strong>لم ينجز أيّ من طرفي المعركة الانتخابية الرئيسيين ترتيب بيته الداخلي تماماً، ومع ذلك بدآ بتنشيط الماكينة الكلامية بكامل عدتها المستعادة من أيام استنفار الشارع، وأوّلها الاتهامات المتبادلة بالتوتير، وذلك بعيد ساعات فقط من زيارة هيلاري كلينتون
ما إن تستنتج من حضور إيلي الفرزلي مهرجان الجماعة الإسلامية دعماً لمرشحها في دائرة البقاع الغربي وراشيا، الشيخ سامي الخطيب، أن الجماعة قطعت نهائياً مع الأكثرية وبدأت بمغازلة الأقلية، حتى يرد اسم النائب أنطوان سعد مباشرة بعد الفرزلي، ناسفاً الاستنتاج ومبقياً التساؤلات. ولكنّ الخطيب نفسه يبدّد الحيرة: أعطينا الأولوية للتحالف مع تيار المستقبل لكنهم «أغلقوا في وجهنا الأبواب وأوصلونا إلى الأفق المسدود بعدما قطعنا كل علاقة بغيرهم. ولكننا أصحاب مبادئ نأبى الهوان ونرفض أن نكون متسوّلين نرضى بالفتات». ورأى «أن الوقت الذي أعطى فيه البقاعيون أصواتهم دون مراجعة وتمحيص قد ولّى إلى غير رجعة، وكما اخترقنا اللوائح في عهد الوصاية السورية وكان لنا ثلاثة نواب سينتصر الناس لممثّليهم الحقيقيين وسنتمثّل معاً في 8 حزيران بفوز مرشحينا».
وفي بلدة القرعون، أعلن محمد القرعاوي ترشّحه عن أحد المقعدين السنّيين في هذه الدائرة، ضمن لائحة «المرجعية البقاعية» المدعومة من المعارضة، في مهرجان وازى حضوره عدد حضور مهرجان إعلان لائحة الأكثرية الأسبوع الماضي. وقد أثار ذلك، معطوفاً على موقف الجماعة، انطباعاً عند المتابعين بأن المعركة الانتخابية في هذه المنطقة لن تكون مثل عام 2005، وخصوصاً أنه أخاف قيادات تيار «المستقبل» في البقاع، ودفعها إلى إعادة حساباتها، انطلاقاً من وجود حلقة ضعيفة في لائحة «الكرامة» هي النائب جمال الجراح. بل إن أحد قياديي التيار أفصح بعصبية «إذا استمرت الجماعة في ترشيحاتها انفرادياً، وخصوصاً في البقاع الغربي، فمن المؤكد أن أول المخترقين سيكون عبد الرحيم مراد»، ثم سيلحق به الفرزلي الذي وعدته الجماعة بأنها ستعطيه أصواتها إضافة إلى الخطيب. وبحسب ما قاله عضو في لائحة «الكرامة» أمام زوّاره، فإن المقعد الشيعي في اللائحة، المحجوز لمرشح حركة اليسار الديموقراطي أمين وهبة، مهدد أيضاً «في حال استمرار النائب السابق محمود أبو حمدان في ترشّحه، لأنه سيأخذ من طريق مرشحنا أصوات مؤيّدين له في الوسطين السنّي والدرزي، وهذا ما يستفيد منه مرشّح «أمل» النائب ناصر نصر الله».
واستدعت هذه الأجواء من مرشّحي الموالاة تكثيف تحركاتهم وزياراتهم، وأشارت مصادر قيادية في تيار المستقبل إلى أن «قريطم في صدد دراسة سحب الحلقة الأضعف (الجراح) واعتماد مرشح الجماعة (الخطيب) منعاً لخرق مراد»، لأن هناك من يرى أن معركة البقاع الغربي هي معركة بين مراد والحريري، والخرق هو خسارة كبيرة للثاني.

جزّين وبرّي وعون

على صعيد جزين، ففي انتظار تبلور الموقف النهائي من الاقتراح الأخير للعماد ميشال عون بأن يكتفي هو بترشيح اثنين على لائحته، على أن يخوض النائب سمير عازار المعركة منفرداً، فإن الوسطاء من جانب المعارضة سينطلقون اليوم في جولة جديدة ربطاً بنتائج كسر الجليد المرتقب اليوم بين الرئيس نبيه بري وعون على هامش جلسة الحوار الوطني في بعبدا، التي يتوقع أن تكون مناسبة لتبادل «النظرات الانتخابية» بين جميع الحاضرين على حد تعبير أحد المعنيين.
وبحسب ما هو متداول، فإن بري وإن ارتاح إلى التعديل في موقف عون وأعرب عن استعداده للسير خطوة نحو تحقيق التوافق، فهو أبدى خشية من أن يؤدي عدم ضم عازار إلى لائحة عون إلى نتائج عكسية، أو إلى فتح الباب أمام الآخرين للخرق، وخصوصاً أن بري كرر أنه لا يثق بالتزام الجميع وأن يصار إلى تبادل لعمليات التشطيب وأن ينعكس الأمر على دوائر أخرى.
وكان عون قد أكد بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح أنه وبري والمعارضة «متفقون على مبادئ معينة»، معلناً أنه سيجري الاحتكام إلى أهل جزين «كأقصى درجات التطرف في الحل». وإذ لفت إلى أن الأكثرية لم تعلن لوائحها بعد في بعبدا وجبيل وكسروان والأشرفية، قال إنه لا مشاكل لديه في هذه الدوائر، «أنا أنتظر كي يبدأوا هم».
ورداً على ما قيل خلال الاجتماع في منزل الياس الخازن، رأى النائب فريد الخازن أنه إذا كان هدف الاجتماع تأييد المرشح فريد هيكل الخازن فـ«لا داعي لاجتماع بعض الأفراد من العائلة لتظهير موقف سياسي واضح الأهداف والأسباب»، و«لا حاجة إلى اختلاق أعذار واستحضار تصريحات ومواقف لم تصدر عن العماد ميشال عون».

.. وأخيراً «إنقاذ المتن»

في هذا الوقت، وبعد تعثّر، ولدت «لائحة الإنقاذ المتنية» بعد انسحاب المرشح بيار الأشقر، وضمّت: سامي الجميّل وإيلي كرامة عن الكتائب، إدي أبي اللمع عن القوات اللبنانية، سركيس سركيس وإميل كنعان وإلياس مخيبر وميشال المر عن المستقلين. ولتأكيد أنها من دون رأس، لم تُعلن من بتغرين ولا بكفيا، بل من فندق «شاليه سويس» في الجديدة، وتحدث في حفل إطلاقها الرئيس أمين الجميّل الذي وصفها بأنها «لائحة الضمير اللبناني والنضال الطويل»، ثم أعلنها المر وقال إنها «ستكون الركيزة الأولى للوائح الإنقاذية في كل لبنان». وتولى بعده المرشح الجميّل تلاوة البرنامج الانتخابي الذي تمحور حول 9 عناوين: لبنان ديموقراطي تعددي وقوي، توحيد المسيحيين، العلاقات اللبنانية السورية، التوطين ونزع السلاح الفلسطيني، اللامركزية الموسعة، الأمور الاقتصادية والمعيشية، المشاريع للمتن، شؤون الشباب، وشؤون المرأة.
على صعيد اللوائح المقبلة، قال الوزير طلال أرسلان، إنه سيعلن لائحة المعارضة في عاليه، مساء الجمعة المقبل من الشويفات، وسيؤكد خلال ذلك أن النائب وليد جنبلاط متحالف مع قوى 14 اذار، وأنه هو متحالف مع قوى 8 آذار، مكرراً أن ترشحه «لن يكون إلا على قاعدة 11 أيار التي هي ليست قاعدة إلغاء الآخر بل مشاركة الآخر».
وذكر رئيس لائحة 14 آذار في زحلة والبقاع الأوسط النائب نقولا فتوش، بعد استقباله الرئيس الجميّل وعضو اللائحة الوزير إيلي ماروني، في منزله في زحلة، أن «اللائحة أصبحت جاهزة، لكن هناك عمليات تشاور بانتظار ما سيجد»، مردفاً «الاستراتيجية انتهت وننتظر التكتيك». وبعد اجتماع ضمّه والمرشحين خالد الداعوق والوزير السابق بشارة مرهج، أعلن النائب السابق بهاء الدين عيتاني، إرجاء «الإعلان المبدئي» للائحة المعارضة في بيروت الثالثة، الذي كان مقرراً اليوم إلى «الأيام القليلة المقبلة»، بسبب سفر أحد أعضائها. وكان مرهج قد أطلق برنامجه الانتخابي في لقاء حاشد مساء الأحد، وقال إنه يتلخص بـ«السعي لتأمين الاستقرار السياسي في العاصمة والبلاد».

طرابلس وصيدا

وفي المواقف الانتخابية، وصف الرئيس عمر كرامي، في لقاء شعبي في طرابلس، تحالف ميقاتي ـــــ الصفدي ـــــ الحريري بـ«ائتلاف الثروات»، معتبراً أنهم «تحدّونا في كرامتنا» و«طرابلس حساسة في كرامتها، لأنها دائماً رفعت شعار «الكرامة أغلى من المال» وأنا أقول، «الكرامة أغلى من الحياة». وأكد أنه لن يترك الساحة و«لا يمكن أن نسمح للقوى الانعزالية المتآمرة بأن تفرض على لبنان أن يكون منعزلاً عن محيطه العربي».
وفي صيدا، اختتم مرشحا تيار «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة وبهية الحريري، الويك اند الانتخابي، بتجديد الثانية لقولها: «التحدي بالنسبة لصيدا، أنها لأول مرة تقترع لموقع رئاسة الحكومة». واتهم الأول «أحدهم» بأنه «يمسك بدفتر ويعطي شهادات: هذا دمه اليوم آخذ درجة عالية، واليوم دمه آخذ درجة واطية».
وفي جولة في أحياء صيدا القديمة، اتهم النائب أسامة سعد، السنيورة، بـ«إثارة النعرات المذهبية وتسميم أجواء مدينة صيدا لاستحضاره حوادث 7 أيار في خطاباته الانتخابية»، وبأنه «مصاب بوسواس فحص الدم في الوطنية، لكن لا أحد طالبه بفحص دمه ولا بإثبات هويته. فالوطني الأصيل هو من ينظر إلى حاجات الناس وقضاياهم ولا يدفع بهم نحو العوز أو الفتنة».


غاي: مستعدون للحوار، ولكن هل يريده حزب الله؟ونفت أن تكون لندن في صدد دور جديد في لبنان، وقالت إن حزب الله «مهم جداً في الميدان السياسي، ونريد أن تكون لنا علاقة مع نوابه كعلاقاتنا مع نواب أي دولة أخرى»، مشددة على حصر العلاقة بـ«أولئك المنتخبين الذين يكتسبون شرعية الناخبين لأننا نتفادى الحوار مع الجناح العسكري للحزب». ونفت أن يكون حصل حتى الآن أي لقاء مع الحزب، فالنائب حسين الحاج حسن «التقى نواباً بريطانيين وهذا طبيعي بين النواب، لكن لم يحصل اتصال مع الحكومة البريطانية التي ترغب في الحوار مع حزب الله ومستعدة لذلك. ولكن هل هو مستعد لهذا الحوار ويريده؟ طبعاً هو لا يحب تمييزنا بين جناح سياسي وجناح عسكري». وأضافت: «ليس الحوار أمراً مستغرباً بل عدم حصوله هو المستغرب. نعتقد أن في الحزب مسؤولين عن أعمال إرهابية، في المقابل هناك مسؤولون سياسيون. نعرف أيضاً أن هناك جناحين فيه، لكن ليس نوابه من يقومون بالأعمال الإرهابية، كما نرى أننا نستفيد من الحوار معه أكثر من عدمه».