الأكثرية، ولو بمقعد واحد، «بمثابة خسارة لكامل اللائحة»، لذلك اختار زعيم المستقبل محمية عانا، مكاناً للقاءات، على أمل وضع حد للغزلان التي تسرح بين حقول مرشحيه.
وقد التقى الحريري في يومه البقاعي الأول وفداً من رجال الدين من مختلف الطوائف، يتقدمهم المفتي خليل الميس، ثم رؤساء بلديات، الجماعة الإسلامية، شباب تياره فوفد العشائر العربية. ورأى أن هناك من يتهم تيار المستقبل «بالاستقواء بأطراف خارجية في مسألة تأليف اللوائح، ويتجاهلون تدخّل بعض الدول الإقليمية في الشؤون اللبنانية». وقال: «نحن لسنا ضد إيران، ولا ضد سوريا ولا ضد أي بلد باستثناء إسرائيل لأنها عدوّتنا. نحن مع أن يكون للبنان علاقات ندية مع كل دول العالم». وشدد أمام زواره على «أن الخطأ غير مسموح في 7 حزيران المقبل».
وعلّق عضو في لائحة «المرجعية البقاعية»، التي ستطلق برنامجها في مهرجان شعبي الأحد المقبل، على ثقة الحريري بالفوز، بالقول إن الواقع الشعبي لقوى المعارضة في انتخابات هذه الدائرة «سيكون مفاجئاً لمن يتحدث عن نصره المسبق، وسينقلب السحر على الساحر»، معتبراً أن زيارة الحريري «تؤكد مدى قلقه من نتائج متوقعة في الانتخابات، التي ستعطينا فوزاً سيكون مفاجئاً للجميع».
وردّ قيادي محلّي في تيار المستقبل بأن «تشدّق بعض رموز سوريا في البقاع الغربي بفوزهم المؤكد وتراجع شعبية التيار، ليس سوى من إرهاصات موتهم السياسي»، فـ«جمهورنا أصبح أقوى وأكبر مما كان عليه في انتخابات عام 2005»، و«ليتواضعوا قليلاً. لقد تغيّر الزمن، وعنجر التي كانت تصنع النواب أقفلت أبوابها إلى غير رجعة». وأوضح أن زيارة الحريري ستشمل البقاع الأوسط.

لوائح جديدة وهجوم على الضاحية

في هذا الوقت، وفي احتفال شعبي طغى عليه اللون «البرتقالي»، أعلن الوزير الياس سكاف من دارته في زحلة لائحة الكتلة الشعبية المدعومة من المعارضة، والتي تضم إليه: سليم عون، كميل معلوف، حسن يعقوب، جورج قصارجي، فؤاد الترك ورضا الميس. وردّ على من يقول «إن زحلة هي من تحسم الانتخابات»، بـ: «لن نسلّمهم 7 نواب. منذ 1992 نلتقي ولم نخسر في أي انتخاب، واليوم لن نخسر». ودعا مناصريه إلى الاقتراع للائحة «كما هي». وتلا المرشح الترك برنامج اللائحة السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وفي شأن ما ذكره الوزير السابق محسن دلول عن أن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع أرسل إليه الدكتور غسان معلوف ليبلغه أن القوات لم تضع فيتو عليه، أصدرت الدائرة الإعلامية في القوات بياناً ذكرت فيه أن جعجع لم يرسل معلوف «ولا غيره من المسؤولين القواتيين لمقابلة الوزير دلول».
وبعدما رست على: ميشال فرعون، جان أوغاسبيان، سيرج طور سركيسيان، نايلة توني ونديم الجميّل، أعلنت لائحة الأكثرية في بيروت الأولى برنامجها الإنمائي، أمس، وألقى فرعون كلمة سياسية اتهم فيها الفريق المنافس بأنه «تجاهل المآسي التي شهدتها الأشرفية من الاعتداءات الإرهابية في السنوات القليلة الماضية»، ذاكراً من ذلك اغتيال: الرئيس بشير الجميّل، والرئيس رفيق الحريري وباسل فليحان اللذين كانا نائبي المنطقة، وجبران تويني نائب وشهيد الأشرفية و«ثورة الأرز» بامتياز، وسمير قصير».
ومن فندق في الكسليك، أُعلنت لائحة «تحالف كسروان الفتوح» التي تضم: فارس بويز، سجعان قزي، فريد هيكل الخازن، منصور البون وكارلوس إده، الذين تعاقبوا على الكلام، فأعلن البون دعم الكتلة الكامل لرئاسة الجمهورية، وشنّ الخازن هجوماً ضمنياً على اللائحة المنافسة، معتبراً أن الإصلاح يكون بوحدة الموارنة، و«عندما يبنى على مجد بكركي لا على حسابها». وأكمل إده بأن «من انتخبوا منذ 4 سنوات على أساس مشروع سياسي، غيّروه خلال مدة قصيرة». وختم بويز بدعوة أبناء المنطقة إلى «ألا يقعوا في تجربة القائد الملهم وهذه الشخصانية المدمرة للبنانوبينهم، اختار قزي لانتقاد المنافسين، الهجوم العنيف على مناطق ودول وقادة، متحدثاً عن «مناطق الذمة حيث سيطرة الحزب الواحد واللون الواحد»، وأن المنافسين «ضلّوا طريق بعبدا فوصلوا إلى الضاحية الجنوبية. ضلّوا طريق بكركي فوصلوا إلى حمص وحلب، وضلّوا طريق مار مارون فوصلوا إلى ضريح الإمام الخميني، وضلّوا طريق لبنان فوصلوا إلى سوريا وإيران». وقد استدعى هذا الكلام رداً من «الحليف»، رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن، الذي أسف لمستوى الخطاب «التحريضي الكريه»، قائلاً إن طريق الضاحية الجنوبية «هو طريق الشرف والكرامة والعنفوان لا طريق الذل والمهانة»، ودعاه إلى الاعتذار «لأن الشيعة وأهل الضاحية وعشّاق الإمام الخميني ليسوا حزب الله، بل مواطنون لبنانيون يدعمون مشروع الدولة وضحّوا أكثر من غيرهم من أجل مسيرة الاستقلال».
وفي لقاءات التنسيق الانتخابي، زار الوزير محمد الصفدي الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ فيصل مولوي، وقال عن الجماعة: «أنا أعتبرهم إخواناً، وإن شاء الله هم إخوان لكل اللبنانيين»، آملاً «أن تمرّ هذه الانتخابات على خير وتعود معها لحمة اللبنانيين».

خوف مما بعد الانتخابات

في المقابل، وفي لقاء شعبي في طرابلس، أسف الرئيس عمر كرامي لأن تصبح طرابلس «قلعة العروبة والمسلمين، مكبّاً لمرشحين لا ينتمون إلى نسيجها ولا إلى مبادئها». وتخوّف في حال فوز المعارضة من «أن يرفض الفريق الآخر تأليف الحكومة»، مذكراً بقوله مرات عدة «وكذلك وليد جنبلاط قال الكلام نفسه، إن ما سيأتي بعد الانتخابات ليس سهلاً ويثير الخوف». ورأى أن قانون الانتخاب الحالي هو «الذي مهّد لما حصل سنة 1975». ولأن «الطائفيين في لبنان أقوى من أي تيار آخر»، حذر من «ان الاستمرار بهذا الشكل وبوضع كهذا، هو الخراب بعينه»، مقترحاً على رئيس الجمهورية أن يدعو بعد الانتخابات إلى لقاء وطني موسع «لوضع خريطة طريق أو تصوّر لكيفية بناء لبنان من جديد».
ورداً «على موجة الشائعات الدائمة»، شدد العماد ميشال عون على الملتزمين بالتيار الوطني الحر والمناصرين له الالتزام بالتوجيهات و«الاقتراع بكثافة للوائح المعارضة على جميع الأراضي اللبنانية، والتقيّد بالتوجيهات المعطاة في هذا الشأن». ولسبب آخر، هو أن «للانتخاب في الجنوب دلالة خاصة»، لفت النائب محمد رعد الناخبين إلى أن العالم سينظر إلى هذا الانتخاب «من زاوية نسبة الاقتراع لا من زاوية من هو الناجح»، لأنهم يريدون أن يبنوا مواقفهم على ما إذا كان «شعب الجنوب ما زال متمسكاً بخيار الصمود والمقاومة، أو أنه بدأ يتعب من هذا الخيار».
وفي جديد المعركة الخاصة في صيدا، كشف النائب أسامة سعد، في احتفال انتخابي، أنه خلال لقائه الرئيس فؤاد السنيورة أثناء الاستشارات لتأليف الحكومة: «سألته: ألا تنوي يا دولة الرئيس أن تعيد النظر في سياساتك الاقتصادية والاجتماعية في البلد؟ فردّ عليّ: «ليش شو في»؟ فقلت له: ألا تسمع بأوضاع الناس وبمعاناتهم؟ فردّ قائلاً: «إنتو عم تزيدوها، وهيدي السياسات أنسب شي للبنان!».


من أميركا إلى لبنان... للقاءين

فجأة، حطّ رئيس لجنة الشرق الأوسط وجنوب آسيا في الكونغرس الأميركي غاري أكرمان، مع عضوين من اللجنة، في لبنان، لزيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وقائد الجيش العماد جان قهوجي، فقط لا غير، وللإعراب، بحسب بيان للسفارة الأميركية، عن دعم «مبادئ الديموقراطية والسيادة في لبنان»، وأعاد «تأكيد التزام الحكومة الأميركية تجاه لبنان ومؤسساته ومواطنيه».
يشار إلى أن أكرمان، وهو من الحزب الديموقراطي، كان من أشد داعمي سياسة الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش، وكان وراء صدور قانون عن الكونغرس في تشرين الأول 2007 عرف باسم «قانون أكرمان»، أثنى «على تمسّك الكثير من اللبنانيين بمبادئ «ثورة الأرز» ودعم الحكومة الشرعية»، مديناً «محاولات حزب الله وغيره من الجماعات المؤيّدة لسوريا تخويف الحكومة الشرعية وتقويضها»، وأعرب عن القلق «جرّاء المعلومات الواردة من إسرائيل والدول الأخرى في ما خصّ حركة الأسلحة غير المشروعة إلى لبنان».