مداخلة استعراضية للقذافي تُربك الزعماء العرب وتثير لغطاً حول مضمونها الدوحة ــ حسام كنفاني
أبى الزعيم الليبي معمر القذافي إلا أن يضفي «لمسته» على أجواء المصالحة العربية، وينهي الخلاف الدائر مع الملك السعودي عبد الله على طريقته الخاصة. طريقة اختلفت المعلومات حولها، بين تضمّنها «إهانة» للملك السعودي من عدمها، فلا مستند رسميّاً، لا كتابة ولا صوتاً، للكلمة التي ألقاها العقيد، باستثناء البيان المطبوع الذي وزعته وكالة الأنباء الليبية، وقد حرص مسؤولون ليبيون وقطريون على نفي بعض ما تضمنه.
قصة المصالحة «القذافيّة» بدأت مع انتهاء كلمة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في الجلسة الافتتاحية. حينها صدح صوت الزعيم الليبي موجّهاً خطابه إلى الملك السعودي، وسط محاولات أمير قطر ثنيه عن الكلام، قائلاً «أخ معمر أخ معمر، بالنظام». وبين جملة وأخرى كان صوت القذافي يقطع، ليتدخل أمير قطر مجدّداً، محاولاً مقاطعته.
ومع كل محاولة للمقاطعة، كان صوت القذافي يختفي ليظهر ثانية بجملة لا ترتبط بسابقتها، ما زاد من التأويلات حول مضمون «المبادرة»، التي دعا فيها الزعيم الليبي الملك السعودي إلى طيّ صفحة الماضي. وفي ظل اللغط، جاء توزيع وكالة أنباء الجماهيرية الليبية (أوج) بيان مداخلة القذافي، التي تضمّنت «إهانة» للملك عبد الله.
وبحسب النص، فإن القذافي توجه في بداية كلمته إلى أمير قطر، قائلاً «أخ حمد أهنئك بتوليك رئاسة القمة». وتابع «بهذه المناسبة أقول لأخي عبد الله، ست سنوات وأنت هارب وخائف من المواجهة. وأريد أن أطمئنك بأن لا تخاف، وأقول لك بعد ست سنوات ثبت أنك أنت الذي الكذب وراءك والقبر أمامك، وأنت هو الذي صنعتك بريطانيا وحاميتك أميركا».
وانتقل القذافي بعد ذلك إلى «مبادرته التصالحية»، قائلاً «احتراماً للأمة، أعتبر المشكل الشخصي الذي بيني وبينك قد انتهى، وأنا مستعدّ لزيارتك وأنك أنت تزورني». وختم «أنا قائد أممي وعميد الحكام العرب وملك ملوك أفريقيا وإمام المسلمين. مكانتي العالمية لا تسمح لي بأن أنزل لأيّ مستوى آخر. وشكراً».
ومع نهاية مداخلته، اعتذر أمير قطر من الزعيم الليبي عن محاولة مقاطعته، قائلاً «أنا أعتقد يا أخ معمر أنني فهمتك خطأً، وأنا أعتذر أمام الإخوة الملوك والرؤساء، وأشكرك على كلماتك الموفقة».
غير أن القذافي غادر القاعة بعد مداخلته، وتوجّه إلى المتحف الإسلامي ثم إلى مقر إقامته. غير أن مصادر إعلامية أشارت إلى أن الزعيم الليبي غادر إلى المطار، قبل أن يلحق به رئيس وزراء قطر، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، ويقنعه بالبقاء.
لكن مسؤولاً قطريّاً رفيع المستوى نفى لـ«الأخبار» هذه الرواية، كذلك نفى أن يكون القذافي قد وجّه إهانة إلى الملك السعودي. وأبدى استغرابه للبيان الليبي، الذي وضعه في خانة رغبة ليبيا في أن تكون بـ«مركز قوة» في المصالحة مع السعودية، ولا سيما أن لقاءً ثلاثياً، استمر ساعة ونصف ساعة، أعقب استعراض القذافي، جمعه مع الملك السعودي وأمير قطر في قصر البحر في الدوحة.
لقاء خرجت بعده مصادر ليبية لتعلن أن الخلاف الذي طبع العلاقات بين ليبيا والسعودية «أصبح من الماضي». وقالت، لوكالة «فرانس برس»، إن «العبارات التي وجّهها الزعيم الليبي معمر القذافي إلى العاهل السعودي جاءت على لسان الملك عبد الله في قمة شرم الشيخ منذ ست سنوات»، في إشارة إلى عبارة «أنك صنيعة أميركا والكذب وراءك والقبر أمامك»، في نفي لما تضمنه البيان الليبي. وأضافت أن «العلاقات الليبية السعودية ستشهد تطوراً ملحوظاً خلال الأيام المقبلة بما يخدم قضايا الأمة وما تتعرض له من مخاطر وسيكون لهذه المصالحة العربية العربية أثر إيجابيّ كبير.
بدوره، قال المبعوث الرسمي للزعيم الليبي، أحمد قذاف الدم، إنه جرى «طيّ صفحة الماضي» مع السعودية، تمهيداً لإعادة العلاقات إلى طبيعتها.
وكانت معلومات ما قبل المصالحة قد أشارت إلى أن القذافي طلب أن تكون له كلمة في بداية الجلسة الافتتاحية للقمة، غير أنه بعد الاطلاع على نص الكلمة تبيّن أن فيها هجوماً على الملك السعودي، فرفض طلبه. وجرت محاولات قطرية لعقد لقاء حاسم بينه وبين عبد الله، لكنه طالب باعتذار من الملك السعودي، ثم رفض المشاركة في التقاط الصورة التذكارية للقادة العرب قبيل الافتتاح.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن قطع الصوت عن القذافي خلال كلمته جاء خشية أن يقول كلاماً يفجّر القمة، وخصوصاً أن قطر كانت تعهدت للسعودية بعدم حدوث هذا الشيء.