strong>من واشنطن، أطل أحد وجوه الإدارة الأميركية السابقة، ناصحاً بلاده بـ«عدم التنازل عن نفوذها وأوراقها في الوضع اللبناني»، وفي لبنان اتهامات لحزب الله «بمحاولة عزل فارس سعيد في جبيل» وبـ«استغلال» المناورة الإسرائيلية لـ«تحويل الأنظار من جهة إلى أخرى»
«التنافس سيقتصر على المناطق المسيحية وعلى عدد معين فقط من المقاعد، ولا سيما الدائرة الأولى في بيروت ودوائر زحلة والمتن والكورة». هذا الكلام ليس لمختار أو رئيس بلدية ولا لمركز استطلاع أو مسؤول عن ماكينة انتخابية، بل لمساعد وزيرة الخارجية الأميركية السابقة لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ولش، الذي جمعته مؤسسة الصفدي في واشنطن مع رئيس مركز «كارنيغي للشرق الأوسط» بول سالم و«الخبير في قضايا الشرق الأوسط من أصل إيراني» كريم سادجادبور، ليحاضروا في واشنطن عن «الانتخابات في لبنان: رسم خرائط التحالفات وإدارة التوقعات».
وبحسب الملخَّص الذي وزعته المؤسسة عن الندوة، فإن ولش بدأ محاضرته «بعرض مفصّل عن الوضع اللبناني، انطلق من الحرب خلال صيف عام 2006»، مروراً بالقرار 1701 ومعارك مخيم نهر البارد وأحداث 7 أيار واتفاق الدوحة، «وتوقف عند موضوع كشف شبكة حزب الله في مصر»، مشيراً إلى أن هذه المسألة «رغم ربطها بما جرى من أحداث في غزة، إلا أنها ستترك انعكاساتها كذلك على لبنان».
وبعدما طالب الإدارة الأميركية بـ«عدم التنازل عن نفوذها وأوراقها في الوضع اللبناني»، تحدث عن الانتخابات، مشيراً إلى أنها «ستكون من أهم النشاطات السياسية التي ينتظرها لبنان»، و«محور اهتمام المنطقة في الأسابيع المقبلة»، و«ستشير إلى تحديد المستقبل الذي سيسلكه لبنان»، وأن نتائجها «ستترك انعكاساتها على علاقات لبنان الإقليمية والدولية وعلى جدلية استمرار الدعم الإقليمي والدولي له». وسأل عن «الموقف الأميركي من الحكومة التي ستتألف (بعد الانتخابات)، ولا سيما أن المشاكل السياسية ستبقى قائمة؟». ليخلص إلى تحذير «السياسيين الأميركيين من المبالغة والتسرع في ردة الفعل في حال فوز المعارضة، وعلى رأسها حزب الله، بالأكثرية في الانتخابات النيابية المقبلة». ثم تحدث سالم عن التوقعات في حال فوز كل من المعارضة أو الموالاة، وسادجادبور عن «الدور الإيراني في لبنان من خلال الدعم المالي الذي تقدمه إيران لحزب الله».

في الأشرفية ومعراب

هذا في واشنطن، أما في الأشرفية، فقد خصصت الأمانة العامة لقوى 14 آذار اجتماعاً عقدته أمس في حضور عدد من مرشحي منطقتي المتن الجنوبي والشمالي لبحث «الوضع الانتخابي والضغوط التي يمارسها حزب الله في كسروان وجبيل لمنع إتمام التحالف بين المستقلين وقوى 14آذار»، بحسب منسقها العام فارس سعيد الذي أضاف أن «الجميع توافقوا على عدم القبول بأن يعمد حزب الله إلى تصنيف المرشحين في المنطقة (...) وأن يستخدم الثلث المعطل في جبيل». وقال: «في كسروان 97% من الناخبين هم من الطائفة المارونية، وفي جبيل 74% كذلك، وعليه، لا نعتقد أن هناك مجالاً ليملي حزب الله عليهم آراءه الانتخابية أو السياسية».
ولاقاه من معراب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي قال: «أفهم أن يضع حزب الله فيتو في بعلبك ـــــ الهرمل أو النبطية، لكن أن يقوم بمحاولة عزل فارس سعيد في جبيل فهذا أمر غير مفهوم وغير مقبول». وأعلن بعد لقائه نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والنائب فريد حبيب، وضع «اللمسات والترتيبات الأخيرة» لانتخابات الكورة. وكشف عن اتصالات مع حزبي الرامغفار والهانشاك في شأن المرشح الأرمني في دائرة بيروت الأولى «لإيجاد مخرج لهذا الإشكال الذي وقعنا فيه من دون قصد». واتهم حزب الله بـ«استغلال» موضوع المناورة الإسرائيلية لـ«تحويل الأنظار من جهة إلى أخرى كأنه انتصار لوجهة نظر فريق على آخر»، معتبراً «أن انقلاب المناورة إلى حرب فجائية احتمال غير وارد».
وفيما كان جعجع يتحدث عن كسروان وجبيل والكورة، كان أكثر من مرشح يؤكد مضيه في منافسة مرشحي القوات في بشري، وأبرزهم النائب السابق جبران طوق الذي جدد القول إنه مرشح مستقل، وشدد على ضرورة «أن يكون الولاء للبنان أولاً وأخيراً، وترسيخ مبدأ الديموقراطية وتغليب المصالح العامة على الخاصة وقبول الرأي الآخر القائم على المحبة والمساواة والكرامة الوطنية دونما تبعية أو استقواء». وإذ ذكر المرشح روي عيسى الخوري من بكركي بأنه مستقل «في الوقت الحاضر»، أشار إلى مساع للتحالف مع طوق، وعلق على كلام النائب وليد جنبلاط عن الموارنة، مبدياً تفهمه لأن يكون له «بعض المآخذ على شخصيات مارونية من خلال تحالفه معها، ومن حقه أن ينتقدها»، لكنه تمنى عليه «أن يحدد الأشخاص المعنيين ويحصر انتقاداته بهم».
في هذا الوقت توزع عدد من أعضاء «لائحة الإنقاذ المتنية» بين بكركي ومطرانية بيروت للروم الأرثوذكس، فزار الأولى الياس مخيبر الذي رأى أن المعركة الانتخابية «هي لاستكمال جلاء الجيش السوري عن لبنان وتصفية الملفات العالقة بين البلدين»، ثم سركيس سركيس الذي أكد التزامه مواقف الكنيسة المارونية وتأييده خطاب القسم لرئيس الجمهورية. وزار الثانية إيلي كرامة، آملاً أن «تتم الانتخابات بسلام، مهما كانت النتيجة، وأن يتحلى المتنافسون بروح رياضية، لأن هذه العداوات لا تفيد».
على صعيد دائرة بيروت الأولى، كرر الوزير جان أوغاسبيان، بعد لقائه المطران الياس عودة، تمسك أرمن 14 آذار بترشيح النائب سيرج طورسركيسيان بدلاً من مرشح القوات اللبنانية، وأعلن أن المباحثات ما زالت مستمرة لإيجاد تسوية، آملاً حصول ذلك خلال أيام، وبالتالي «إعلان اللائحة بصورة نهائية».
في هذا الوقت يبدو أن لائحة المعارضة في بيروت الثالثة، لا تزال رهن «الاتصالات والمشاورات» التي حدد المرشح خالد الداعوق نضوجها موعداً لصدور اللائحة. فيما ذكر المرشح زهير الخطيب أن «تعثر الاتفاق» سببه «الخلاف على شغل المقعد الأرثوذكسي المعارض»، وقال إنه في «غياب التوافق على لائحة واحدة مقبولة للجمهور البيروتي الوطني، فإننا متمسكون بخوض الحملة الانتخابية بجماهيرنا المتمسكة بثوابت المعارضة ونهج المقاومة».
وفي صيدا، استقبل رئيس البلدية عبد الرحمن البزري وفداً من حزب البعث برئاسة فايز شكر الذي انتقد استذكار مرشح تيار المستقبل، الرئيس فؤاد السنيورة، أحداث أيار، قائلاً: «هذه المرحلة أصبحت ماضية، واللبنانيون قد نسوها، ويجب أن ننساها جميعاً وأن نترك مساحة أكبر للالتقاء لنبني وطناً سليماً ومعافى». وأبدى البزري ارتياح التحالف الوطني للمعركة الانتخابية، قائلاً إن التحالف متجذر في المدينة «وصوره في قلوب الناس وليس بالضرورة على الجدران ولا في جيوب الناس».
وفي المواقف، اتهم النائب يوسف خليل، جهات في الموالاة بـ«التهويل على الناس بعودة جهات إقليمية إلى لبنان»، واضعاً ذلك «في إطار الدعاية الانتخابية غير المسؤولة». وقال: «ما يجب السعي إليه هو عدم عودة الطبقة السياسية التي كانت حاكمة بالتعاون مع سلطة الوصاية آنذاك، والتي استباحت المال العام واستقوت بالآخرين على أبناء بلدها وقامت بالمخالفات والارتكابات خلال سنوات من دون حسيب أو رقيب».
ورأى النائب حسن فضل الله أن «التنافس الانتخابي لا يستأهل توتير الساحة الداخلية من خلال الخطاب التصعيدي والتحريضي»، مشيراً إلى أن «اللهجة المرتفعة من بعض القوى السياسية تعبّر عن وضعها المأزوم انتخابياً، لأن المرتاح لا يحتاج إلى مثل هذا الخطاب». وتناول موضوع المناورات وشبكات التجسس الإسرائيلية، مؤكداً أن «المقاومة على جهوزيتها واستعدادها لمواجهة أي عدوان إسرائيلي، وهي تراقب عن كثب ما يجري على الطرف الآخر وستهزم أي مغامرة إسرائيلية».
ووضع رئيس المكتب السياسي لحركة أمل، جميل حايك، موضوع المناورة الإسرائيلية المرتقبة في إطار «رسالة ترهيب على أبواب الانتخابات»، داعياً إلى «عدم الالتهاء بالخطابات السياسية والتحريض الإعلامي والشحن الطائفي البغيض الذي يستهدف إثارة الغرائز».


استقبال ملكي لرئيس الجمهورية في بريطانياكذلك التقى سليمان الناطق باسم لجنة الشؤون الخارجية للمحافظين النائب بروكس نيومارك. وزار كاتدرائية «وست مينستر»، ووضع إكليلاً من الزهر على ضريح الجندي المجهول المقام عند مدخلها. ورأى خلال لقاء مع عدد من الإعلاميين أن الانتخابات النيابية «عنصر سياسي أساسي يتطلب إجراؤه قبل وضع الاستراتيجية الدفاعية. والأمور ستسير بهدوء، وطاولة الحوار ستنعقد كلما اقتضت الحاجة ومن دون تردد». وكرر قوله إن التوتر القائم بين مصر وحزب الله يتطلب حواراً هادئاً ومعالجة هادئة حفاظاً على صفاء العلاقة اللبنانية ـــــ المصرية. ولفت إلى أن كشف شبكات الموساد يظهر مدى الخطر الذي تمثله إسرائيل على لبنان والجوار، مشيراً إلى أن ذلك يمثّل خرقاً للقرار 1701، يضاف إلى خروق إسرائيل اليومية.