Strong>الأحد الأخير قبل أحد الانتخابات كان الأكثر حرارة، إذ جابت المهرجانات كل المناطق دون استثناء، مقدّمة الفرص للمرشحين حتى يستعرضوا عضلاتهم كما يشاؤون في ظل هدوء أمني لم تخرقه أيّة مشاكل جديّةكان يفترض أن تكون زيارة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون إلى البترون، وزيارة رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري إلى بعض دوائر الشمال، المحطتين الانتخابيتين الأبرز أمس. لكنّ مهرجان ذكرى اغتيال الرئيس رشيد كرامي خطف الأضواء. أضف إلى ذلك جولة رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في مرجعيون وحاصبيا وراشيا، والعرض الانتخابي الذي قدّمه الوزير السابق عبد الرحيم مراد في دائرة ترشحه ـــــ البقاع الغربي.
إلا ان جميع اللاعبين الكبار في الانتخابات باتوا على اقتناع، وفقاً لمصادر سياسية واسعة الاطلاع، بأنّ الدائرة الوحيدة التي تمثّل نقطة الحسم بالنسبة إلى فريقي الأكثرية والأقلية هي دائرة زحلة، ومن يربحها تكن له الغلبة.
وأشارت المصادر إلى أن جميع المعنيين من الفريقين يدرسون خوض معركة شرسة في هذه الدائرة خلال ما بقي من مهلة قبل الانتخابات، وأن اللافت في الأمر هو تدفّق الأموال الساخنة إليها كما إلى دوائر أخرى، حيث بدأت بورصة أسعار الأصوات في الارتفاع بجنون، بحيث وصل سعر الصوت الواحد في بعض الدوائر إلى 1500 دولار أميركي. وقد ابتدعت ماكينات انتخابية وسائل جديدة لضمان التصويت لمصلحتها من قبل الأفراد الذين يقبلون الأموال مقابل ذلك.
وكانت استطلاعات عدة للرأي نُفّذت خلال اليومين الماضيين لحساب الفريقين قد أظهرت توازناً كبيراً بين اللائحتين، ما أوجب استنفاراً إضافياً لرفع نسبة التصويت بغية الحصول على ما يكفي من الأصوات للفوز.

كرامي وعون يشدّان عصبهما الشمالي

أعلن الرئيس عمر كرامي، أمس، ترشّحه وخلدون الشريف حصراً عن مقعدين سنّيين في طرابلس. وأمام حشود طرابلسية جاءت تحيي ذكرى استشهاد شقيقه، ألقى كرامي كلمة بدا فيها مرشحاً لرئاسة الحكومة لا لكرسي نيابة، مؤكداً في أدائه ما قاله قبل بضعة أيام من أن معركة طرابلس ليست إقليمية ولا محلية، بل هي معركة رئاسة الحكومة اللبنانية. وقد استهل كرامي خطابه بمناداة شقيقه رشيد: ألتزم وصيّتك يا رشيد، ديني قبل دنياي، تلك تجارتي كما كانت تجارتك. ألتزم وصيّتك: عروبتي عقيدتي، مردداً: هذه المدينة تحتاج إلى أن «يحلّوا» عن سماها الزرقا، ويسمحوا لها بأن تمسك زمام نفسها وقرارها خارج التوظيف السياسي والعصبيات وتصدير الجراح واللعب على عواطف الناس وعلى فقر الناس. على كل طرابلسي أن يعرف أن المرفأ والمعرض والمطار والمصفاة هي مرافق ومشاريع شبه ناجزة ولا تحتاج إلى تمويل أسطوري، وهي كفيلة بخلق حوالى 20 ألف فرصة عمل... وهذه المشاريع أولوية مطلقة لدينا، لأنها السبيل الوحيد لوضع حد لحفلة «الشحادة» المعيبة التي لم يشهد لها الطرابلسيون مثيلاً في تاريخهم القديم والحديث». وخاطب تيار المستقبل قائلاً: سامحتم قاتل رشيد كرامي «اصطفلوا»، عفوتم عنه «اصطفلوا»، تريدون طرحه رقماً في الحياة السياسية اللبنانية، أيضاً «اصطفلوا». ولكن «ثقوا بأن تشريع حيثية القاتل وبراءته لن تكون عبر طرابلس، لا مباشرة، ولا بالواسطة، ولا بالوسطية». وأكد أن «اللغم» القديم المستجد بين التبانة وجبل محسن هو عهد عليه، سيكون تفكيكه هدفاً يتصدّى له مع كل المخلصين، مردداً أن أهل طرابلس في أمر دينهم «كلنا سلفيون».
وفي طرابلس أيضاً، قام الوزير السابق والمرشح عن المقعد الماروني في طرابلس جان عبيد بجولة في أحياء المدينة، رأى بعدها أن «بعض الذين يطلبون الآن النيابات من خارج طرابلس في طرابلس، عليهم أن يطلبوا الغفران أولاً قبل أن يطلبوا النيابة». أما النائب مصباح الأحدب، فطالب مجدداً بأن يعتذر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من اللبنانيين عن أحداث 7 أيار.
وفي الشمال أيضاً، لقي العماد ميشال عون استقبالاً مميزاً في تنّورين، واختتم يومه بمهرجان بتروني تحدث فيه مرشحاه في البترون جبران جرجي باسيل وفايق يونس، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي دعا الناس إلى التصويت لمن يشاؤون لكن دون أن يقسّموا أصواتهم، واعداً بإلغاء مقولة «الانقسام المسيحي» في 7 حزيران. أما عون، فرأى أن الناس شبعوا من حكم الحريري طيلة 19 سنة لم تأتِ إليهم إلا بالمصائب، واعداً بالفوز بمقعدي البترون بالاعتماد على الأصدقاء في الأحزاب الحليفة. وأكد أن «الولايات المتحدة ستكون أول من سيفاوضنا إذا ربحنا الانتخابات». وإذا «قاطعتنا الولايات المتحدة، فستساعدنا الصين التي تستدين منها الولايات المتحدة»، سائلاً الناس إن كان حزب الله خطف أحداً منهم أو قتل أهلهم، و«في المقابل، من يدّعي الخوف من المقاومة هم بذاتهم من قتلوكم وخطفوكم وسجنوكم ووضعوا لكم المتفجرات».
اختتم أمس النائب سعد الحريري جولته الشمالية بزيارة منزل نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري في بلدة أنفة، بعدما زار بلدة القلمون، وقبلها بلدة دير عمار حيث قرأ الفاتحة على ضريح الرائد الشهيد وسام عيد. وكان الحريري قد ألقى كلمة بعد ظهر أمس في مهرجان حاشد في بلدة الكواشرة في منطقة دريب عكار، عدّد فيها مكتسبات السنوات الأربع الماضية، قبل أن يعد بخطوات على «طريق التنمية ومحاربة الفقر وإيجاد فرص العمل».

لا تناقض بين الاستقلال والتحرير

ومن الشمال إلى راشيا، حيث رأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، في مهرجان حزبي وشعبي حاشد أقامه الحزب التقدمي الاشتراكي في ساحة مدينة راشيا، أن نتائج الانتخابات في الأسبوع المقبل هي التي «تقرّر مصير لبنان في معركة الاستقلال الثالثة». وقال «إنني على ثقة بأنكم كما كنتم بالأمس في مواجهة إسرائيل في كل هذه المنطقة، مؤكدين التعايش، ستبقون على تلك المبادئ بعيداً عن الطائفية والمذهبية في معركة الاستقلال الثالثة، دون تناقض. لن يكون هناك أي تناقض بين الاستقلال والتحرير». وكان جنبلاط قد زار دارة النائب أنور الخليل، في حضور النائب علي حسن خليل وإمامي بلدتي حاصبيا ومرج الزهور وحشد كبير من رجال الدين والمشايخ.
وعلى مقربة من راشيا، أكد النائب السابق عبد الرحيم مراد في مهرجان هو الأكبر للائحة «المرجعية البقاعية» أن المدخل لتكون البندقية الشرعية فوق أي بندقية لن يكون بغير تحرير كامل الأرض، مشدداً على أن وحدة المسلمين في لبنان هي البداية لوحدتهم أينما كانوا. ورأى أن الطائفة السنّية مثّلت طوال العقود الماضية صمام الأمان لوحدة لبنان عبر احتضانها للعروبة. وأشار مراد إلى أن تسمية لائحته باسم المرجعية البقاعية تؤكد حقيقة أن «قرار هذه اللائحة ينبع من البقاع وأهله ويهدف إلى صون الحياة والكرامات، رافضاً أن يكون لبنان ممراً للاستعمار».

سعيد وخوري يكملان معركتيهما

وفي جبيل، أقام منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد مهرجاناً حاشداً. ودعا سعيد الناخبين إلى «المحاسبة السلمية في صناديق الاقتراع لكل من ادّعى أنه يحتكر قرار طائفته وهو الآمر والناهي في تقرير مصيرها وخياراتها، ومحاسبة ميشال عون الذي تحت عنوان التغيير والإصلاح ربط مصير المسيحيين بمغامرات خيالية، وتوصل إلى أن يجعل منهم صندوق بريد لمصلحة إيران في وجه المجتمع الدولي، ومحاسبة حزب الله الذي يعرقل مسيرة قيام الدولة من خلال محاولاته الدائمة لجعل لبنان قاعدة عسكرية إيرانية في وسط العالم العربي وفي مواجهة مع النظام الدولي وعلى التماس الحضاري بين الشرق والغرب».
أما في الشوف، فنجح النائب السابق غطاس خوري في حشد جمهور كبير. وأشار إلى ملابسات استبعاده عن لائحة جنبلاط، معتبراً أن حلفاءه المفترضين لم يحسموا الاختيار، لا جغرافياً ولا إنمائياً، وأن ناخبي لائحة جنبلاط المسيحيين لن يتجاوزوا 25% من مسيحيي الشوف.
وعلى خط الانسحابات، أعلنت الجماعة الإسلامية، أمس، سحب مرشحيها في دائرة البقاع الغربي وراشيا سامي الخطيب، وعكار محمد هوشر.
وإزاء استمرار الحملات الانتخابية المركزة على سلاح حزب الله، كان لرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد موقف أمس، شدد فيه على أن قول الإسرائيليين إن فوز المعارضة، وحزب الله خصوصاً، سيؤدي باللبنانيين إلى أن يشهدوا جبروت الكيان الصهيوني، هو تهديد وتدخّل إسرائيلي لمصلحة فريق السلطة».


برّي يعد بثبات وجه لبنان المقاوم