strong>نوال العليانتهت أحداث السنة الإعلامية الأردنية بصرخة أطلقها عدد من متخرجي الصحافة والإعلام بعنوان «حملة صحافيين مع وقف التنفيذ». وقد ضمّن هؤلاء بيان حملتهم تساؤلات بشأن واقع وسياسات التعيين والتدريب في المؤسسات الإعلامية الرسمية، والآلية والمعايير لاختيار إعلاميي التلفزيون الأردني ووكالة الأنباء والصحف. وقضية التعيين ليست المشكلة الوحيدة التي يعانيها الإعلام الأردني. ذلك أن الصحافيين المتحمسين لا يعرفون ربما ما ينتظرهم في أجواء باتت تتراجع فيها حرية الصحافة. وهي مسألة ظهرت جلياً في التقرير الذي أصدرته «مراسلون بلا حدود» أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عن التصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2008، واحتلت فيها المملكة الأردنية المرتبة 128.
وكانت البلاد قد شهدت قبل أيام آخر مظاهر الحد من حرية التعبير وحق الصحافة في النقد، مع إيقاف الصحافيين أحمد الطيب وزياد الطهراوي من صحيفة «البيداء» لانتقادهما الممارسات في أحد المستشفيات الرسمية. كما اعتقل فايز الأجراشي، رئيس تحرير «الإخبارية». وهي أحداثٌ لم يغيّر مجراها اجتماع الملك عبد الله الثاني برؤساء تحرير الصحف اليومية، وتأكيده لهم أن «توقيف الصحافيين في قضايا النشر، لن يتكرر في الأردن».
تصريحات الملك التقطها مجلس النواب لحشد جهوده وإعداد مشروع قانون يتضمن تعديل قانون المطبوعات والنشر الحالي، والنصّ صراحةً على عدم توقيف الصحافيين، على رغم ما ورد في أي تشريع آخر. وفي الوقت نفسه، بدأت الحكومة تحركاً مماثلاً لتعديل القانون ليشمل الرقابة وإصدار تشريعات لضبط المواقع الإلكترونية وما ينشر فيها.
في المقابل، ووسط كل تلك الأجواء، كانت بعض الوقائع خطوة إلى الأمام في مسيرة حرية التعبير: لقد أصدر القضاء حكماً بعدم مسؤولية ناصر قمش، رئيس تحرير صحيفة «الهلال» سابقاً، عن جريمة القدح والذم والتشهير التي أقامها المحامي رياض النوايسة، على خلفية نشر «الهلال» مقالاً انتقد خطاباً للنوايسة. كما أصدر القضاء نفسه قراراً برأ فيه سمير الحياري، رئيس تحرير وكالة «عمون» الإخبارية الإلكترونية، في قضية ذم وتشهير كان قد رفعها ضده الناشر أحمد سلامة. وبرر القاضي القرار بحماية حق الصحافة بأن تنتقد القائمين بالعمل العام، وأن من واجب القضاء أن يكفل حريتها في ذلك.
في هذه الأثناء، أُسدِل الستار على مشاكل القناة التلفزيونية المستقلة الأولى من نوعها atv، بعد صراع مع الرقابة والسلطة. إذ بيعت المحطة لشركة الإنتاج العربي وصاحبها طلال عواملة، ومن المتوقع أن تبدأ بثّها الربيع المقبل مع إطلاق ثلاث قنوات: واحدة إخبارية وثانية دينية وثالثة منوعة عامة.
كذلك شهدت عمّان فعاليات المؤتمر الأول للصحافيين الاستقصائيين في العالم العربي، وقد بحث في آليات تحفيز هذا النمط من العمل الإعلامي المحترف المستقل والقائم على توثيق المعلومات والمصداقية والتوازن والدقة والموضوعية. ونظمت المؤتمر شبكة «إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية/ أريج».
وفي القاهرة، وبعد ثلاثة عقود من الفوز بالتزكية، أقيمت أخيراً انتخابات الاتحاد العام للصحافيين العرب. وانتخب فيه نقيب الصحافيين الأردنيين عبد الوهاب زغيلات عضواً للأمانة العامة. وحتى هذه ما كانت لتتركها السلطة خارج متناولها، إذ أكد أعضاء في وفد النقابة أن اتصالات أجريت مع رئيس الوفد زغيلات بهدف ثنيه عن الترشح لعضوية أمانة اتحاد الصحافيين العرب، لمصلحة ممثل الأردن السابق سيف الشريف.
إذاً، كانت 2008 سنة تدني سقف الحريات، وقد حفلت بالممنوعات والمعارك التي خاضتها الصحافة. كسبت جولة وخسرت جولات، فيما الحرب ما زالت دائرة.