الدوحة ــ الأخبارركّز أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في كلمته بافتتاح القمة العربية العادية الحادية والعشرين، على ملف الأزمة الاقتصادية، مشدّداً على أنه «لو لم يكن هذا الاجتماع مقرراً بحكم مبدأ الدورية السنوية للقمم العربية، لوجب أن يكون، وذلك بحكم طـوارئ دهمـت عـالمنـا، لا بـلادنا وحدها، وكانت نتائجها ما نراه جميعاً ونشعر بوطأته من تقلبات ومشاكل وأزمات في كل النواحي وعلى كل المستويات». وأشار إلى أن «كل هذه التقلبات والمشاكل والأزمات مقدور عليها في النهاية بالإصرار الدولي على تجاوز عاصفة لا يستطيع طرف تحمل تكاليفها الإنسانية قبل تكاليفها المادية».
وقال الشيخ حمد إن العالم العربي كان بين أكثر أقاليم الأرض تعرضاً لهبوب العاصفة. وأضاف: «إذا كانت الأزمة المالية هي المشهد اللافت للأنظار، فإنها كشفت عن هشاشة خطرة أصابت النظم التي كان العالم يعتمد عليها في الحفاظ على توازنه». ورأى أن «كل هذا أدى إلى اهتزاز القاعدة التي لا يقوم بغيرها نظام في أي مجال، وهي قاعدة الثقة، فكانت الضربة التي أصابتها هي في الواقع أول ما يهددنا، فتجارب البشرية من أول التاريخ تعلمنا أنه لا يمكن رسم سياسة أو استقرار سياسة، أو نجاح سياسة، إلا إذا توافر عنصر الثقة في النفس والغير».
ورأى أن «أخطر ما في أزمة الثقة أنها تخلق أجواءً يصعب فيها التأكد من مواقع القوى ومن مقاصد السياسات، ومن سلامة التقديرات، ومن حساب الاحتمالات». وأضاف أن «الظاهر أمامنا أن ما قبلناه لأزمنة أمور مسلم بها، يحتاج إلى مراجعة، وأن سياسات اعتمدناها وسعينا إليها تحتاج إلى مراجعة».
وأوضح أمير قطر أن «لدى العالم العربي أسباباً تدعوه إلى ضرورة الفهم أكثر، فهناك انعكاسات الأزمة، التي استولت على اهتمام العالم، وأبعدته عن قضايانا، وخصوصاً مع متغيرات سياسية تمسّنا مباشرة يجيء ضمنها أن هناك رئاسة أميركية ليست جديدة فقط، لكنها أيضاً مختلفة، فقد جاءت إلى القرار الأميركي بدم جديد قادر على التجديد، وهناك انتخابات جرت في إسرائيل علينا أن نراقب توجهاتها وتأثيراتها على أوضاع الأمن في المنطقة. وهناك تطورات في الجوار لا بد لنا من أن نحسن التعامل معها بحيث لا تواجه المنطقة توترات زائدة تضيف إلى قلقها واضطرابها».
ورأى أمير قطر أن «الخلافات الداخلية تلحّ علينا أن نتوصل على الأقل إلى آلية لإدارة الخلافات بما لا يفسد فيه خلاف للود قضية». وحذر من تداعيات سياسية واجتماعية تحتاج إلى استعداد وتنبه. وقال: «أبسط ما نستطيع أن نتوقعه أن هذه الأزمة سوف تخلّف وراءها عواقب وتعقيدات في منطقتنا لا بد من أن نكون جاهزين لحصرها وإدارة حركتها، وإن لم نكن نستطيع التوصل إلى حلول لها، فسوف تترك وراءها مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية».
وحرص أمير قطر، في ختام كلمته، على الإشادة بمبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الكويت للمصالحة العربية، التي قال إنها «عبّرت عن مدى حرصه على لمّ الشمل وتحقيق التضامن العربي وتجاوز أي اختلاف في الرأي الذي يبقى في الوسيلة لا الهدف». وعبّر عن اعتزازه بمشاركة الملك السعودي في قمة العشرين الاقتصادية في لندن لأنه «سيمثّل مصالح أمتنا وعالمنا العربي، وحتى الدول النامية المتضررة وطموحها بعلاقة أكثر توازناً مع الدول الصناعية المتقدمة». وتوجّه إلى القادة العرب قائلاً: «إن الأمة تتطلع إليكم، ومجتمع الدول ينتظر إسهامكم، فمع أهمية المصالحات الجارية، ومع ضرورة عودة الود في العلاقات، أصبح المطلوب منا التعاون في الأفكار والأهداف والوسائل».