إعداد: فرح داغر ومحمد عبد الرحمن
إنه العام الأكثر سخونة على صعيد القضايا الفنية: في 2008، هزّت الوسط جريمة مقتل سوزان تميم، ثم ابنة ليلى غفران وصديقتها. كما ألقي القبض على جورج وسوف في السويد، ودخل شعبولا في غيبوبة، وقلّص نقيب الممثلين المصريين من حضور الفنانين العرب في القاهرة... أما سوق الكاسيت، فسجّلت خسائر فادحة مع انتشار عمليات القرصنة، فيما عاشت الدراما العربية موسماً باهتاً، من دون إنجازات تذكر


جوائز




للمرة الأولى، انتزعت نانسي عجرم جائزة الـWorld Music Award عن ألبوم «بتفكّر في إيه»، متفوقة على منافستها إليسا. وهذه الأخيرة منحها نقيب الموسيقيين المصريين منير الوسيمي جائزة أفضل مطربة عربية، ضمن حفلة أقامتها للمرة الأولى لجنة جائزة الشرق الأوسط للموسيقى. كما خطف مسلسل «الاجتياح» للتونسي شوقي الماجري الأضواء، عندما فاز للمرة الأولى في تاريخ الدراما العربية بجائزة الـEmmy Award. وفي «الموريكس دور» 2008، اختيرت أصالة أفضل مطربة عربية، وحسين الجسمي أفضل مطرب عربي، ووائل كفوري أفضل مطرب لبناني، وكارول سماحة أفضل مطربة لبنانية...

مهرجانات




مهرجانات 2008 لم تكن عادية: هناك «الأردن» الذي أقيم على أنقاض «جرش» وحظي بدعاية لا مثيل لها بسبب «شبهة التطبيع» التي لاحتقه قبيل انعقاده. ولبنان الذي استعاد عافيته، أطلق بزخم مهرجاناته الدولية الثلاثة («بعلبك»، «بيت الدين»، «بيبلوس») وحفلات كثيرة أخرى. وحاول «قرطاج» استعادة أمجاد الماضي، مع رفع لواء الفنّ التونسي. فيما زخرت مواسم دمشق (عاصمة الثقافة العربية لعام 2008) بحفلات استثنائية ضمّت نجوماً من العالم وفيروز وزياد الرحباني وجوليا ومرسيل خليفة. وهكذا، أحيت أسماء عالمية، ومعهم ماجدة الرومي ونجوى كرم وأنغام وكاظم الساهر وصابر الرباعي وجورج وسوف ووردة وغيرهم، حفلات بيروت والقاهرة والجزائر وتونس وعمان... كما تخلت «روتانا» عن مهرجان «هلا فبراير» الكويتي، لتعلن عن إقامة حدث منافس في الوقت نفسه خلال 2009. وأخيراً، وبسبب الجرائم الإسرائيلية في غزة، أعلن فنانون عن إلغاء حفلات رأس السنة في الأردن وتونس ومصر وبيروت...

البرامج الفنية




قد يصعب الحديث هذا العام عن برنامج فني استطاع أن يحقق نجاحاً كبيراً. في 2008، واصل نيشان تقديم «العراب» على mbc، وختم البرنامج من وسط بيروت مع نجوى كرم وجورج قرداحي، بعيد اتفاق الدوحة. وأطلت وفاء الكيلاني من جديد في «ضد التيار» على «روتانا موسيقى». وبعد حلقات مثيرة مع أحمد فؤاد نجم (قطع البث بعد هجومه على أنظمة عربية)، وجمال البنا وإيناس الدغيدي... استلم مقدمون آخرون دفة الحوار، إثر اضطرار الكيلاني إلى المكوث في المنزل لأسباب صحية. وعادت جومانة بو عيد بقوة إلى «روتانا» مع «كلمة فصل»، واستأنف «تاراتاتا» على «دبي» مع وردة وميادة الحناوي وأصالة... كذلك، قدمت نتالي نعوم «نتالو» على «الجديد»، وأطلت فرقة «حكي نسوان» في «الليلة ليلتك 2» على LBC، وراهنت «المستقبل» على «كاريوكي» و«أجواء» و«وكبرنا»، وقدم طوني خليفة حلقات سجالية من «للنشر» («الجديد»).

إصدارات



على رغم الألبومات الكثيرة التي صدرت في سوق الكاسيت خلال 2008، لم يستطع إلا عدد قليل منها أن يحقق مبيعات مقبولة. حتى أن السياسة التي اعتمدتها شركات الإنتاج الموسيقي، مخفِّضةً سعر الـCD بنسبة تراوح بين 60 و70 في المئة، بهدف تنشيط حركة البيع... لم تحمِ السوق من الخسارات الفادحة التي تسببها عمليات القرصنة. ومن بين أبرز إصدارات 2008: «بعشقك» (راغب علامة)، «كلامك يا حبيبي» (جورج وسوف)، «عم بمزح معك» (نجوى كرم)، «بتفكّر في إيه» (نانسي عجرم)، «حبيبي أنا» (هيفا وهبي)، «يمكن» (عاصي الحلاني)، «علواه» (ملحم زين)، «نص حالة» (أصالة)، «قرب كمان» (تامر حسني)، «كيف القمر؟» (أمل حجازي)، «طعم البيوت» (محمد منير)، «في الكام يوم اللي فاتوا» (لطيفة)، «صور» (كاظم الساهر)، «من ديانا حداد إلى...» (ديانا حداد)، «إنت مني» (يارا)، «أنا والليل» (مروان خوري)، «بتقول إيه؟» (ميريام فارس)، «أيام حياتي» (سميرة سعيد)، «ناويها» (محمد حماقي)... كما عاد كل من عمرو دياب وعاصي الحلاني وصابر الرباعي إلى أحضان «روتانا»، فيما اختارت هيفا «عالم الفن»، وبقي مصير التعاون بين وائل كفوري و«روتانا» معلّقاً حتى إشعار آخر...

قضايا



قد لا يكون مبالغاً القول إن 2008 كانت الأكثر سخونة على صعيد القضايا الفنية. وإن مثّلت جريمة قتل سوزان تميم الحدث الأبرز، لكن قضايا أخرى أثارت اهتمام الرأي العام. وما زالت ملابسات جريمة مقتل هبة العقاد (ابنة الفنانة ليلى غفران) وصديقتها نادين، تمثّل الشغل الشاغل للصحف المصرية. وكان شعبان عبد الرحيم قد دخل في غيبوبة بعد تناوله جرعة زائدة من المخدرات. إلا أنّ شعبولا عزا لاحقاً الوعكة الصحية فقط إلى أزمة صدرية. وملأ نيشان الدنيا بعدما اعتدى عليه مجهولون في الصيف، ما استدعى إجراء عملية جراحية له. كما أُلقي القبض على جورج وسوف في السويد بعد اتهامه بحيازة المخدرات، لكنه سرعان ما بُرّئ من التهمة. وفيما شغلت «فضيحة كان» الرأي العام في العام الماضي، عقد إيلي نحاس، صاحب وكالة Style Modeling Agency، مؤتمراً صحافياً في بيروت، معلناً براءته ومتهماً جهات دولية بالتآمر ضده! وربحت نجوى كرم دعوى القدح والذم التي رفعتها قبل سنوات على مجلة «نادين»، لصاحبها عوني الكعكي ومديرة التحرير آنذاك نضال الأحمدية. وبعدما تمنّعت الأحمدية عن دفع الغرامة المالية، عملت إلهام فريحة على دفع المبلغ، وإنقاذ زميلتها من السجن.

ظواهر ورحيل




ظواهر كثيرة شهدتها الساحة الفنية خلال عام 2008. وبينها، على سبيل المثال لا الحصر، القرارات التي أصدرها نقيب الممثلين المصريين أشرف زكي، والتي أقامت الدنيا ولم تقعدها. وهو كان قد منع أي فنان عربي من العمل في أكثر من عمل مصري واحد في العام، مستثنياً بعض الأسماء. وزكي أثار الجدل لاحقاً عندما أعلن عن استقالته، ثم تراجع عن قراره خلال 24 ساعة. في المقابل، مثّلت استقالة نقيب الفنانين السوريين صباح عبيد مفاجأة كبرى، وخصوصاً أنه كان في السنة الماضية قد أصدر قرارات صارمة أثارت ردود فعل، مثل منع بعض الأسماء من الغناء في سوريا (هيفا وهبي...) أو إيقاف عضوية فنانين سوريين بحجم جورج وسوف وميادة الحناوي. وفي الإطار نفسه، قدمت رولا سعد (عرابة «ستار أكاديمي») استقالتها من LBC، ولحقها المخرج ناصر الفقيه («سوبر ستار» و«لا يمل») وغادر «المستقبل». الوسط الفني شهد أيضاً دخول أكثر من فنانة القفص الذهبي مثل هند صبري التي تزوجت من المصري أحمد الشريف، ونانسي عجرم التي ارتبطت بطبيب الأسنان فادي هاشم، وأمل حجازي التي تزوجت بمحمد بسام. في المقابل، أعلنت نوال الزغبي انفصالها رسمياً عن زوجها إيلي ديب الذي بقي مديراً لأعمالها. وبعيداً من الظواهر، خسر الوسط الفني في 2008، وجوهاً فنية ودرامية بارزة، في مقدمتها الفنانة اللبنانية القديرة ليلى كرم، والممثلة المصرية زيزي مصطفى التي رحلت قبل إنهاء تصوير سلسلة «راجل وست ستات».

نجمة العام



الاسم الأكثر انتشاراً في 2008. المغنية اللبنانية سوزان تميم، لم تستطع بسبب مشاكل جمة عاشتها خلال حياتها الفنية والشخصية، أن تصل إلى الشهرة التي حققتها بعد وفاتها. وفي أواخر تموز (يوليو) الماضي، هزت جريمة مقتلها في شقتها في دبي، الإمارات والعالم العربي. ولم يكد الوسط يستيقظ من الصدمة، حتى جاءت المفاجأة التالية مع اتهام محسن السكري بقتلها، وهشام طلعت مصطفى بالتحريض على القتل والتمويل. ومنذ تلك اللحظة، بدأ الحديث عن وقوع تميم ضحية لعبة المال والجنس والسياسة، وخصوصاً أن طلعت الذي كان على علاقة بها، هو «إمبراطور العقارات» في مصر، وعضو مجلس الشورى، والقيادي في الحزب الحاكم، والمقرّب من النظام. وفيما حظيت أولى جلسات محاكمة المتّهمين باهتمام شعبي وإعلامي، أصدرت محكمة جنايات القاهرة أخيراً قراراً، يحظر أي تغطية لبقية الجلسات.

المشهد الدرامي




2008 سنة درامية باهتة. فيها، واجهت الدراما المصرية أزمة تسويق، فلم تفتح أبواب الخليج لها، وخصوصاً بعد رواج المسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السوريّة، رغم انطلاق فضائيات متخصّصة بالدراما مثل «بانوراما دراما» و«الحياة» و«الحياة مسلسلات»، إضافة إلى قنوات «art حكايات» الثلاث، و«س». وشهدت مسلسلات النجوم في القاهرة تراجعاً، فلم تحرز يسرا («قضية رأي عام»)، أو يحيى الفخراني («شرف فتح الباب») أو حتى نور الشريف («الدالي 2») أي صدى يذكر. كما دخل بعض نجوم السينما مثل شريف منير وغادة عادل ونور ومصطفى شعبان ونيللي كريم وأحمد رزق ميدان المسلسلات. وفي سوريا، بعد احتلاله المراتب الأولى في رمضان 2007، لم يحقق «باب الحارة 3»، النجاح نفسه بعد استبعاد عباس النوري منه. وحاولت مسلسلات البيئة الدمشقيّة الإفادة من نجاح «باب الحارة»، فقدمت أعمالاً لم تحظ بالإقبال، وبينها «بيت جدي» و«أهل الراية» و«الحوت». بينما حقّق مسلسل «ليس سراباً» الذي يتناول موضوع الزواج المختلط، حضوراً. وحده «أسمهان» سجل انتشاراً، نظراً للغموض الذي اكتنف حياة المطربة السورية، والمشاكل التي لاحقت العمل. ودخلت الدراما اللبنانيّة بتواضع ساحة المنافسة الرمضانية، مع «ورود ممزقة» (LBC) و«مجنون ليلى» («المستقبل»). وفيما دخل «المستقبل» بثقله ساحة الدراما المحليّة، بدأت Otv تنسحب شيئاً فشيئاً منها، وتعرض قريباً المسلسل السوري «شركاء يتقاسمون الخراب».

نور ومهند



فجأة، تحولت وجوه غير معروفة إلى نجوم تسطع في الفضاء العربي، وتسحب البساط ربما من تحت أقدام أكبر الأسماء العربية. بدأت القصة عندما قررت mbc خوض مغامرة عرض دراما تركية مدبلجة إلى اللهجة السورية، فما لبثت أن حققت أرقاماً قياسية بنسب المشاهدة.
وبين ليلة وضحاها، أصبحت نور (سونغول أودن) ومهند (كيفانش تاتليتوغ) ويحيى (بولنت إينال) ولميس (توبا بويوكوستن)... أشهر من نارٍ على علم. أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وشغلوا الناس وأرباب الميديا والباحثين وحتى علماء الدين! والقصة لم تنتهِ هنا، قاموا بجولات مكوكية إلى دبي وبيروت والأردن ومصر، وأصبح أجرهم مقابل لقطة إعلانية خيالياً، فيما راح أصحاب الفضائيات يهددون بهم أبرز الممثلين العرب!
حتى الآن، لم يتمكن المتابعون للمشهد الفضائي من تقديم تحليل شاف لسبب انتشار هذه الظاهرة... هل السبب واقع اجتماعي مهزوز نعيشه اليوم؟ أو ربما تصدير هذه المسلسلات لأحلام رومانسية نفتقدها؟ أو حتى احترافيتها في الإخراج والتوليفة العامة؟ الجواب الحاسم لم يظهر بعد، فيما «الحمى التركية» ما زالت منتشرة، على فضائيات أخرى أيضاً.

لقطات



شهد رمضان 2008، ظاهرة تفتح النقاش بشأن مستقبل الدراما وسط القيود التي تفرض عليها. إذ أوقف أكثر من مسلسل: «رياح الخماسين» الذي يروي سيرة معتقل سياسي سابق، منع عرضه على الشاشة السورية، كما منعت mbc من عرض «فنجان الدم» و«أبو ظبي» من «سعدون العواجي»، بحجة أنهما يثيران النعرات الطائفية. وانتقد صناع مسلسل «الفنار» قناة «المنار» بسبب حذف مشاهد بينها مشهد اغتصاب، ووضع أكمام مستعارة على أذرع الممثلات، والاكتفاء بالصوت الغنائي الرجالي في مقدمة العمل. كذلك اعترضت الجماعة الإسلامية في مصر على مسلسل «ناصر»، واتهمت صناعه بتشويه صورة أعضائها. وأيضاً، أبدى الأمن الجنائي في دمشق انزعاجه من إحدى حلقات السلسلة الساخرة «بقعة ضوء».